معظم الأهالي لا يعلّمون أولادهم (فرانس برس)
يعاني تجمع البركسات، المجاور لمخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، جنوب لبنان، من إهمال كبير يؤدي إلى رفع نسبة التسرّب المدرسي وانتشار الأمية بين الأطفال والمراهقين.
تصل نسبة السكان الفلسطينيين في البركسات إلى 90 في المئة تقريباً. وليس في التجمع كلّه أكثر من نسبة ضئيلة من المتعلمين، خصوصاً بين الصغار.
وعن ذلك، يقول الناطق باسم أهالي التجمع، محمد سلطان: "لا إمكانيات لدينا. منطقتنا فقيرة ومهمّشة، وأغلب سكانها عمال بسطاء. ومع وجود نسبة ضئيلة من المتعلمين، لا نستطيع أن نتناقش مع الناس بشكل علمي، لأنّهم يجهلون حقوقهم".
لا يهتم أهالي التجمع بتعليم أبنائهم وبناتهم. فهم يعتبرون أنّ "مصير الصبي إلى مهنة، والبنت إلى بيت زوجها". وتقول ليلى (16 عاماً)، التي تركت المدرسة في الصف الرابع الأساسي، من دون أن تجيد القراءة والكتابة: "لم أكن أحب الذهاب إلى المدرسة، وكنت أتغيّب باستمرار عنها. أمي أيضاً غير متعلمة، ولم أكن أفهم أنا أو هي ما الفائدة من المدرسة". وتضيف: "تركت المدرسة يومها للاعتناء بأمي المريضة ولم أرجع إليها أبداً".
لكنّها تقول: "عندما كبرت، أدركت أهمية التعليم، وأهمية أن تكون الفتاة متعلمة. واليوم أشعر بالضيق عندما أجد فتيات في مثل سني متعلمات، أما أنا فلا أستطيع التمييز بين الحروف. أتمنى أن تنشأ مدرسة متخصصة بمثل حالتي، كي ألتحق بها فوراً".
من جهتها، تقول جميلة (16 عاماً): "تركت المدرسة في الصف الثالث الأساسي. أذكر أنّي كنت أكرهها، وأخاف من المعلمة كثيراً. كانت تصرخ في وجهي دائماً وتؤنبني، خصوصاً أنّي لم أكن متفوقة ولا أعرف القراءة ولا الكتابة. وهو ما تسبب لي بأزمة، لأنّ رفيقاتي في الفصل نفسه كنّ يعرفن القراءة والكتابة. وعندها تركت المدرسة ولم يمانع أهلي". وتتابع: "لكنّي اليوم أبحث عن فرصة أخرى للعودة إلى مقاعد الدراسة والتعلّم مجدداً".
وعن ذلك، يقول سلطان: "معظم التلاميذ الذين تركوا المدرسة كانت المشكلة الأساسية لديهم هي في طريقة التعليم في بعض المدارس وعدم الاهتمام كفاية بهم، ما جعلهم يكرهون المدرسة". ويشير إلى نقطة يجمع عليها الأهالي وهي أنّ المدرسة القريبة المتوافرة مدرّسوها من المسنين، وهو ما يجعلهم يهملون التلاميذ ولو عن غير قصد. كما يقول إنّ "المدرّسين لا يهتمون إلاّ بالتلميذ المتفوّق. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ الكثير من الأهالي يدفعون أولادهم الذكور إلى سوق العمل باكراً، فيما يمنعون بناتهم خصوصاً عن التعليم، بسبب المصروف اليومي الذي تحتاجه الفتاة في مدرستها، على ضآلته، واعتبار البيت أحقّ بمثل هذا المصروف".