اليمين المتطرف حرّض ضد اتفاقية المهاجرين إعلامياً

اليمين المتطرف حرّض ضد اتفاقية المهاجرين إعلامياً

19 يناير 2019
نشر المتطرفون أخباراً مضللة عن المهاجرين واللاجئين (جيسِس ميريدا/Getty)
+ الخط -
يبدو أن اليمين المتطرف يعرف كيفية تنسيق حملاته الإعلامية للتأثير على الرأي العام في قضايا الهجرة. إذ كشف تقرير أعدّه "معهد الحوار الاستراتيجي العالمي"، في مطلع يناير/كانون الثاني الحالي، عن وقوف معارضي الإسلام والنازيين والقوى اليمينية المتطرفة في أوروبا وراء حملة إعلامية موجهة ضد اتفاقية الأمم المتحدة حول المهاجرين.

وكان ممثلو حوالي 150 دولة وقّعوا، في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في مراكش المغربية، ميثاق الأمم المتحدة حول الهجرة، بعد إعلانه شفهياً. ويتضمّن النص غير الملزم الذي يشمل 25 صفحة، مبادئ تتعلق بالدفاع عن حقوق الإنسان والأطفال والاعتراف بالسيادة الوطنية للدول.

ويقترح إجراءات لمساعدة البلدان التي تواجه موجات هجرة، من قبيل تبادل المعلومات والخبرات ودمج المهاجرين، كما ينص على منع الاعتقالات العشوائية في صفوف المهاجرين، وعدم اللجوء إلى إيقافهم سوى كخيار أخير.

وعارضته المجر وبولندا والولايات المتحدة الأميركية وجمهورية التشيك وإسرائيل، وامتنعت 12 دولة عن التصويت، بينها بلجيكا والنمسا وبلغاريا وإيطاليا وليتوانيا ورومانيا وسويسرا، وعربياً امتنع لبنان والجزائر وليبيا.

ووفقاً لدراسة "معهد الحوار الاستراتيجي العالمي"، فإن ناشطين من اليمين المتطرف أداروا الحملة التي رافقت الجدل حول اتفاقية الأمم المتحدة حول المهاجرين. فحتى سبتمبر/أيلول الماضي، لم يكن الكثيرون، لا على المستوى الشعبي ولا السياسي في كثير من دول القارة الأوروبية، يدركون ما يجري من ترتيبات للاتفاقية. إذ في بلجيكا انهارت الحكومة تحت ضغط تلك الحملة، وفي الدنمارك تأثرت المواقف مع موجة تصاعدت على وسائل التواصل الاجتماعي ضد الميثاق.

ووجد الباحثون في المعهد، بعد تتبّع نشاط الحملة المعارضة للميثاق، أنها بدأت في ألمانيا، في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، حيث "تحالف خصوم الإسلام والقوى اليمينية المتطرفة والنازيون الجدد على ضخ وسائل التواصل بمقالات وآراء حول الميثاق". وذكر معدو التقرير من باحثي "الحوار الاستراتيجي" الذي يضم مكاتب عديدة أحدها في العاصمة اللبنانية بيروت، أنه "بينما بالكاد كانت وسائل التواصل والإعلام التقليدية تناقش الميثاق، نشرت هذه القوى تفسيرات مضللة ومشوهة لميثاق الأمم المتحدة حول الهجرة".

وأثرت تلك الحملات المنسقة عملياً على مواقف بعض الوزراء والسياسيين الأوروبيين، ومن بينهم ما حدث في الدنمارك، حيث اضطر رئيس الوزراء إلى السفر بنفسه للتوقيع على الميثاق، بعد استنكاف وزيرين عن ذلك، نتيجة الضغط الهائل الذي ترافق مع الحملة المحذرة على وسائل التواصل اليمينية المتطرفة.



وقالت الباحثة في المعهد، كلو كوليفر، لموقع "ألتينغ" الإخباري الدنماركي، اليوم السبت، بعد صدور نتيجة البحث، إن "الحملة الألمانية هي التي أطلقت السجال في بقية القارة، خصوصا في البيئات اليمينية المتطرفة، فالحملة الفرنسية والهولندية والبلجيكية بلغت ذروتها بداية ديسمبر/كانون الأول الماضي".

الباحثون توصلوا أيضا إلى أن منصات "فيسبوك" و"تويتر" هيمنت على النقاشات التي اختلقها المتطرفون. فيما لعب موقع "يوتيوب" دوراً رئيسياً، "خصوصاً اضطلاعه بدور مهم في نشر معلومات مشوهة وكاذبة داخل البيئة الشعبوية اليمينية المتطرفة". ووجدوا أن "75 من بين 100 شريط فيديو حصل على أعلى نسبة مشاهدة كانت تلك التي أنتجها المتشددون اليمينيون وناشطون معارضون للديمقراطية وناشرو نظرية المؤامرة".

وتأتي أهمية الكشف عن قدرات اليمين المتطرف والقوى النازية على التأثير على الرأي العام تزامناً مع إثارة الجدل في أوروبا حول تأثير الأخبار الزائفة والمضللة على اختيارات الشعوب في أكثر القضايا أهمية، ومن بينها الهجرة والديمقراطية. إذ في الدنمارك أشارت دراسات متخصصة إلى أن 10 في المائة من إجمالي المواطنين يستقون معلوماتهم ويشاركون الأخبار الزائفة، ما دفع سياسيين وخبراء إلى التحذير من أن "الظاهرة ستكون وخيمة النتائج وسامة على الديمقراطية".

وقبل هذا الكشف الذي قدمه "الحوار الاستراتيجي" ثار جدال في كوبنهاغن وبرلين واستوكهولم حول ظاهرة "الحسابات الآلية" (حسابات روبوتات) تخصصت في نشر هائل لمعلومات عن ميثاق الهجرة. وأدى ذلك السجال إلى تحذير جهاز الاستخبارات العسكري الدنماركي من أن "شيئاً ما يجري ويستهدف المتصفحين، حتى لمواقع رسمية، مثل موقع الخارجية ورئاسة الوزراء، للتعليق على ميثاق الهجرة".


المساهمون