اليمن ساحة قتال لمرتزقة الحرب... وللإمارات باع طويل

عدن

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
31 مارس 2018
FFA52A5A-7137-437C-B66C-B668C6AC75BB
+ الخط -
تحوّل اليمن، منذ ثلاث سنوات، إلى ساحة حربٍ وتدخلٍ إقليمي، طاولت آثارها، بدرجة أو بأخرى، أغلب مدنه. في هذه الحرب، ظلّ مصطلح "المرتزقة" يرِد غالباً كمفردة من مفردات التراشق الإعلامي بين الأطراف المتحاربة، وليس تعبيراً عن وجود ملموس، له مناطق تمركُز، حيث تكفلت الكثافة البشرية في هذا البلد، بتوفير بيئة خصبة لمختلف الأطراف للاستقطاب والتجنيد.

ومع ذلك، فإن دخول الإمارات، كثاني أهم دولة في "التحالف العربي"، إلى جانب السعودية، جعل من المرتزقة الأجانب في اليمن، عنواناً بارزاً في وسائل إعلام عالمية ومحافل حقوقية، في مقابل اتهامٍ متكرر من قبل الشرعية و"التحالف" لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) باستقدام خبراء ومقاتلين من إيران و"حزب الله"، وتجنيد نازحين أفارقة.

 "مرتزقة إيران" و"مرتزقة السعودية"

ولا يكاد يمرُّ يوم، في وسائل الإعلام التابعة للحوثيين، من دون استخدام مصطلح "المرتزقة". ووفقاً لرصد "العربي الجديد"، تطلق الجماعة هذا التوصيف على أفراد قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية، وأفراد ما يُعرف بـ"المقاومة الشعبية"، الذين يشاركون في المواجهات ضد مسلحي الحوثي في مختلف الجبهات، منذ ثلاث سنوات. ويقول الحوثيون إن هؤلاء يعملون لصالح التحالف بقيادة السعودية، فيما يصف أنصار الشرعية الحوثيين بأنهم "مرتزقة"، تابعون لإيران.

 




إيرانيون وأفارقة في صفوف الحوثي

من جهتها، تردّد وسائل الإعلام التابعة للشرعية، وأيضاً تلك المحسوبة على دول التحالف، بين حين وآخر، اتهامات للحوثيين، باستخدام خبراء إيرانيين من "الحرس الثوري" و"فيلق القدس"، وكذلك مقاتلين من "حزب الله" اللبناني، للقتال في صفوف الجماعة ضد الشرعية. وبحسب تلك الاتهامات، فإن تواجد الخبراء الإيرانيين يقتصر على محافظة صعدة، شمالي البلاد، حيث يعملون في معامل خاصة لتطوير المتفجرات وصيانة المقاذيف وتدريب المقاتلين.

كما وجّه إعلامُ الشرعية اتهاماتٍ للحوثيين باستخدام مرتزقة من أصول أفريقية للقتال في صفوفهم، خصوصا عندما ترددت أنباء تحدثت عن أن "أنصار الله" جمعت نحو 200 أفريقي في معسكر بمدينة ذمار، لنقلهم إلى الجبهات، أو عندما أعلنت قوات الشرعية في تعز، ضبط أفارقة يقاتلون في صفوف الحوثيين، وهي أنباء ثبت عدم صحتها في وقت لاحق، عندما قالت ذات القوات إنه جرى الإفراج عنهم، بعدما تبين أنهم لاجئون.

وفي شهر فبراير/شباط الماضي، تحدّث تركي المالكي، المتحدث باسم التحالف العربي، عن القبض على طفلين مجندين غير يمنيين، يقل عمرهما عن 15 عاماً، كانا في صفوف الحوثي. وبالنظر إلى طبيعة الحرب الدائرة في اليمن، فإن وجود مقاتلين أفارقة في صفوف الحوثيين، يعود، على الأرجح، إلى استغلال الجماعة نازحين أفارقة، أغلبهم من إثيوبيا، وبعضهم من الصومال، يوجدون في مناطق سيطرتها، إذ من المعروف أن اليمن يؤوي الآلاف من النازحين القادمين من دول القرن الأفريقي، والذين يتخذون من اليمن، في الغالب، معبراً للهجرة إلى بلدان أخرى.

مرتزقة الإمارات

وإذا كان مصطلح "المرتزقة" يطلق غالباً على من يقاتلون في بلد أجنبي لأجل المال، فقد حضر، في الحالة اليمنية، مُرتبطاً بالجانب العسكري الإماراتي، والدور الذي تلعبه أبوظبي في هذا البلد، كثاني أهم دولة في التحالف الذي تقوده السعودية. وهي تتولى واجهة الحضور العسكري للتحالف، في المناطق الجنوبية والشرقية للبلاد.

وقد تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز"، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، عن إرسال الإمارات مئات المرتزقة الكولومبيين سراً للقتال في اليمن.

وكتبت الصحيفة الأميركية أن "وصول 450 جنديا من أميركا اللاتينية، من بينهم جنود من بنما والسلفادور والتشيلي، إلى اليمن، يضيف مكوناً جديداً للتشكيلة الفوضوية من الجيوش الحكومية، القبائل المسلحة، المنظمات والشبكات الإرهابية، والمليشيات اليمنية"، لافتةً إلى أنه جرى اختيار القوات الكولومبية الموجود في اليمن، من لواء يبلغ تعداده حوالي 1800 جندي من أميركا اللاتينية، موجودين في قاعدة عسكرية إماراتية. ومعلوم أن الأمم المتحدة أقرّت، في الرابع من ديسمبر/كانون الأول 1989 "الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم".

ولطالما ارتبط ذكر الإمارات، بتجنيد المرتزقة الأجانب، منذ سنوات، حيث أشارت "نيويورك تايمز"، في التقرير ذاته، إلى أن بناء جيش المرتزقة الأجنبي في الإمارات، كان يُدار سابقاً من قبل مؤسسة "بلاك ووتر"، المرتبطة بمؤسسها إيريك برينس، كما أشارت إلى أن المجندين الأجانب في الإمارت من المرتزقة، يتقاضون من ألفي إلى ثلاثة آلاف دولار أميركي. ونقلت الصحيفة عن ضابطٍ عسكري كولومبي سابق، قوله إن المجندين الذين وُظّفوا في اليمن، سيتلقون مبلغاً إضافياً قدره ألف دولار أسبوعياً. وبحسب تقارير عدة، فإن تجنيد معظم الجنود السابقين في كولومبيا، يتمُّ من قبل شركة "غلوبال انتربرايزس"، وهي شركة كولومبية يديرها قائد العمليات الخاصة السابق، أوسكار غارسيا باتي، وهو قائد لواء القوات الكولومبية في دولة الإمارات.

في السياق ذاته، زعمت وسائل إعلام إيرانية أن "قائد عمليات مرتزقة بلاك ووتر في اليمن، المدعو ماسياس باكنباه، وهو مكسيكي الجنسية، قتل في محافظة تعز جنوبي غرب اليمن"، وذلك في ديسمبر/كانون الأول 2015.

إلى ذلك، نقلت وكالة "فرانس برس"، عن ضابطين سابقين وخبير أمني، في 19 ديسمبر/كانون الأول 2015، أن الإمارات أرسلت سرّاً نحو 300 مرتزق إلى اليمن. وقالت المصادر للوكالة إن "خبرة الجنود الكولومبيين السابقين في قتال المليشيات اليسارية وتجار المخدرات في بلدهم، شجّعت الإمارات على الاستعانة بهم نظراً لقلة خبرة جيشها نسبياً. وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، أفادت تقارير صحافية بأن "الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات"، وجهت رسالة إلى أعضاء البرلمان في كولومبيا، وإلى الرئيس خوان مانويل سانتوس، تؤكد فيها وجود لواء من 1800 مقاتل كولومبي دفعت بهم الإمارات إلى اليمن. وحثّت الحملة السلطات الكولومبية على ضرورة "ملاحقة المرتزقة الكولومبيين الموجودين في اليمن".

وبحسب مواقع إخبارية، فقد تمّ الإعلان، في نوفمبر/تشرين الأول 2017، في العاصمة الفرنسية باريس، خلال مؤتمر صحافي عقدته مجموعة من المحامين والخبراء في القانون الدولي، عن تقديم شكوى جنائية باسم "اللجنة العربية لحقوق الإنسان" أمام مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية، بشأن ارتكاب الإمارات "انتهاكات" عبر استخدامها مرتزقة في اليمن.

ونقلت هذه المواقع، عن محمد جميل، رئيس المنظمة، أنه تمّ التواصل مع البلدان التي ينحدر منها المرتزقة (أستراليا، وكولومبيا، والسلفادور، وبنما، وتشيلي)، وأن منظمته طالبت تلك البلدان بسحب رعاياها من اليمن. ونسبت للمحامي والخبير الدولي في ملفات جرائم الحرب، جوزيف براهام، قوله إن عدم توقيع اليمن والإمارات والسعودية على معاهدة روما، وعدم اعتراف هذه الدول بنظام روما الخاص بالجنائية الدولية، "لا يمنع محاكمتها لوجود ثغرة قانونية سيتمُّ استثمارها في محاكمة الإمارات، بسبب لجوئها إلى مرتزقة يقدر عددهم بما بين 1500 و2000 مرتزق من جنسيات مختلفة، من أستراليا وتشيلي وكولومبيا وبنما والسلفادور وجنوب أفريقيا، وهي بلدان تعترف بالمحكمة الجنائية الدولية.






الساحل الغربي

وباستثناء الساحل الغربي الذي برز فيه الحديث عن "المرتزقة الأجانب" المجندين من قبل الإمارات، خصوصاً في العام الأول للحرب، فإن وجودهم ومهامهم ليست واضحة على وجه الدقة، غير أن القوات الإماراتية يتركز وجودها بشكل عام، في كلٍ من عدن ومحيطها من المحافظات الجنوبية، وصولاً إلى حضرموت في الشرق، بالإضافة إلى القواعد الموجودة في جزر في البحر الأحمر، وجزيرة سقطرى في المحيط الهندي.
وكثيراً ما تحدّث الإعلام التابع للحوثيين وحلفائهم، عن مشاركة "مرتزقة" في الساحل الغربي (ميناء المخا ومديرية ذوباب القريبة من مضيق باب المندب)، يعملون لصالح شركات في "بلاك ووتر"، وغيرها، وأعلنوا عن سقوط قتلى منهم، إلا أنّ الإمارات لم تصدر تعليقاً بالنفي أو التأكيد.
وفي الواقع، فإن المرتزقة، إذا ما كانوا لا يزالون موجودين في اليمن، فإنهم لا يشاركون في العامين الأخيرين على الأقل ميدانياً في الجبهات المعروفة للقتال ضد الحوثيين، وفقاً لإفادة مصادر يمنية في قوات الجيش الموالية للشرعية تحدثت لـ"العربي الجديد"، أكدت أن "القوات الموجودة هي من اليمنيين، وبدرجة ثانية من القوات الإماراتية والسودانية، ثم السعودية". وفي ضوء ذلك، لا يستبعد وجود مرتزقة في أماكن أخرى بمعسكرات تدريبية ومناطق بعيدة عن أنظار السكان. 

 خلفية تاريخية

تتحدث المصادر عن أن أول ظهور لمسمى المرتزقة في اليمن كان في حرب تثبيت النظام الجمهوري بين عامي 1962 و1967، حيث استقدم نظام آل حميد الدين، الذي أطاحت به ثورة سبتمبر/أيلول 1962، والدول الداعمة له، نحو 15 ألف مرتزق أجنبي للقتال في صفوف الملكيين، ضد القوات الجمهورية والجيش المصري المساند لها.

ووفقاً للكاتب المصري محمد حسنين هيكل، فإن الدول المتحالفة مع الملكيين، قامت بـ"اتصالات مع مئات من المرتزقة الأوروبيين الذين يقاتلون إلى جانب الملكيين في اليمن". وتفيد تقارير عن تلك الفترة، بأن الملكيين استجلبوا مرتزقة من فرنسا، بلجيكا، إنكلترا، ألمانيا وأميركا، عددهم 15 ألف مرتزق، ومنهم جيم جونسون، زعيم المرتزقة الأوروبيين، والمرتزق الفرنسي الشهير، بوب دينارد.

ذات صلة

الصورة
مغني الراب الأميركي ماكيلمور يغني في مهرجان سوبربلوم في ميونخ، 4 سبتمبر 2022 (جوشوا سامر/ Getty)

منوعات

ألغى مغني الراب الأميركي ماكليمور حفلاً كان مقرراً أن يُقام في دبي خلال أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، احتجاجاً على "دعم الإمارات لقوات الدعم السريع".
الصورة
من حملة تطعيم سابقة ضد الكوليرا في تعز (عبد الناصر الصديق/الأناضول)

مجتمع

أدت الفيضانات والسيول التي شهدتها اليمن مؤخراً إلى موجة جديدة من وباء الكوليرا، في ظل انهيار القطاع الصحي، وتردي المرافق الطبية.
الصورة
محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي إيران/13 فبراير 2021(Getty)

سياسة

اغتيل رئيس جهاز المباحث في قضاء خاش، حسين بيري، بعد تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلحين، وقد تبنت ذلك جماعة "جيش العدل" البلوشية المعارضة.
الصورة
تتكرر الفيضانات في اليمن (محمد حمود/ Getty)

مجتمع

يواجه اليمنيون مأساة تلو الأخرى، وكان آخرها السيول والفيضانات التي اجتاحت محافظة الحديدة وخلفت قتلى وأضراراً كبيرة.