اليمن: تمديد "ناعم" لرئاسة هادي

اليمن: تمديد "ناعم" لرئاسة هادي

21 فبراير 2014
كان يفترض أن يتحول هادي اليوم الرئيس السابق
+ الخط -

يؤكد كثيرون في اليمن أن سعي الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، للتمديد كان سبباً حيوياً في امتلاء ساحات التغيير في عموم البلاد، بملايين المطالبين برحيله. آنذاك، أدلى أحد قياديي حزبه، أواخر 2010، بتصريح شهير يفصح عن الرغبة في التمديد، أو "قلع العدّاد"، على حد تعبير ذلك المسؤول. لكن بدلاً من "قلع" العداد، تمت الاطاحة بصالح وانتخب عبد ربه منصور هادي رئيساً انتقالياً لعامين بناء على المبادرة الخليجية. وخلال توديع صالح في دار الرئاسية قبل عامين وقف هادي يقول: "أتمنى أنه بعد عامين، أقف في مكان علي عبدالله صالح ويقف الرئيس الجديد مكاني وكل طرف يودع الثاني وهذه هي سنّة الحياة في التغيير". لكن يبدو أن هادي قد نسي هذا التصريح أو تبرأ منه. اليوم، رغم انتهاء ولاية هادي رسمياً، لم يسلّم السلطة إلى رئيس جديد، كما وعد، بل حصل على تمديد ناعم بواسطة وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، والمبعوث الأممي جمال بن عمر، الذي فسّر الفترة الانتقالية الواردة في المبادرة الخليجية بأنها "تنتهي بانتهاء المهام التي قامت من أجلها، وليس بموجب الزمن المحدد في نص الآلية التنفيذية للمبادرة"، القاضي بإجراء انتخابات رئاسية في 21 فبراير/شباط 2014، أي اليوم.

وتتمثل الخشية اليوم في أن يؤدي هذا التمديد لاستسهال الخروج عن روح العملية الديموقراطية في اليمن، من قبل السلطة الجديدة، وإطالة "المهام" الانتقالية من أجل تمديد "الفترة" الرئاسية، وخصوصاً أنّ لا تحديد لمدى زمني للتمديد.
لكن الأهم يبقى أنه، بهذا التمديد، ستكون مشروعية هادي مثار شكوك، مع ما ينطوي عليه هذا الأمر من تعرض موقعه للابتزاز الدائم من قبل القوى السياسية.
وكانت شرعية انتخاب هادي، قد تعرضت للطعن منذ عامين، في المحاكم تحديداً، كونه كان مرشحاً توافقياً لا تنافسياً.
وسبق أن رفع خالد نشوان، وهو أحد الشخصيات التي تقدمت بالترشيح للرئاسة في 2012 ورُفض طلبه، دعوى قضائية إلى المحكمة الدستورية العليا يطعن في مشروعية المرشح الأوحد. وبحسب نَصّ الدعوى، فإن التوافق يلزم الاطراف الموقعة على المبادرة الخليجية بعدم منافسة هادي، لكنه لا يلزم من يرغب في الترشح والمنافسة من خارج دائرة الموقعين، وإلا "فليتم تصحيح التسمية بأنه استفتاء لا انتخاب". أما اليوم، فحتى اللحظة، لم تُقدَّم إلى المحاكم أي دعوى تطعن بمشروعية التمديد لهادي.
المحامي اليمني، هائل سلام، يرى في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه على الرغم من أن المبادرة الخليجية هي التي أتت بهادي، ضمن ما يُسمى "شرعية توافقية" بين أطراف تلك المبادرة، الا ان هادي "آثر اللجوء الى الشعب لاستفتائه حول رئاسته في 2012، وهو ما يعني أنه استمد صلاحياته كرئيس من تفويض الشعب له، ولذلك فإن أي تمديد له لا يكتسب شرعيته الا بتفويض شعبي، ولا سيما أن التفويض السابق ارتبط بمدة محددة ولمهام محددة كذلك". ويضيف، سلام الذي يُعد من مؤيدي الثورة الشبابية، وفقد أحد أبنائه خلالها، أنه "إذا ما صادف (الرئيس) عوائق أعاقته عن انجاز المهام التي فوّض من أجلها، فالواجب تبعاً لذلك أن يتوجه الى الشعب لتوضيح ذلك، وليطلب منه التمديد لمدة إضافية تكفي لإنجاز ما تبقى من تلك المهام". ويخلص إلى اعتبار أن "أي تمديد بغير ذلك لا يعني إلا تمديداً بقوة الأمر الواقع، التي تفتقر للشرعية الشعبية، بطبيعة الحال".
وحول رأيه بقول بن عمر، إن الفترة الانتقالية "هي مهام وليست زمناً"، وأنها تنتهي بانتهاء هذه المهام، يرى سلام أنه "كان يمكن أن يكون ذلك صحيحاً لو لم يلجأ هادي (في 2012) الى استفتاء الشعب وطلب تفويضه".

على المقلب الآخر، يدافع وزير الاعلام اليمني، علي العِمراني، عن التمديد لهادي. ويقول، لـ"العربي الجديد"، إن وثيقة ضمانات تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل تنص على أن جهات ثلاثاً ستقوم على تنفيذ مهام الفترة المقبلة الشاملة لاعداد الدستور والتهيئة للانتخابات وفقاً للوائح الدستور الجديد، ثم إجرائها وهي: الرئاسة والحكومة والمؤسسات التشريعية.
ويضيف العمراني، أنه "بناء على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، فإن ولاية الرئيس تنتهي بتنصيب الرئيس ‏المنتخب وفقاً للدستور الجديد".‏
وعلى الرغم من اقراره بأن الآلية التنفيذية للمبادرة نصت على "زمن" (عامين) مقدَّر لتحقيق مهام المرحلة الانتقالية، إلا أنه يعتبر أن "تنفيذ المهام مقدم على فترة الزمن، طالما حالت عوائق كبيرة وقاهرة عشناها جميعاً من دون إتمام مهام المرحلة في عامين".
وردا على سؤال "العربي الجديد" عما اذا كان يُخشى، وفقاً لهذا التفسير، من أن يتم تمديد فترة إنجاز المهام لإطالة فترة البقاء في السلطة، يجيب العمراني أنه "لا قلق من هذا الأمر، لأن هادي، لو كان يريد، لجدد لنفسه عبر إجراء انتخابات في 21 شباط/فبراير الجاري (اليوم)، ليضمن لنفسه فترة بقاء أربع إلى خمس سنوات، وهو صاحب الحظ الأوفر في الفوز، بطبيعة الحال". لكن هادي، من وجهة وزير الاعلام، يفضل أن "تجرى الانتخابات الرئاسية المقبلة وفقاً للوائح الدستور المقرر صياغته، والذي ستحدد بموجبه آلية الانتخاب ومدة الفترة الرئاسية واختصاصات منصب الرئيس".

 

المساهمون