الولايات المتحدة الأميركية تتحدى "أونروا"

الولايات المتحدة الأميركية تتحدى "أونروا"

سهى أبو شقرا

avata
سهى أبو شقرا

سامي الشامي

avata
سامي الشامي
17 يناير 2018
+ الخط -

قرار الإدارة الأميركية بتخفيض قيمة تبرّعاتها من 125 مليون دولار أميركي خلال عام 2017 المنصرم إلى 60 مليون دولار هذا العام، مع تحديد الأقاليم التي تستفيد من تلك المساعدات، جاء "خبراً مفاجئاً" لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى. هذا ما يؤكده المتحدث الرسمي باسم الوكالة سامي مشعشع، لـ"العربي الجديد"، الذي يرى في الأمر "تهديداً لعمل المؤسسة وخدماتها الإنسانية التي تقدّمها للاجئين الفلسطينيين".

وفي محاولة للتخفيف من الأضرار المتوقّعة والحفاظ على خدماتها التي تقدّمها إلى اللاجئين الفلسطينيين في فلسطين والدول العربية، يوضح مشعشع أنّ "حملة عالمية غير مسبوقة سوف تطلقها الأمم المتحدة خلال الأيام القليلة المقبلة لجمع التبرّعات وسدّ العجز في موازنة أونروا، ومواجهة الأزمة المالية الأكبر في تاريخها منذ تأسيسها في عام 1950، خصوصاً مع تقليص مساهمة الولايات المتحدة الأميركية لعام 2018".

ويشرح مشعشع أنّ "هذا القرار يأتي في أعقاب أزمة مالية عرفتها الوكالة خلال عام 2017 الماضي، وأزمة مالية أخرى تنتظرنا خلال عام 2018 الجاري. بالتالي، فإنّ تقليص المساعدات سوف يزيد الطين بلّة وسوف يجعل عملنا في خدمة خمسة ملايين وتسعمائة ألف لاجئ فلسطيني صعبة". ويقول إنّه "وعلى الرغم من كل الأخبار المقلقة والمفاجئة، فإنّ الوكالة مصمّمة على الاستمرار بخدماتها في مجالاتها كافة"، مشدداً على أنّ "تلك الخدمات ما زالت قائمة والوكالة لم تغلق أبوابها".

ويلفت مشعشع إلى أنّ "الوكالة تدرك أنّ هذا التخفيض يشكّل تحدياً كبيراً للوكالة، ولهذا السبب تطلق حملة دولية لحشد الموارد المالية من كل الدول والأطراف والمؤسسات والصناديق العالمية، لا سيّما البنك الدولي وصندوق التنمية الإسلامي، بالإضافة إلى القطاع الخاص والأفراد". ويشرح أنّ "آلية جمع التبرعات لن تقتصر على الصلات الدبلوماسية أو جمع اشتراكات الدول الأعضاء فحسب، إذ إنّ الخطة الجديدة تقضي بتوسيع الاتصالات وتكثيفها وتسريعها، لا سيّما بعد تقليص الولايات المتحدة حجم مساعداتها للوكالة، في حين أنّ إجمالي المساهمات الأميركية لعام 2017 بلغ 350 مليون دولار". يضيف أنّ "الحملة تحاول إيصال رسالة إلى الجميع بأنّ الوكالة ما زالت موجودة وعلى رأس عملها وسوف تستمر في تقديم خدماتها حتى تُحلّ قضية اللاجئين بطريقة سياسية عادلة ومثلما يرتأي أصحاب القضيّة".

أمام مدرسة للأونروا في مخيم عسكر بالضفة الغربية المحتلة (جعفر اشتيه/ فرانس برس) 

ويوضح مشعشع أنّ "لا سقف زمنياً لحملة التبرعات، وكذلك لن تتوقّف عند رقم محدد"، مشيراً إلى أنّ "الهدف الأساس يكمن في سدّ العجز المالي البالغ 49 مليون دولار من عام 2017. وهو ما يعني أنّنا في حاجة فعلية إلى عشرات ملايين الدولارات لكي نبقي 525 ألف تلميذ وتلميذة على مقاعد الدراسة في 700 مدرسة من مدارس أونروا، وتأمين المساعدات الغذائية الطارئة لملايين اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسورية ولبنان".

وعند سؤاله عن "اختلاف نبرة أونروا اليوم عن سابقاتها"، يؤكد أنّ ملاحظة "العربي الجديد" في محلّها، مشدداً على "التصميم المطلق لضمان استمرارية خدمات أونروا". يكمل أنّ "ثمّة نظرة جديدة أكثر حزماً تتبعها الوكالة في مساعيها العملية لجمع الدعم والتمويل، وذلك رداً على النقص الكبير في المبالغ المتاحة وعدم تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه اللاجئين وقضاياهم الحياتية، الأمر الذي جعلها في موقع المستجدي للدعم الذي يأتي شحيحاً". ويوضح أنّ "آليات الحملة العملية توضع بالاتفاق مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس"، قائلاً إنّ إحدى الخطوات المرتقبة تكمن في زيادة مساهمات الدول الأعضاء لزيادة التمويل، بالإضافة إلى إيجاد متبرّعين جدد.


في السياق، يشرح مشعشع أنّ "ميزانية أونروا المقدّرة بنحو مليار و300 مليون دولار، خسرت 300 مليون دولار تقريباً من المساعدات الأميركية وحدها، والتي بلغت في العام الماضي 350 مليون دولار. يأتي ذلك إلى جانب عدم التزام الدول الأعضاء كافة بسداد مستحقاتها، ما يعني أنّ الوكالة تعمل حالياً وفق ميزانية طوارئ". وعن مساهمات الدول العربية، يقول إنّها لا تزيد عن اثنين في المائة من إجماليّ ميزانية الوكالة، موضحاً أنّ حملة التبرعات الموسّعة لن تستثني تلك الدول.

تجدر الإشارة إلى أنّ وكالة "أونروا" تقدّم خدماتها بحسب ما يقول مشعشع إلى نحو خمسة ملايين وتسعمائة ألف لاجئ فلسطيني في خمسة أقاليم، وهي الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسورية ولبنان. وتشمل 711 مدرسة يتلقّى التعليم فيها أكثر من نصف مليون تلميذ فلسطيني، و143 مركزاً صحياً كبيراً وبرامج إقراضية بعشرات ملايين الدولارات كل عام، إلى جانب خدمات الوكالة الطارئة التي تُخصَّص لها ميزانية خاصة، وهي كذلك تعاني من عجز.

وكان قد صدر صباح هذا اليوم، الأربعاء 17 يناير/ كانون الثاني 2018، بيان عن المفوض العام للأونروا، بيير كرينبول، قال فيه إنّها ليست المرة الأولى التي تواجه وكالة أونروا، مع تاريخها الحافل بالفخر، تحدياً كبيراً للتمسّك بتفويضها والدفاع عنه. فهو (تفويضها) يمثّل "تعبيراً عن إرادة المجتمع الدولي وحفاظاً على الخدمات الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية للاجئي فلسطين". أضاف: "مع أنّ مساهمة الولايات المتحدة الأميركية مهمة، إلا أنّها دون مستوى المساهمات السابقة وبفارق كبير، وهذه المساهمة المقلصة تهدّد أحد أكثر المساعي نجاعة وإبداعاً في مجال التنمية البشرية في منطقة الشرق الأوسط". وأكّد أنّ "هذه المساهمة المقلصة سوف تؤثّر كذلك على الأمن الإقليمي، في وقت يشهد عدداً من المخاطر والتهديدات في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً ذلك الخطر المتمثل في ازدياد التطرّف".

ينتظرن أدوارهنّ في عيادة للأونروا في مخيم النصيرات بغزّة (محمو حمص/ فرانس برس)


وقد دعا كرينبول في بيانه نفسه "كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف والانضمام إلى الأونروا في رسالتها للاجئي فلسطين، بأنّ حقوقهم ومستقبلهم يحظيان بقدر كبير من الأهمية". كذلك دعا "شركاءنا في الدول المضيفة والمانحين إلى الالتفاف تأييداً للوكالة والانضمام إليها في خلق مبادرات وتحالفات تمويل جديدة لضمان أن يستمر التلاميذ من اللاجئين الفلسطينيين في الحصول على التعليم في مدارس الوكالة والحفاظ على كرامة لاجئي فلسطين وأطفالهم وعائلاتهم من خلال جميع خدماتنا". ووجّه دعوة إلى "جميع الأشخاص ذوي الإرادة الطيبة في كل مكان في العالم حيث تتجلى الشراكة والتضامن مع لاجئي فلسطين، إلى للانضمام إلينا والاستجابة لهذه الأزمة عبر#تبرع_للأونروا لضمان أن يتمكن الفتيان والفتيات من لاجئي فلسطين من الاستمرار أقوياء".

وخاطب كرينبول تلاميذ المدارس في كل مخيمات اللاجئين، مؤكداً "أننا نعمل بتصميم مطلق لضمان استمرارية خدمات الأونروا، وأنّ أبواب المدارس ستبقى مفتوحة حتى تتمكنوا من الحصول على التعليم الذي تقدّرونه عالياً ولتكونوا على ثقة بأنّكم تمتلكون مستقبلكم". أمّا "جميع المرضى في عياداتنا والمنتفعين من الخدمات الاجتماعية والإغاثية ومن برنامج التمويل الصغير وكل أشكال الدعم الأخرى" فبشّرهم قائلاً "سوف تتلقون الرعاية والمساعدة اللتَين هما من حقكم".

إلى ذلك، طمأن من خلال البيان نفسه نحو 30 ألفاً من موظفي الأونروا الدائمين والمتمرسين من الأطباء والممرضين والممرضات ومديري المدارس والمعلمين والمعلمات وموظفي الحراسة وعمال النظافة وموظفي الدعم النفسي والاجتماعي وموظفي الإدارة ووحدات الدعم، إذ قال لهم أن يستمروا في العمل من مواقعهم لخدمة المجتمع بالعزيمة نفسها التي طالما ميّزتهم وبالإصرار نفسه. أضاف: "هذه لحظة للتلاحم الداخلي والتضامن في ما بيننا. هذه أوقات صعبة لكنّنا سوف نبذل كل ما في وسعنا وطاقتنا لحمايتكم".

ذات صلة

الصورة
معرض

منوعات

شهدت مدينة أوتريخت الهولندية، أمس الأحد، عرض 14 ألف حذاء لطفل بغرض لفت الأنظار إلى شهداء قطاع غزة من الأطفال الذين سقطوا على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة
الدكتورة فيحاء عبد الهادي خلال حديثها لـ"العربي الجديد"

سياسة

تروي الباحثة الفلسطينية الدكتورة فيحاء عبد الهادي، في مقابلة مع "العربي الجديد" من الدوحة، فصولاً من سيرة المرأة الفلسطينية، وهي المتخصصة في هذا الشأن.
الصورة
تعلّق جهات إغاثية عملها في قطاع غزة بسبب الفلتان الأمني

تحقيقات

يعمّق الاحتلال الإسرائيلي من حالة الجوع بغزة، عبر غضّ النظر عن عصابات نهب المساعدات التي تعمل بالقرب من نقاط تمركزه وأمام قناصته
الصورة
فلسطينيون يؤكدون تصديهم لمحاولات إنهاء عمل أونروا (العربي الجديد)

مجتمع

ندد العشرات من أهالي مخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين بقرار 18 دولة تعليق تمويل الوكالة، معتبرين أنه يهدف إلى شطب دورها وشطب حق العودة.