عاش إقليم الباسك في إسبانيا أياماً عصيبة للغاية، بعدما توفي أحد رجال الشرطة على إثر ذبحة قلبية تعرض لها حين كان يحاول فضّ إشكالٍ حصل بين جماهير نادي أثلتيك بلباو ومناصرين لنادي سبارتاك موسكو الروسي في إياب دور الـ32 من مسابقة الدوري الأوروبي.
وزحف حوالي 200 مشجع روسي متعصبين من "الهوليغانز" إلى إقليم الباسك، وتجمعوا قبل ساعات أمام ملعب "سان ماميس" وهناك حصلت مواجهات مع أبناء المدينة واستُعملت خلالها الشماريخ والألعاب النارية، ما أدى إلى وقوف رجال الشرطة في المنتصف للفصل بين المتنازعين، وألقي القبض على البعض لكن النكبة كانت في نهاية الأمر وفاة الشرطي.
وهنا يطرح البعض تساؤلاً مهماً للغاية، كيف سيكون الوضع في روسيا خلال كأس العالم 2018؟ وكيف سيتم التعامل مع المشجعين المتعصبين وتحديداً أبناء البلد أي الهوليغانز الذين أينما حلوا يسببون مشاكل جمّة.
تخوفٌ كبير
من دون شك هناك تخوفٌ كبير من جماهير المنتخبات الأخرى لا سيما الذين سيتواجدون بمجموعة روسيا في مونديال 2018، فالجميع يعلم أن التعصّب الكروي الروسي بين الأندية والجماهير استفحل إلى حدودٍ لا تطاق في بعض الأوقات، وكثيرٌ من لقاءات الديربي بين الأندية الكبيرة تشهد نزاعاتٍ ومشاكل وعمليات ضرب.
ويخشى الجميع أن يشهد كأس العالم في روسيا أحداثاً مماثلة لما جرى في يورو 2016 التي أقيمت في فرنسا وتحديداً ما قام به المشجعون الروس. وبالعودة إلى تلك النسخة التي توجت بلقبها البرتغال في النهائي على حساب أصحاب الأرض، عانت الشرطة الفرنسية الأمرّين لضبط عمليات الشغب التي كانت تدور في الساحات، مع العلم أن المهمة الأساسية كانت يومها حفظ الأمن من أيّ تفجيرٍ إرهابي.
عن التسمية
استخدمت كلمة "هوليغانز" لأول مرة في تاريخ كرة القدم عام 1894 وهي تعني تحديداً التعصب الرياضي، وتزداد في أماكن معينة من العالم وتنخفض في بلدانٍ أخرى نسبة للبيئة التي تنمو فيها والأجواء التي تحيط بها.
فمثلاً الصحافة وعناوينها تلعب دوراً كبيراً في رفع مستوى العنف أو خفضه بين الجماهير وحتى تصريحات رؤساء الأندية أو المدربين واللاعبين، إضافة إلى أن الأخطاء التحكيمية تشكل أحياناً مشكلة للجماهير وترفع حدّة غضبها، لا سيما الشباب منها.
في الوقت الحالي وفي ظل تسارع قوة ورقعة مواقع التواصل الاجتماعي بات من السهل على تامشجعين المتعصبين الالتقاء فيما بينهم وتشكيل مجموعات منظمة بشعارات موحدة وحضور المباريات وتخريبها.
تكمن المشكلة الحقيقية لدى "الهوليغانز" في أنهم مستعدون لإيقاف أي مباراة وإيذاء جماهير الخصم واللاعبين وشتمهم وحتى ضربهم والتسبب في قتلهم ببعض الأوقات.
وتزداد نسبة التعصب كلّما تعلق الأمر بالوطن أو المدينة أو الإقليم على سبيل المثال أو زعامة منطقة معينة، وهذا الأمر مستشرٍ للغاية بين جماهير سبارتاك موسكو وسيسكا موسكو ولوكوموتيف موسكو، وبالتالي فإن "أولتراس" هذه الأندية وبقية الفرق في روسيا سيتجمعون تحت لواءٍ واحد وهو "المنتخب" لتشجيعه في المونديال، ومن دون شك قد تكون نسبة تقبلهم للخسارة أو حتى الخروج ربما من الدور الأول مبالغاً فيها، بالتالي فإن هذا الأمر يرخي بظلاله قبل انطلاق البطولة بعدة أشهر.
أسباب سياسية – رياضية
ما حصل عام 2016 في يورو فرنسا بين الجماهير الروسية والإنكليزية يعود لعدة أسباب، نذكر منها أن الصحافة الإنكليزية هاجمت بشدة ملف استضافة روسيا لمونديال 2018، وذلك بسبب رغبة بريطانيا في أن تكون البلد المنظم.
الأمر في الوقت الحالي قد يبدو للبعض عادياً، لكن في الحقيقة سترخي السياسة العالمية بظلالها على "الهوليغانز" الروس تحديداً، إذ يعلم الجميع أن هناك دولاً لا توافق على سياسة البلاد والرئيس فلاديمير بوتين في العديد من المناطق وأهمها الحرب على سورية، والتسبب في قتل المئات من الأبرياء هناك، وبالتالي هذا الأمر قد يؤدي إلى صدامات بين مناصري بعض المنتخبات والسكان المحليين الذين قد يصبحون عدائيين إلى أبعد الحدود إذ ما تعلق الأمر ببلدهم.
تدريبات عسكرية
تشير العديد من التقارير حول العالم إلى أن الهوليغانز الروس يخضعون لتدريبات كالعسكريين، وهم مجموعات منظمة إلى أبعد الحدود، جرى تدريبهم للدخول في أي معركة، ففي وقت سابق أكد بعض النقاد أن هؤلاء المشجعين هم نسخة عن السياسة الخارجية لروسيا، وذلك بهدف بسط نفوذهم أينما حلوا، فكيف إذا كان الحدث على أرضهم؟
يقول رونان إيفان، الخبير الروسي المهتّم بالشؤون السياسية والمتخصص في المشجعين الروس: "هم أشخاصٌ يعشقون العنف، ويعتبرون أن ما يفعلونه يندرج تحت عنوان الرياضة، تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة، وهم متدربون على ذلك ومنظمون بشكلٍ محيّر، وكل مجموعة لديها اسم مثلاً (أورل بوتشار) ينتمون لفريق لوكوموتيف موسكو".
هذا الحديث كان قد أدلى به إيفان في عام 2016 لصحيفة "ليكيب" الفرنسية خلال بطولة اليورو، حينها أكد على مصطلحٍ مهم ذكرناه سابقاً ألا وهو "مدربون ومنظمون" وذلك بقوله: "أكدت تلك المجموعات أنها متدربة بطريقة محترفة، تظهر مجموعة أولى لمدة قصيرة لا تتجاوز 30 ثانية، يعتدون على المشجعين الإنكليز، ثم يختفون ليظهر آخرون، يكررون ذات الأمر توالياً".