كثّف نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، خلال الأشهر الماضية، من حصاره لحي برزة المتربع على الكتف الشمالية للعاصمة السورية دمشق، رغم توقيع فصائل المعارضة على ما يسميها النظام "مصالحة" منذ نحو العام ونصف العام.
وكانت القوات النظامية زادت من تحصيناتها على أبواب حي برزة، في بداية الشهر الماضي، عبر وضع يدها على عدد من الأبنية السكنية وتحويلها إلى دشم عسكرية، إضافة إلى نشر القناصة، وألحقت هذه الإجراءات بمنع إدخال المواد الغذائية والطبية، في حين أبقت الطريق مفتوحا أمام المدنيين والسيارات بالجهتين.
وفي هذا السياق، أوضح الناشط الإعلامي عدنان الدمشقي، لـ"العربي الجديد" من داخل حي برزة، أنّه "إلى اليوم لا يوجد سبب مقنع يتحجج به النظام، لحصار المدنيين في برزة بلقمة عيشهم، ولكن السبب المتوقع الآن أن هدنة برزة لم تكن مناسبة لهم، فسلموا الملف لعلي مملوك (مدير مكتب الأمن الوطني)، وهو يريد أن يجعل من برزة معضمية ثانية، ويريد تسليم السلاح الثقيل وتسوية وضع 150 شخصا".
اقرأ أيضاً سورية: هدنة حيّ برزة الدمشقي مهدّدة بالانهيار
وعن احتمال تجدد المواجهات المسلحة مع النظام، قال "كل الفصائل في برزة جاهزة لأي خيار، في حال لم يتم فك الحصار"، مستبعدا أن "يقدم النظام على إشعال جبهة برزة، بالتزامن مع جبهة جوبر، حيث يخوض مواجهات صعبة جدا ويتعرض لضربات فيها".
كما أشار إلى أن "النظام أبدى استعداده لفتح الطريق، ولكن بشروط لم تناسب أهالي برزة، كأن يدخل مواد غذائية وطبية وألبسة وخضراوات وغيرها من الاحتياجات لـ90 ألف نسمة، في حين يعيش في الحي أكثر من 200 ألف نسمة".
والشرط الثاني هو "إيقاف أعمال سيارات النقل الصغيرة، وهذا الأمر يسبب الضرر لأكثر من 150 عائلة تعتاش من ريعها، بهدف حصر كميات المواد الغذائية الداخلة إلى البلدة، في حين سيؤدي الأمر إلى حدوث ارتفاعات جنونية في الأسعار، بينما يعاني أهالي برزة كمعظم السوريين من فقر مدقع".
اقرأ أيضا: الغوطة الشرقيّة تغرّد خارج سرب الهدن "المذلة"
وكان النظام قد تمكّن، في بداية عام 2014، من عقد هدنة مع الفصائل المسلحة المسيطرة على برزة، تنص على وقف إطلاق النار، وإدخال مواد غذائية وطبية، وفتح طرقات أمام المدنيين، وإعادة الخدمات للبلد، وإطلاق سراح أبنائها المعتقلين، إلا أن النظام لم يطلق سراح أي من المعتقلين، بل حدثت عدة حالات اعتقال على حواجز القوات النظامية على مدخل الحي.
يشار إلى أن النظام يمارس السياسة عينها، في جميع مناطق "المصالحات" من المعضمية في الغوطة الغربية إلى ببيلا ويلدا في جنوبها، حيث يعمد في كل مرة إلى ابتزاز الأهالي، إما عبر إجبار أبناء تلك المناطق على إجراء تسوية مع النظام، وإما مطالبتهم بتسليم كميات ونوعيات من الأسلحة، مقابل إدخال مواد غذائية قد تقيهم الموت جوعاً، كما حدث سابقاً.
اقرأ أيضاً رواية إعدام المهندسين النوويين الخمسة: النظام السوري متورط جداً