النظافة الزائدة تهدّد صحّة الأطفال

النظافة الزائدة تهدّد صحّة الأطفال

27 يونيو 2016
اللعب بالوحل متعة لدى الأطفال (Getty)
+ الخط -
يشعر الأهل بمسؤولية كبيرة بخصوص المحافظة على نظافة أطفالهم، حرصاً منهم على حماية صحتهم من أمراض عديدة لا حصر لها. مع ذلك، فإنّ النظافة الزائدة التي يعتمدها كثيرون قد تسيء إلى صحّة الأطفال أكثر ممّا تحميها.

تدعو طبيبة الأعصاب، الدكتورة مايا شيتريت كلين، في كتابها الجديد "ذا ديرت كيور" حول الغذاء الصحّي والأمعاء الصحية والطفل السعيد، إلى نمط حياة لا يخلو من لعب الأطفال بالتربة وملامسة الميكروبات الموجودة فيها، بهدف منع المشاكل الصحية المبكرة لديهم. تقول كلين إنّنا نعقّم الأطفال وكلّ ما يتصل بهم بأدوات التنظيف والمبيدات والمضادات الحيوية، في وقت أظهرت فيه بحوث جديدة أنّ الأطفال الذين تعرّضوا لمواد التنظيف الكيميائية، أكثر عرضة لالتقاط العدوى والأمراض من غيرهم. ومن تلك الأمراض الإنفلونزا. تضيف أنّ الميكروبات، وتناول المواد الغذائية الطازجة المأخوذة من تربة صحيّة، وقضاء وقت في الطبيعة، كلّها أمور تحسّن صحّة الأطفال بشكل كبير. كما أنّ لوجود الأطفال بالقرب من الغابات واللعب في أجوائها تأثيراً إيجابياً كبيراً على الصحّة لا يمكن إيجاده في أي دواء.

وعن خصائص جهاز المناعة الصحي الذي تتحدث عنه، تقول كلين إنّه يحافظ على صحّة الأطفال كلّما التقى بكائنات حيّة ومركّبات مختلفة في طعامهم، ويتحوّل إلى مهاجمة الطعام في الأمعاء وما يحيط بها حين تنخفض نسبة الكائنات الحية والمركبات فيها. تتحدث كلين في كتابها عن أهمية ترك أطفالنا يلعبون بالتربة. وتلفت إلى أنّ ملعقة من التراب تحتوي على ميكروبات قد توازي سكّان كوكب الأرض، مشيرة إلى أهمية هذا التنوّع البيولوجي وتأثيره الكبير على أدمغتنا وأنظمة المناعة لدينا وأمعائنا.

تشير البحوث العلمية، بحسب كلين، إلى أنّ الأطفال الذين ينشأون في المزارع أقل عرضة لمشاكل الحساسية والربو، ليس نتيجة لوجود المزيد من البكتيريا، لكن بسبب تعرّضهم للتنوع البيولوجي للبكتيريا الموجودة في التربة. وفي هذا الإطار تقول إنّ تعرّض الأطفال المبكر لتلك الميكروبات الموجودة في التربة، يمكن أن يساعد في الحماية من أمراض الطفولة الشائعة. لذلك تقترح كلين تناول الطعام المزروع في بيئة عضوية وتربة غنية بالميكروبات، ومساعدة الأطفال على قضاء وقت أكثر في الخارج، وتشجيعهم على اللعب في التراب والوحل وتناول قضمة منه حتى من دون الشعور بالخوف.

تتحدّث كلين عن تجربتها الشخصية في تبديل نمط حياتها، وتقول إنّها لم تتعلّم الكثير عن أمور التغذية في مجال اختصاصها كطبيبة أعصاب. لكنّ إصابة ابنها بمشاكل صحيّة غامضة وهو في عامه الأوّل، جعلها تقرّر اكتشاف المزيد عن شؤون التغذية، وكيفية تأثيرها ليس فقط على أجسادنا بل على أدمغتنا أيضاً. تروي كلين، عن إصابة ابنها بالربو، ومشاكل أخرى في التنفس. وقد استمرت معاناته مع هذه المشاكل 10 أشهر على التوالي. تشير إلى أنّه كان من أولئك الأطفال الذين يتكلمون باكراً، لكنّه توقّف عن تعلّم كلمات جديدة وبدأ بالتراجع.
وصف له الأطباء مزيجاً من المنشطات والأدوية التي بالكاد ساعدته. وتبيّن بعد اختبار بسيط للحساسية أنّه يعاني من حساسية الصويا بشدة، مما يؤثّر على وظائف الدماغ لديه.

تحسّن ابنها بشكل كبير بعد ثلاثة أيام فقط من إزالة كلّ أشكال الصويا من نظامه الغذائي، وتخلّص من مشاكل الربو بحسب كلين. تتابع أنّ تلك التجربة علّمتها مدى تأثير الطعام ونظام حياتنا على صحة جسدنا ودماغنا، لذلك باتت تمضي وقتاً أطول مع أطفالها في الطبيعة.

أمّا موريس (54 عاماً)، وهو مواطن بريطاني، وأب لمراهقتين، فيقول إنّ عدم التمادي في النظافة قد يكون صحيحاً. لكنّه عانى من إهمال زوجته لمختلف معايير النظافة، مما أثّر سلباً على صحّتهم جميعاً في المنزل. يضيف أنّ مفهوم النظافة يختلف عن السماح للأطفال بأن يلعبوا في الطبيعة، التي تقوّي نظام المناعة لديهم. أمّا النظافة داخل البيت فضرورية وهامّة برأيه.

المساهمون