النزاع التركي اليوناني أبعد من التنقيب عن الغاز

النزاع التركي اليوناني أبعد من التنقيب عن الغاز

12 اغسطس 2020
يثير مسار النزاع قلق الاتحاد الأوروبي (Getty)
+ الخط -

تصاعد الخلاف مجدداً بين تركيا واليونان بشأن احتياطات الغاز الطبيعي المحتملة في شرق البحر المتوسط، بعد أن عادت أنقرة، مطلع هذا الأسبوع، لتعلن عن توجه سفينة أبحاث تركية لإجراء مسح لعمليات التنقيب عن النفط في مناطق بحرية تعتبرها أثينا ضمن مياهها الإقليمية.

ويزعج مسار النزاع بين البلدين الحليفين في حلف شمال الأطلسي، بروكسل، إذ وصفته المفوضية الأوروبية بـالـ"مقلق للغاية"، وهذا ما دفع بروكسل لتحديد موعد بعد غد الجمعة لاجتماع طارئ عبر تقنية "الفيديو"  لوزراء الخارجية الأوروبيين.

وفي هذا الإطار، ذكرت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، اليوم الأربعاء، أن هذا الواقع يؤرق الاتحاد الأوروبي، بشكل بات يحتّم ممارسة الضغط من أجل منع نشوب نزاع عسكري. وبينت تقارير إعلامية أن الاتحاد الأوروبي وجّه رسالة واضحة إلى أنقرة بشأن التطورات الأخيرة، ومفادها بأن المزيد من التصعيد ليس حلاً لمشاكل المنطقة، ويؤدي فقط إلى صراعات كبيرة وانعدام الثقة، والمطلوب التوصل إلى حل وفق القوانين الدولية.

وتبقى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار واضحة بخصوص تداخل المناطق الاقتصادية بين الدول، وفق ما يؤكد محامون دوليون لشبكة "إيه آر دي" الألمانية، إذ تنصّ في هذا الإطار على مفاوضات إلزامية.

في غضون ذلك، رأى شتيفان رول، رئيس مجموعة أبحاث الشرق الأدنى والأوسط وأفريقيا في مؤسسة العلوم والسياسة، وهي مؤسسة فكرية ألمانية تهتم بالأمن والسياسة الدولية، في مقابلة مع "دويتشه فيله" الألمانية، أن الصراع يتخذ بعدا أكبر، على اعتبار أن "مصر أيضا متورطة"، مبرزا أن توقيع أثينا الأسبوع الماضي مع القاهرة اتفاقية حددت فيها الدولتان مناطقهما الاقتصادية الخالصة في شرق المتوسط، دفع بتركيا لوصف الاتفاقية بأنها "عملية قرصنة"، واغتنمتها فرصة لاستئناف عمليات المسح التي أوقفها أردوغان بعد وساطة ميركل والاتحاد الأوروبي، معتبرا أن الصراع الأوسع يتثمل بالنزاع الأكثر جوهرية بين مصر وتركيا، ويتم خوضه في ليبيا، وليس فقط حول احتياطات الغاز الطبيعي والمناطق الاقتصادية.

 

 

وأضاف أن سرعة توقيع الاتفاق الآن بين اليونان ومصر سببها المباشر الاتفاقية الموقعة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019  بين تركيا وليبيا بخصوص المنطقة الاقتصادية، وهو ما اعتبرته في حينها كل من القاهرة وأثينا انتهاكاً جسيماً لمصالحهما، ليشير إلى أن الاتفاقية التي صيغت بسرعة بين القاهرة وأثينا، يمكن وصفها بالجزئية، لأنها لم تأخذ بعين الاعتبار المناطق البحرية الواقعة شرق جزيرة رودس إلى جزيرة كاستيلوريزو الواقعة في أقصى شرق اليونان، والتفاصيل ما زالت قيد التفاوض.

لكنه رغم ذلك رأى أن الأطراف الثلاثة لا تبحث عن صراع مسلّح، لأن النتائج ستكون مفتوحة على جميع الاحتمالات. كذلك يلفت رول إلى أن "التوتر بين مصر وتركيا موجود أساساً، وسببه الغاز أيضاً، إذ تقوم مصر بتطوير عملها ضمن استراتيجية الطاقة المصرية لتصدير الغاز على نطاق أوسع، كما لا ينبغي أن نغفل الصراع السياسي، والذي يعود إلى العام 2013 بعد حصول الانقلاب العسكري في مصر ضد الرئيس محمد مرسي".

وعن الدور الأميركي، اعتبر رول أن العلاقة الأميركية مع مصر ليست كما كانت سابقاً لأن الأخيرة اشترت أنظمة تسلح روسية، وتصرفت كأنقرة ضد إرادة الولايات المتحدة، ومن ثم "فإن الجميع يلعبون لعبتهم الخاصة ولا يلتزمون بهياكل التحالفات التقليدية"، وفق تعبيره.

وعلى ضوء ما تقدم، يعول رول على دور الوساطة الألمانية بصفتها دولة مقبولة من الجميع، وليست لديها مصالح في هذه المنطقة، إنما يبقى السؤال حول ما إذا كان لألمانيا وزن كافٍ لتحقيق النتائج، مستشهداً بما حصل بعد مؤتمر برلين حيال ليبيا، إذ لم تتمكن الأخيرة من التأثير على الأطراف المتنازعة للحفاظ على الاتفاق.

تجدر الإشارة إلى أن الاعتراض اليوناني والقبرصي يلقى تأييدا في أوروبا، حتى إن الرئيس الفرنسي طالب أخيراً بفرض عقوبات أوروبية على أنقرة، في حين كان للمستشارة أنجيلا ميركل دخول مباشر على خط الأزمة، في مرحلة سابقة، وأدارت اتصالاتها مع الجانبين اليوناني والتركي، والتي دفعت بأردوغان لوقف تلك الأنشطة وسحب اليونان لسفنها الحربية، بعد أن كانت قد وضعت في حالة تأهب قصوى.