Skip to main content
المياومون العرب.. رواتب هزيلة وغياب للضمانات الاجتماعية
أحمد مدياني
المياومون العرب عمال من زمن الاستعباد (أرشيف)
لا نقابة تمثلهم، ولا تغطية اجتماعية وصحية وقانونية تعترف بانتمائهم لمجموع القوى العاملة. همهم البحث عن أكثر ساعات عمل ممكنة في اليوم، عكس من يبحثون عن تقليصها. هم المياومون العرب، نساء ورجال، يتقاضون أجرهم عن كل يوم عمل، والذي لا يتجاوز في المتوسط بحسب تقارير مختلفة 7 دولارات في اليوم الواحد، أي بمعدل 210 دولاراً في الشهر، إذا ما ضمن المياومون العمل طيلة أيام الشهر، وهو الشيء الذي يصعب تحقيقه بسبب موسمية الحاجة إليهم، خاصة العاملين منهم في المجال الزراعي.

ويقول عضو المجلس الإداري لمنظمة العمل الدولية ميلودي مخارق، إن هذه الأخيرة وبشراكة مع منظمة العمل العربية، عملت على إعلان برنامج "شغل لائق" قبل 4 سنوات، يتضمن تحسين ظروف اشتغال المياومين العرب، على اعتبار أنهم فئة من القوى العاملة العربية، على الرغم من انعدام إمكانات التمثيلية لديهم في العديد من المؤسسات المدافعة عن حقوقهم.

ويكشف مخارق لـ"العربي الجديد"، أن دول الاتحاد الأوروبي استطاعت بحسب التقارير وزيارات خبراء منظمة العمل الدولية، قطع أشواط طويلة لصالح المياومين، خاصة في ما يتعلق بالتغطية الاجتماعية والصحية، ولكن للأسف، بحسب تعبيره، لم تقدم الحكومات العربية، طيلة الأربع سنوات على إطلاق برنامج "شغل لائق"، أي مكتسبات لهذه الشريحة الواسعة من السكان النشيطين خارج الترسيم المهني.

ويحمل المتحدث ذاته، المسؤولية كذلك للشركات التي أصبحت اليوم تبحث عن التملص من مسؤولياتها الاجتماعية تجاه العمال، بل اعتبر أن الذي يعملون بعقود عمل مؤقتة اليوم، يعدون مياومين بصيغة أخرى، لأن الشركة تستطيع تسريحهم في أي وقت تشاء، من دون أن يترتب عن ذلك مساءلتها قانونياً.

ويتركز النشاط المهني للمياومين في الدول العربية أساساً، في أشغال البناء والكهرباء والعمل في الحقول الزراعية، نظراً للطبيعة الموسمية لهذا النوع من الأنشطة. ففي اليمن، ومنذ سنة 2010 بحسب تقارير رسمية، توقفت الحكومة عن صرف مستحقات المقاولين والمديريات العاملة في مجال البناء والعقار، وهو القطاع الذي يشغل قسماً كبيراً من المياومين في اليمن، ما جعل أوضاعهم تتأزم، ومدخولهم الشهري يقل، وهو الذي لا يتجاوز ما بين 10 و14 دولاراً عن يوم عمل كامل.

وحال من يحمل صفة عامل مياوم في سورية أكثر مأساوية من بقية الدول العربية. فحسب تقارير إعلامية، تحول عدد كبير من العمال إلى مياومين. كما أن المياومين الذين كانوا يعملون في معمل "طرطوس" للإسمنت مثلاً، وعددهم نحو 140 عاملاً، قضوا ما بين 5 و15 سنة من الخدمة، (تحولوا) إلى جنود في جيش النظام السوري قسراً، وكأن نظام بشار يساوم بقاءه بحياتهم.

ولم تشفع الظروف الاجتماعية والاقتصادية القاسية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، للمعلمين المياومين داخل مدارس "الأونروا"، حيث يخوضون منذ أشهر أشكالاً احتجاجية مختلفة لتوظيفهم بعد قضاء خمس سنوات من الخدمة. بل أقدمت "الأونروا" على فسخ عقود مجموعة من المياومين قبل انتهاء مدتها، تحت ذريعة وجود أزمة مالية تعاني منها مؤسسة غوث اللاجئين، وعدم قدرتها على تحمل الأعباء المتراكمة بسبب ارتفاع أعداد اللاجئين في المنطقة.

وفي العراق، منح مجلس الوزراء العام الماضي الإمكانية لمجالس البلديات بتشغيل المياومين، بحسب حاجتها إليهم، بل تم إقرار شرط اللجوء إلى خدمات المياومين العراقيين، بتوقيع هؤلاء على صك تخليهم عن حقهم في التوظيف مستقبلاً مهما طالت مدة خدمتهم في العمل.

وبحسب دراسة نشرها المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين في لبنان، أظهرت أن أعداد المياومين قفز إلى ضعفي ونصف ضعف عدد الموظفين الدائمين في مجموعة من المؤسسات العامة. وقدمت الدراسة مجموعة من الأرقام التي تظهر بجلاء هذه الوضعية، حيث ذكرت أن مؤسسة كهرباء لبنان تشغل عدداً ضخماً من المياومين من أصل عدد العاملين فيها.

من جهته يرى الأمين العام للاتحاد العمالي غسان غصن في تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن ظروف عمل المياومين في الدول العربية لا ترتقي إلى أبسط شروط العمل اللائق. بل هناك تقارير تؤكد تحايل الجهات سواء حكومية أو خاصة على هذه الشريحة، من أجل استمرارها على نفس الوضعية، وعدم استفادتها من حقوقها، وعلى رأسها حق التوظيف وضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

ويقول المتحدث ذاته، رداً على سؤال "العربي الجديد" حول هزالة أجور المياومين وقيمتها في اليوم، إن "معركة المياومين لا يهم فيها الأجر بالدرجة الأولى". ويوضح أن الأجر يلامس مثلاً في لبنان الحد الأدنى للأجور، ويمكن أن يرتفع بعدد الساعات الإضافية التي يعملها المياوم، لكن بحسب غسان غصن، هذا الأجر غير مستقر، وإجازات العمل غير مضمونة ولا حتى الضمانات الوظيفية ولا الصحية. كذلك الأمر بالنسبة لإجازات المرض، إضافة إلى التعامل المزاجي للمؤسسات وأرباب العمل مع المياومين وساعات الحاجة إليهم من أجل أداء أعمالهم ووظائفهم.