الموسيقى العربية التركية المشتركة

الموسيقى العربية التركية المشتركة

03 يوليو 2018
البزق آلة أساسية في الموسيقى التركية (Getty)
+ الخط -
ما أن تفكّر بالألحان التركية، والتي تستسيغها أصلاً، لأنها قريبة من الألحان العربية، حتى تكتشف وأنت غير المتخصص، أن ثمة تشابهاً لدرجة التطابق، بل وهناك الكثير من الألحان ذاتها، مغناة وبكلتا اللغتين. كأغنية "فطوم فطوم فطومي" التي غناها دريد لحام، وأغنية "لزرعلك بستان ورود" التي غناها فؤاد غازي وغيرها الكثير من الألحان المتطابقة والتي لا يمكن نسبها لـ"التاريخ المشترك" أيام الإمبراطورية العثمانية، فهي أغان حديثة وتم تلحينها خلال العقود الأخيرة.
وذهبت فرق عربية وتركية جائلة أخيراً، بالغناء المشترك لتلك الأغاني ضمن فرق الشوارع، ما زاد من طرح سؤال، ترى لمن الأسبقية وما سبب هذا التطابق وهل ثمة سرقة لحنية بالموضوع.
يقول العازف والملحن السوري، علاء الخطيب: "يعد تاريخ المنطقة الموسيقي واحداً، بل تم تطعيم التخت الموسيقي العربي الشرقي، بآلات تركية قبل أن يدخل محمد عبد الوهاب الآلات الغربية على التخت الشرقي، لذا نرى الكثير من الجمل الموسيقية التي تألفها الأذن التركية والعربية". وحول تشابه الألحان وتطابق بعضها، يضيف الملحن الخطيب: "هذا أمر شائك ومعقد، وخاصة بالنسبة للأغاني القديمة التي تعد من تراث المنطقة، فكلا الطرفين ينسبها لنفسه وربما يتهم الآخر بسرقتها. دعني أشير أن كثيرا من الألحان التي كنا نظن أنها عربية، هي مسروقة من الأتراك، والعكس صحيح، فإن لم يتم نقل لحن كامل، فهناك جمل موسيقية مستقاة".


ويرى الخطيب أن لتداخل الجغرافيا وللإمبراطورية العثمانية دوراً مهماً في هذا التشابه، ولكن يبقى للموسيقيين الجائلين بين المنطقتين، العامل الأهم بنقل بعض الألحان "السلالم الموسيقية متشابهة، والخلاف فقط بالكومات، أي البعد بين درجات السلم". وأشار الملحن السوري إلى دور ملحنين عرب، في نقل بعض التراث الموسيقي لتركيا، من أمثال عثمان الموصلي الذي برع بالصوت والتلحين في العراق وسورية ومصر، قبل أن يأتي إلى إسطنبول، كقارئ للقرآن وملحن ومغن، وقت سمع به السلطان عبد الحميد وجلبه للقصر ليغني له أمام حريم السلطان.
ومن ثم تطور الأمر ليقوم عثمان بمهام رسمية للسلطان عبد الحميد. وكانت إسطنبول عاصمة الإمبراطورية العثمانية ومركز ثقافتها، ومن يبرز فيها يعرف اسمه في جميع أنحاء الإمبراطورية. وقد ساعد هذا عثمان وجعله مرحّباً به أينما ذهب، ومكنه من تأسيس علاقات وطيدة مع مشاهير عصره، "وموشح قدك المياس الذي غناه صباح فخري وعبد الحليم حافظ، بل وفيروز بأغنية "يا ليل الصب متى غده"، وهو اللحن ذاته يغنى بتركيا، هو من تأليف الموصلي".
ويشير الخطيب إلى أن عثمان الموصلي ممن ظلمهم التاريخ، لأنه من أبرع الملحنين وينسب كثير من ألحانه لسيد دوريش وغيره، كما أن الموصلي هو من أدخل نغمات الحجاز كار والنهاوند وفروعهما، وأدخل مقامات للموسيقى التركية، تسمى حتى اليوم باسمه، كمقام المنصوري الموصلي.

ويختم الملحن السوري حديثه لـ"العربي الجديد"، بأنَّ تركيا ربما أخذت من الموسيقى العربية في الماضي، أكثر مما أعطتها. لكنها ومنذ منتصف القرن الفائت، تفوقت على الموسيقا العربية، وبدأ الملحنون العرب يستقون عن ملحنين أتراك كبار، من أمثال إسماعيل مظفر وسلامة شاهين وخليل كاردومان.

دلالات

المساهمون