المنشآت الحيوية العراقية في مرمى "داعش"

المنشآت الحيوية العراقية في مرمى "داعش"

16 مايو 2016
توقف محطات الكهرباء ببغداد بعد الهجوم (Getty)
+ الخط -
بعد هجمات متتالية نفّذها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) طاولت آبار وخطوط تصدير النفط في محافظتَي كركوك وصلاح الدين (شمال العراق)، شنّ التنظيم، أمس الأحد، هجوماً واسعاً بواسطة ستة انتحاريين استهدف أكبر مصانع إنتاج الغاز السائل في البلاد، والذي يقع على بعد 15 كيلومتراً من العاصمة بغداد في منطقة التاجي المحصّنة. وأدى الهجوم إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى فضلاً عن خروج المصنع عن الخدمة بعد تفجير مسلحي التنظيم خطوط الإنتاج وثلاثة خزانات للغاز، ما ينذر بأزمة حادة في مادة الغاز السائل، إذ ينتج المصنع بشكل يومي نحو 200 ألف قارورة غاز منزلي يعتمد عليها سكان العاصمة ومدن جنوبية. 

ووفقاً لمسؤولين بالأمن العراقي في بغداد، فإن التنظيم يسعى لاستهداف منشآت حيوية مهمة لزيادة الضغط والسخط الشعبي الذي تواجهه الحكومة من قبل الشارع، فضلاً عن إضعاف وضعها المالي والاقتصادي المتهاوي أصلاً. وبذلك، يكون التنظيم قد نفّذ سادس هجوم حيوي له خلال أقل من أسبوع. وطاولت الاعتداءات بئرَي نفط في حقل خباز، وهجوماً على حقل علاس النفطي في صلاح الدين، وتفجير أنبوب للنفط ومهاجمة الرمادي، وتفجير أحد الجسور الحيوية، فضلاً عن مهاجمة عامرية الفلوجة، وتفجير مركز للشرطة في غربي بغداد.

وبعد ساعات من الهجوم على المصنع، أمس، أعلنت السلطات العراقية سيطرتها "على الأوضاع داخل مصنع الغاز بعد قتلها الانتحاريين". وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد سعد معن، في بيان له، إنّ "القوات الأمنية أحبطت (الأحد)، محاولة للسيطرة على معمل غاز التاجي شمالي بغداد من قبل مجموعة إرهابية". وأضاف أن "إرهابيين فجروا عجلة مفخخة عند بوابة المعمل ومن ثم دخل ستة انتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة تمت معالجتهم، ما أدى إلى نشوب حريق في ثلاثة خزانات"، مشيراً إلى أنّ "القوات الأمنية تسيطر على المعمل وفرق الدفاع المدني تقوم بإطفاء الحرائق". وتؤكد مصادر طبية عراقية لـ"العربي الجديد" مقتل 20 وجرح ما لا يقل عن 30 آخرين خلال الهجوم، قامت قوات الأمن بنقلهم إلى أحد المستشفيات القريبة، وغالبيتهم من قوات الأمن.

في غضون ذلك، يحذر خبراء عراقيون من مغبة تكرار هجمات التنظيم على مناطق حزام بغداد واستهداف منشآت مهمة وحيوية كالغاز والنفط ومن قبلها مخازن الحبوب والمواد الغذائية، مؤكدين أن الهدف إضعاف بغداد ومحاصرتها وزيادة المشاكل الداخلية.
وتضاربت تصريحات وزارة النفط العراقية حول الحادث في بيانات مقتضبة، ففي الوقت الذي أكد فيه وكيل الوزارة للشؤون الفنية حامد يونس أن الهجوم تسبب بأضرار بالغة متعهداً بسرعة الإعمار وإعادة تصليح الأضرار، تحدث الوكيل الإداري للوزارة، معتصم أكرم، عن أن المصنع كان يُستخدم للتخزين وليس للإنتاج. فيما تبادل محافظ بغداد علي التميمي ووزارة الداخلية الاتهامات حول التقصير بتوفير الحماية للمصنع.





ويقول مسؤول عراقي في بغداد لـ"العربي الجديد" إن "رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي دفع نحو 3 آلاف عنصر أمن إضافي لتأمين المنشآت الحيوية التي قد يهاجمها تنظيم داعش، ومن بينها مصافي نفطية، ومحطات توليد الكهرباء، ومضخّات، ومحطات المياه المنتشرة قرب نهرَي دجلة والفرات في عدد من مدن البلاد". ويشير المسؤول العراقي إلى أنّ مهاجمة الأسواق والأحياء السكنية بالتزامن مع استهدف مقومات حياة العراقيين صفحة إجرامية جديدة للتنظيم ستزيد من حجم الأعباء على الحكومة"، مبيناً أن توقف الكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة بالعراق إلى معدلات قياسية قد يؤدي لانتفاضة مماثلة لما حدث قبل عامين، قد تسقط فيها الحكومة مع المشاكل الموجودة أصلاً. وأعلنت مصادر في وزارة الكهرباء العراقية، أمس، عن توقف أهم محطتين لتوليد الطاقة الكهربائية في بغداد بسبب الهجوم، مؤكدة أن المصنع كان يغذي المحطتين بالغاز عبر أنابيب تم تفجيرها.

بدوره، يقول العميد الركن محمد إسماعيل المرسومي، من قيادة عمليات بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "التنظيم بات أكثر إفراطاً في استخدام مقاتليه بتفجيرات انتحارية ذات أهداف تكاد تكون في بعض الأحيان دوافعها سياسية لإضعاف الحكومة، وبالتالي الإرباك السياسي سيكون بصالح التنظيم". ويضيف أنّه قد تتم الاستعانة بأبناء العشائر الذين تخرّجوا للتو من دورات تدريب في مسألة تأمين المنشآت الحساسة".

من جهته، يصف عضو البرلمان العراقي محمد الجاف الهجمات الأخيرة لـ"داعش" في بغداد ومحيطها بـ"الخطر المحدق"، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى أن "تكرارها يعني أن لدى التنظيم القدرة على تنفيذ هجمات جديدة، وهذا فشل كبير من جهود أمنية استمرت سنة وأربعة أشهر لتأمين محيط العاصمة والقرى القريبة منها".


المساهمون