وبنتيجة تلاحق الأحداث في سورية، ثمّة سوريون لا يسمع بهم أحد، منهم من يعيش في مخيمات نائية أشبه بسجون، ومنهم من يعيش في مدن وبلدات حيث تمارس عليهم شتى أنواع القمع والتهميش، من دون أن تُشكل معاناتهم حافزاً لمادة إعلامية لوسائل الإعلام.
فعلى سبيل المثال، يتمّ التعامل إعلامياً (أحياناً) مع سكّان المناطق التي تحكمها تنظيمات متطرفة كـ"داعش" وغيره، وكأنهم جزء من تلك التنظيمات، من دون الدخول في تفاصيل مشاكلهم ومعاناتهم مع تلك التنظيمات، أو مع الجهات التي تحاربها، كونهم يشكلون الحلقة الأضعف. وحتى من يُقتل منهم على يد من يحارب تلك التنظيمات، يتمّ التعامل معه كرقم قتل إمّا بخطأ غير مقصود، أو يتم تجاهله وكأنه جزء من الحاضن الشعبي للتنظيم الإرهابي.
وكذلك، في مناطق سيطرة مليشيا "قوات سورية الديمقراطية"، ثمّة عشرات الآلاف من المدنيين المتروكين في سجون كبيرة تحت مسمى مخيمات تفتقد أبسط مقومات العيش، من دون أن تُعير وسائل الإعلام اهتماماً كافياً لمعاناتهم. والأمر ذاته ينطبق على مناطق سيطرة النظام، حيث يعيش قسم كبير من سكانها ظلماً وتهميشاً ومشاكل لا يتم تسليط الضوء عليها. وحتى في مناطق سيطرة المعارضة، هناك مخيمات بعيدة عن الحدث السياسي، متروكة على أطراف البادية أو في مناطق نائية، من دون اهتمام إعلامي يذكر بمشاكلها.
إن هذا القصور في التغطية الإعلامية لتلك الفئة المنسية، مردّه إلى أنّ غالبية وسائل الإعلام لا تزال تغطّي بمنطق صحافة الحرب، التي تهتم بأطراف الصراع من دون الاهتمام بالمتضررين منه، وهو الأمر الذي يستدعي إعادة النظر بشكل التغطية الإعلامية، لتسلّط الضوء على تلك الفئة المتضرّرة من الصراع.