المنتخب القومي والمنتخب الشرعي

المنتخب القومي والمنتخب الشرعي

14 يناير 2016
الكاتب محمد علاء الدين (الفيسبوك)
+ الخط -
وقف الرئيس المنتخب الشرعي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الحديث، ليقول في اجتماع لهيئة الشرطة أمامه "الشرطة في القلب من ثورة يناير"، وهذا طبعا مما لا شك فيه إذا أخذنا بكلمة الحاج زكي بدر "الضرب في سويداء القلب". ثم حدث أن وقف المنتخب القومي، الذي كان "انتخابه" أشبه بحفلة طهور لم يحضرها أحد، ليقول إنه عندما سيكبر سيضرب تركيا، إن شاء الله.


ويجب عليك ان تتذكر أن هناك فروقا كبيرة ما بين المنتخب الشرعي والمنتخب القومي، فالشرعي من شرعية الصندوق والقومي من قومية الجماهير، الشرعي يقيل نائب مبارك ويحضر نائب الجماعة، والقومي يقيل رئيس وزراء الإخوان الوطني ليحضر رئيس وزراء جمال مبارك والمقاولين العرب. الشرعي يحبس أحمد دومة والقومي يقتل أحمد دومة، كلاهما ضحكا ضحكة طفلين معا، فالجيش والشعب ايد واحدة ونرفض شعار يسقط حكم العسكر، ثم انتهيا إلى أغنية لا تكذبي.

ثم إن الشرعي يرتدي الشورت الشرعي بينما القومي حليق الذقن، ولكنْ كلاهما يهزم من اثيوبيا.

والفيلد مارشال المنتخب القومي، وحش أفريقيا والحائز على 98% في انتخابات المجرة، أتى من عصبة من الرجال وصفها المنتخب الشرعي بأنها "رجال من ذهب"، فذهب مع الريح، مكررا نكتة مصرية قديمة تنتهي بجملة "لقد حذرتك من الاصبع"، رغم ولعه القديم بالأصابع، سواء التي تلعب في مصر، أو أصابعه هو الشخصية، التي تلتقمها الثعابين والعناكب، في تصريح شهير له عن صعوبات الحكم، وصعوبات التفتيش داخل أدراج الوطن.

ويبدو المنتخب القومي، الذي يسانده جمع من المدنيين المموهين، الدائرين في أحياء المدينة، مرددين عبارات "احنا احسن م العراق وسورية"، وان "الجيش مصنع الرجال"، وأن "ثورة يناير قام بها الإخوان والممولين والمتآمرين ووحوش الفضاء"، مزودين بحناجر نحاسية ودي جي مهرجانات شعبية مفتخرة، يبدو المنتخب القومي منتبها تماما لخطورة رجوع المنتخب الشرعي، فقط من باب تهديد الأرازل والمنحرفين والمتآمرين والمضحوك عليهم من امثالنا، ويقول دائما في حواراته الخاصة إنه يعي ان هذه هي الفرصة الأخيرة لمصنع الرجال قبل ان يتحول لمصنع الكراسي، ومن أجل ذلك يحاول تحويلنا جميعا إلى مصنع الكراسي، بينما هو فخور بقناة بنما الجديدة، من باب الفداء الوطني لعصبة الرجال التي هي من ذهب. وليس فقط الاخوان هم الخرفان، كما تعلم سيادتك.

وبينما يصر المنتخب الشرعي على أنه ما يزال رئيس البلاد طبعا، يصر المنتخب القومي على نجاح رحلاته الخارجية طبعا أيضا، وكيف التهبت أكف العالم، ولك ان تتخيل كبر كف العالم، بالتصفيق والتهليل لكلمات سيادته العظيمة في أروقة المحافل الدولية، والتي مهد لنهايتها بالهتاف لمصر وحياة مصر، وسمعة مصر، وشرف مصر، وكرامة مصر، وامل مصر، وسيادة مصر، وحرية مصر، ومصر يا مصر، في وطن يحضر فيه المرتزقة لتفتيش شباب الجامعات ويغتصب فيه رجال القانون المصابات بالعته المغولي، وتنقطع الكهرباء عن مرضاه في المستشفى، ثم تسجن الفتاة التي اغتصبت، ويقول محافظ الإسماعيلية إن "البحر حنين"، ويكون من كبار مؤيدي الدولة ومجلس نوابها الاستاذ مرتضى سيديهات، وبعد الرحيم تسريبات، ويكون من كبار رجال إعلامها اللواء احمد موسى، ويكون على رأس الدولة ماريشال كشوف العذرية.
دعنا فقط لا ننسى ان الزعيم مرسي هو من عين الزعيم الهياتمي محافظا لمرسى مطروح.

وما يزال المنتخبان يصران على أنهما ابناء الفرقة الناجية، وما يزال قرابة 40 ألفا من المعتقلين، وراء قضبان حديدية صدئة، وما يزال الثوريين منقسمين، سننزل 25 يناير، لا لن ننزل 25 يناير، من يدعو للنزول عميل، من يدعو للنزول أحمق، من سيجلس في البيت سيخسر، من سيتجنب القتل في الشارع سيقتل في كمين، بعض الناس يسفهون من مطالب "تغيير النفس اولاً" باعتبارها تنتمى لأدبيات إبراهيم الفقي، ويطالب بمطالب ثورية "حقيقية"، فتقول له "هو هدم النظام إذن"، فيقول لك "نت تحل!". طيب.

وما يزال ابناء الوطن، الشرعيون منهم وأولاد الحرام، يقفون ناظرين الى كل ما يحدث، والشرعي يقول له إن قطع الكهرباء كان بسبب اشرف بتاع المعادي أو هو بتاع الزقازيق، والقومي يقول له &إن خيرت الشاطر هو سبب انهيار هرم زوسر. ويجب عليك ان تتذكر أن سب الدين يخرجك من الملة ملوما محسورا.

هذه البلاد تحتاج إلى المرحوم الجوهري، أو "محيط بيهيج".

*روائي مصري

المساهمون