المنتحرون

المنتحرون

24 نوفمبر 2014
انتحار الناشطة المصرية زينب مهدي يصدم المصريين (العربي الجديد)
+ الخط -

منذ أن جلس المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع السابق، على كرسي الرئاسة في مصر في شهر يونيو/حزيران الماضي، انتشرت في البلد ظاهرة جديدة وهي الانتحارعلناً، فمواطن يشنق نفسه على لوحة إعلانات، وآخر على واجهة منزله، وناشطة تشنق نفسها بعد أن كانت تبث الأمل في الناس، فأصبحنا أمام ظاهرة حرية الانتحار بدلاً من حرية التعبير التي قيدها النظام الحالي.

وبلغ عدد حالات الانتحار خلال الشهر الماضي فقط أكثر من 18 حالة، يرجع معظمها إلى شباب يتعرضون لضوائق مالية وتعثرهم اقتصادياً أو فقدانهم الأمل في تحقيق أحلامهم، ومن المؤكد أن ظاهرة الانتحار مرفوضة، ولكن الأهم هنا أن نسأل.. من المسؤول عن حالة اليأس التي أصابت المجتمع؟ ولماذا فضل هؤلاء الموت ولم ينضموا إلى الاحتجاجات في الشوارع ليطالبوا بحقوقهم من نظام عسكري دموي انشغل بتثبيت أركان حكمه على حساب مطالب الشعب؟.

وتعكس بعض حالات الانتحار المتزايدة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، فمعدلات البطالة ارتفعت إلى أكثر من 14% ونسبة الفقر بلغت 26% بصورة إجمالية و49% في الصعيد، حسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، كما ارتفعت أسعار السلع الغذائية والوقود والخدمات، الأمر الذي جعل المواطن المصري يدور في فلك الضغوط الحياتية والأزمات المعيشية.

وعندما يحاول أن يقلل المواطن هذه الضغوط، عبر مظاهرات واحتجاجات كما كان يحدث بعد ثورة 25 يناير عام 2011 فسيجد الرصاص في استقباله، بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز من العام الماضي، وإذا كان هناك نوعية من المصريين تتحمل الضغوط، وتعرض نفسها للقتل على أيدي قوات الجيش والشرطة للمطالبة بحقوقهم، فهناك آخرون فضلوا الرحيل في صمت وقتل أنفسهم بأيديهم من باب ( بيدي لا بيد عمرو).

ومن وجهة نظري إن المسؤول عن هذه الحالة هو نظام العسكر، بمؤسساته السياسية والدينية والاجتماعية، الذي عشش في بلادنا منذ أكثر من 60 عاماً، فنهب الثروات وزرع اليأس في نفوس الشعب، اللهم إلا هذا الجيل الشاب الثائر في الميادين والشوارع والزنازين.

وعلى الثوار أن يستوعبوا أن المعركة أصبحت في ميدان الوعي، فإذا كان العسكر يزرع اليأس والخوف والجبن فعلى الثوار أن يزرعوا الأمل والشجاعة والإقدام.

الثورة الآن باتت على الطريق الصحيح رغم قسوته، فهي تواجه كوارث أكثر من 6 عقود دمّرت الأخضر واليابس، وهو ما نراه الآن واضحاً من خلال ظاهرة الانتحار.

المساهمون