الملكة فيكتوريا... قرنان على ميلاد "جدة أوروبا"
كاتيا يوسف ــ لندن
عناية بتمثالها في حديقة قصر كنسينغتون(كريس جي راتكليف/ Getty)
يساعدنا تاريخ ملوك وملكات بريطانيا الستة والستين، ممن تولوا العرش على مدار 1500 عام، في فهم ماضي هذا البلد المثير للاهتمام. مرّ في البلاد عدد ممن اختلفت شخصياتهم وخبراتهم وقراراتهم، في مواجهة المعارك الطاحنة التي خاضتها، ورسمت مستقبلها.

يولي غالبية البريطانيين اهتماماً كبيراً بملوكهم وملكاتهم ويظهرون شغفاً كبيراً في تتبع أخبارهم حتى اليوم، إذ يتابعون لحظة بلحظة أيّ زواج أو ولادة في القصر الملكي. وهكذا، تحتفل بريطانيا بذكرى الملكة فيكتوريا، التي كانت الطفلة الوحيدة للأميرة فيكتوريا ساكس كوبورغ سالفيلد، ودوق كنت، إدوارد، وهو الابن الرابع للملك جورج الثالث. وتتهيّأ مختلف مدن البلاد ومتاحفها لهذه المناسبة.
تحتفل جمعية الأفلام البريطانية (BFI) بالذكرى المئوية الثانية للملكة فيكتوريا، بمجموعة من أحدث الأفلام والمواد التي يمكن أن تساعد في إعادة الحياة إلى العصر الفيكتوري في المدارس. تعرض المجموعة الكاملة من أرشيف الأفلام الفيكتورية مجاناً على موقع الجمعية، وتشمل أكثر من 700 فيلم صنعت بين عامي 1895 و1901.
فضلاً عن ذلك، أطلقت دورة تدريبية مبتكرة، وهي مفتوحة ومجانية على الإنترنت، مدتها ثلاثة أسابيع على الطراز الفيكتوري، إذ بدأ التسجيل في 10 مايو/ أيار الجاري. تبدأ الدورة في 1 يوليو/ تموز المقبل، وتتيح فرصة استكشاف طفولة السينما البريطانية أو مراحلها الأولى، كما توفر منظوراً جديداً للأفلام الأولى التي نجت من التلف أو الضياع بمرور الزمن. وتتميز هذه المناسبة للملكة التي حكمت إمبراطوريتها العالمية طوال 63 عاماً من سنّ 18 عاماً في سنة 1837 حتى وفاتها عن عمر 81 عاماً في سنة 1901، بمعارض وجولات عديدة في عام 2019.
تكشف احتفالات هذا العام عن بعض الأمور التي قد يجهلها كثيرون عن هذه الملكة الاستثنائية، منها أنّها كانت تسبح في مياه البحر، وبدأت ذلك في خليج أوزبورن، في جزيرة وايت، جنوبي إنكلترا، وكانت لديها عربة استحمام مثبتة على الشاطئ، ومعها غرفة تغيير الملابس وحمام. كذلك، صمم زوجها الأمير ألبرت، حوضاً عائماً لتعليم أبنائه السباحة فيه، وكان على بعد بضع مئات الأمتار من الشاطئ. ومن الممكن اليوم، رؤية عربة الاستحمام التي جرى تجديدها بالكامل، بالإضافة إلى تجديد المكان الذي كانت تفضله الملكة للجلوس والرسم هناك.
تبدأ الاحتفالات في قصر كنسينغتون في لندن، مسقط رأس فيكتوريا، وسيفتتح اليوم بالذات معرض بمناسبة عيد ميلاد الملكة، يتضمن كتابات ورسوماً من طفولتها، بالإضافة إلى خزانة ملابس تُظهر جانب الملكة الأنيق، على عكس العباءات السوداء التي ارتدتها خلال فترة ترمّلها الطويلة (توفي الأمير ألبرت عام 1861 بعدما عاش زوجاً للملكة 21 عاماً).
على الرغم من أنّ في إمكانك وحيداً زيارة الأماكن التي زارتها الملكة فيكتوريا أو عاشت فيها، فإنّ وكالة "ناشيونال تراست تورز" أعلنت عن جولة "الملكة فيكتوريا 200" لمدة 10 أيام تتميز بزيارة أهم المعالم. ومن بين المعالم قلعة وندسور، ودير وستمنستر حيث جرى تتويجها عام 1838 (بعد عام من توليها الحكم)، والكنيسة الملكية في قصر سانت جيمس حيث تزوجت الأمير ألبرت بعد ذلك بعامين، في فبراير/ شباط 1940.

وتشمل الجولة أيضاً زيارة إلى ملاذ الملكة الصيفي، أوزبورن هاوس، في جزيرة وايت، إذ تمنح الحدائق والمنزل وكوخ الأطفال، لمحة حقيقية عن حياتها مع أسرتها. وتبلغ كلفة الجولة 4950 دولاراً أميركياً للشخص الواحد، من دون احتساب تذاكر السفر.
لم ترث الملكة فيكتوريا عرشاً قوياً بل كان ضعيفاً يفتقر إلى الشعبية. لكنّها نجحت في تحويله إلى أحد أعظم العروش التي مرّت عليها البلاد. وساهم زواجها من ابن عمها ألبرت ساكس كوبورغ في تقوية نفوذها، وكان الحاكم الفعلي للبلاد حتى وفاته. وقد انسحبت الملكة من الحياة الاجتماعية العامة، بعد وفاة ألبرت إلى أن احتفلت بيوبيلها الذهبي في عام 1887. أنجبت الملكة فيكتوريا تسعة أطفال، وكان لديها 40 حفيداً وحفيدة، ويطلق عليها لقب "جدة أوروبا" لتزويجها أبناءها وبناتها من أمراء وأميرات أوروبيين.
في عهدها، تضاعف حجم الإمبراطورية البريطانية مرات عدة، سواء في المساحة أو في عدد السكان بفضل استعمارها مناطق مختلفة حول العالم. وأصبحت الملكة في عام 1876، إمبراطورة الهند أو "جوهرة التاج البريطاني". وعندما توفيت فيكتوريا في عام 1901، كانت الإمبراطورية البريطانية قد بلغت أعلى مستوى في قوتها العالمية.