المفوض الأممي: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يتعرض للاعتداء

المفوض الأممي: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يتعرض للاعتداء

10 ديسمبر 2017
النسخة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الأمم المتحدة)
+ الخط -
قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الأمير زيد رعد الحسين، إن على جميع البشر المشاركة في الدفاع عن القيم الراسخة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تتعرض يوميا للاعتداء. "يجب أن ننظم صفوفنا ونتحرك دفاعاً عن الآداب الإنسانية، بل دفاعاً عن مستقبل مشترك أفضل. يجب أن نتخذ موقفاً قوياً وحاسماً".

وقال بيان للمفوض الأممي اليوم الأحد، "نحتفل في العاشر من ديسمبر/كانون الأول، من كل عام بيوم حقوق الإنسان، وهو ذاك اليوم من عام 1948 الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي لم يكن مضى على تأسيسها آنذاك سوى ثلاث سنوات، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إحدى أكثر الوثائق التي ترجمت في العالم وربما إحدى أكثر الوثائق تأثيراً".

وتابع: "بفضل الإعلان العالمي، تحسَّنت الحياة اليومية لملايين الأشخاص، ومُنع إبقاء المعاناة الإنسانية طي الكتمان، وتمَّ إرساء الأسس اللازمة من أجل قيام عالم أكثر إنصافاً. وبالرغم من عدم الوفاء بالوعد الذي قطعه الإعلان حتى الآن، إلا أن صمود هذا الإعلان عبر السنين يشكل دليلاً على الطابع العالمي الثابت لقيمه الراسخة المتمثلة في المساواة والعدالة والكرامة الإنسانية".

وأوضح "في العام المقبل، سوف نحتفل بالذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فيما يشكل يوم حقوق الإنسان لهذا العام الافتتاحية لسنة طويلة من الاحتفالات الخاصة بإحياء الذكرى السبعين. آمل أن يكون عاماً من التفكير البليغ والعميق حول الأهمية الدائمة والحيوية لكل مادة من المواد الثلاثين التي تتضمنها هذه الوثيقة الاستثنائية".

وقال الحسين "لقد صيغ الإعلان العالمي في ظل عالم مثخن بجراح الحرب، الدواء الذي وصفته الدول من أجل تلقيح شعوبها ضد أسوأ غرائزها وأخطائها. لقد صاغه عدد من الممثلين وصادق عليه عدد من القادة للدول من كل القارات، والذين إذا ما اقتبسنا من ديباجة الإعلان، كانوا واعين بالكامل أخيراً وبقوة أن تناسي حقوق الإنسان وازدراءها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني".

وأكمل "لقد صيغ الإعلان مع ذكرى محرقة اليهود والمعرفة بها والمواقف وتراكم السياسات والممارسات التي جعلت حدوثها ممكناً، وأُحرق فوق ضمائر الأشخاص الذين فشلوا في منع وقوعها. لقد صيغ الإعلان كي لا يغطي الحقوق المدنية والسياسية فحسب، بل أيضاً الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، في ظل الإدراك الكامل بأنكم لا تستطيعون تحقيق التنمية من دون حقوق الإنسان ولا تستطيعون التمتع بحقوق الإنسان بالكامل من دون التنمية، فيما يعتمد إحلال السلام والأمن على الاثنين معاً".




وأشار المفوض الأممي إلى أنه "يتم الاختلاف بشأن عالمية الحقوق في معظم أنحاء العالم. وهي تتعرض لاعتداء واسع النطاق من قبل الإرهابيين وبعض القادة المتسلطين والشعبويين الذين لا يبدو سوى أنهم يريدون التضحية، وبدرجات مختلفة، بحقوق الآخرين، وذلك من أجل الحصول على السلطة. وقد تعاظم نفوذهم المشترك على حساب النظام الليبرالي والديمقراطي والسلام والعدالة".

وأضاف "نلاحظ وقوع المزيد من الأعمال الوحشية والجرائم المرتكبة في النزاعات في أنحاء العالم؛ وتفاقماً في القومية العدائية، في ظل ازدياد مستويات العنصرية وكراهية الأجانب وسواهما من أشكال التمييز التي تترسخ حتى في بعض الدول التي أكملت مسيرتها مع قناعة بأن هذه المسائل هي مشاكل من الماضي، بدلاً من أن تكون مشاكل بإمكان الجميع أن يستحضرها بسهولة كبيرة مجدداً وإعادة التأكيد عليها".

وتابع "نلاحظ البدء بتفكيك بعض التدابير الرامية إلى القضاء على التمييز وتعزيز العدالة بشكل أكبر، وهي بعض ثمار الإعلان العالمي والهيئة الواسعة من القوانين والممارسات التي أوجدها، وذلك من قبل بعض الجهات التي تسعى إلى تحقيق مكاسب من الكراهية والاستغلال. ونلاحظ رد فعل غاضبا ضد العديد من الإنجازات المحققة في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة وحقوق الأقليات في الأميركتين وآسيا وأفريقيا وأوروبا".


واستكمل "نرى بعض القادة السياسيين الذين ينكرون صراحة الحقيقة الأساسية الواردة في المادة الأولى من الإعلان العالمي والتي تنص على أن جميع الناس يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، بل بعض القادة السياسيين الذين يتحدون وعود أسلافهم بتعزيز احترام هذه الحقوق والحريات وباتخاذ تدابير تدريجية، على المستويين الوطني والدولي، من أجل ضمان الاعتراف بها ومراعاتها على نحو عالمي وفاعل".

"لا يجب أن تساورنا أي أوهام بأن الإرث الخاص بالإعلان العالمي يواجه تهديدات على كل الجبهات. وإذا ما تركنا التزامنا بالدفاع عن حقوق الإنسان ينحرف عن مساره، بل إذا ما غضضنا النظر عندما تتعرض هذه الحقوق للانتهاك، فإن هذه الحقوق سوف تذبل وتموت. وإذا حصل ذلك، فإن الكلفة التي ستتكبدها الحياة البشرية والبؤس الناجم ستكون مرتفعة جداً وستدفع البشرية بأسرها ثمناً باهظاً"، حسب البيان.

وقال المفوض الأممي: "يجب أن ننظم صفوفنا ونتحرك دفاعاً عن الآداب الإنسانية، بل دفاعاً عن مستقبل مشترك أفضل. يجب ألا نقف مكتوفي الأيدي وحائرين فيما يتفكك من حولنا نظام القيم التي تمَّ إرساؤها في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. يجب أن نتخذ موقفاً قوياً وحاسماً: فبدعمنا بشكل حازم حقوق الإنسان للآخرين، نحن ندافع أيضاً عن حقوقنا وعن حقوق الأجيال المقبلة".

ويحيي المفوض السامي للأمم المتحدة يوم حقوق الإنسان العالمي باطلاق حملة الاحتفالات بالذكرى السبعين إلى جانب رئيسة بلدية باريس، آن هيدالغو، وذلك في قصر شايو في باريس،  الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول 1948.