المفاهيم العامة للبيانات الماليّة

المفاهيم العامة للبيانات الماليّة

17 فبراير 2015
الأسواق المالية تتطلب فهم سريع ومعلومات بأقل كلفة(فرانس برس)
+ الخط -
تختلف ثقافة المستثمرين عبر مدى المعرفة التي اكتسبوها لفهم اللعبة الاقتصادية والاستثمارية بمختلف الأدوات والقطاعات والأسواق المالية. فهم في العادة يعتمدون في قراراتهم على معلومات أقل كلفة وأقصر شرحاً، وذلك رغبة منهم بالحصول على نتائج سريعة وبفائدة كبيرة قدر المستطاع، تطبيقاً لمقولة " الزمن من مال". 
غير أنه من الضروري جداً فهم طبيعة الاستثمار قبل اتخاذ القرار المناسب له، من خلال الشراء أو البيع أو التريّث، وهذه القرارات لا يتم اتخاذها إلا عن ثقة في بيانات أو معلومات واضحة ومفهومة للمتداول أو المستثمر لكي يصل إلى الصواب في توجيه أمواله وفي أفضل الأوقات التي من شأنها تقليل المخاطر إلى أدنى نقطة ممكنة.
وحتى يتم فهم طبيعة الأوراق المالية، يحتاج المستثمر إلى أن يفهم طبيعة نشاط الشركة المصدّرة للورقة المالية عبر لغة الأرقام والبيانات المالية التي تتطلّب الحصول على مفاتيح التعامل معها. خاصة في مطلع العام، وعند الإعلان عن البيانات المالية السنوية والتي يتم بعدها الاجتماع للجمعية العامة لمناقشة ما إذا كانت تلك البيانات تعبّر عن الميزانية الخاصة للشركة والمركز المالي الذي يعكس نتائج أعمال الشركة بتاريخ محدد.
وعلى ضوء تلك النتائج، يتم تحليل الأرقام باستخدام مؤشرات الربحية والخسارة ومؤشرات أخرى تعطي مدلولاً عن مسار الشركة السابق لاستخدام مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية لموارد الشركة، وذلك لتعود بأقصى منفعة لحَمَلة الأسهم أو المستثمر وتعظيم الإيراد الذي يضمن أولاً استمرارية الشركة كمشروع في قطاع معيّن يحتوي على عدد من الشركات المنافسة بمثل هذا المشروع القائم أو الذي بدأ العمل به عند التأسيس.
ومؤشرات النشاط أو الربحية والخسارة ومؤشرات السيولة ومؤشرات الإدارة عديدة وقد تحتاج لفترة زمنية طويلة حتى يستخلص المحلل المختص الرقم المطلوب، والذي قد يستخدمه لفهم مدلول الإدارة والنشاط. إلا أن أهمية تلك النسب من المؤشرات تأتي في اتخاذ قرار أهم يعود بالنفع لصاحب الاستثمار إذا ما تمت قراءته كما يجب، وفي الوقت المناسب، مع أهمية ربطه بنسب أخرى لتوضح الصورة بشكل أفضل.
ومن أهم تلك النسب التي يجب على المستثمر في الأوراق المالية معرفتها هي القيمة الدفترية لتلك الورقة، حيث تتمثل هذه القيمة بنسبة كل مساهم من أصول الشركة المصدّرة بحسب السعر الدفتري المسجل للأصول. وهي أيضاً تقريبية إذا ما تم الأخذ بالاعتبار الأصول التي جرى استهلاكها أو سجلت بالموازنة وفق السعر الصفري ككلفة وليس كقيمة حقيقية.
وفي عالم الأسهم، يجب على المستثمر المبتدئ على أقل تقدير معرفة تلك القيمة ومقارنتها بالسعر السوقي والقيمة الإسمية، بحيث إن القيمة الدفترية إذا ما كانت أعلى من القيمة الإسمية فهي تدل على مسار صحيح عن طريق تحقيق المشروع أو الشركة لأرباح، ولكن يجب مقارنتها أيضاً عبر الفترات السابقة ذاتها لمعرفة التطور في تلك القيمة.
أما علاقة القيمة الدفترية مع القيمة السوقية، فهي علاقة مقارنة لمعرفة مدى ملاءمة السعر الحالي مع ذلك الاستثمار، حيث إن الفارق في الغالب يجب أن يكون باتجاه القيمة الدفترية ليكون السعر السوقي مغرياً للشراء منه للبيع. وإذا ما كان الفارق للقيمة السوقية على حساب القيمة الدفترية، فهي دلالة على عدم رخص السعر السوقي لذلك السهم، مع وجود اشتراطات أخرى ترتبط بطبيعة القطاع الذي تعمل به الشركة والسوق واقتصاد الدولة على العموم.
وإذا ما نظرنا لأي سوق رأس مال أو بورصة، نجد أن القيمة السوقية هي أعلى في الغالب من القيم الدفترية نظراً لمقدار الاستثمار الموجّه نحو الأسهم والسيولة والتفاؤل المستقبلي للشركات، وخاصة في قطاع المصارف أو الشركات ذات الربح العالي، وهذا ما يكون السبب الرئيسي وراء سرعة اتخاذ قرار البيع منه من قرار الشراء.
وخلص الكثير من القرارات، بعد عدد من الأزمات المالية، إلى التخلّص من استثمارات مجزية تخوّفاً من عوامل أخرى أدت بشكل غير مباشر إلى تراجع أصول الشركات العاملة في الخدمات المالية والاستثمارية، والتي تسيطر على غالب أصولها أوراق مالية تراجع سعرها لتتراجع القيم الدفترية معها. وهذا الربط يجب أن ينتبه إليه المستثمر في متابعته للبيانات المالية المعلنة، سواءً الفصلية أو السنوية، ليعرف أن تراجع الأسواق التي تستثمر بها الشركات سيكون له أثر سلبي على القيمة الدفترية.
وحيث إن الهدف من الاستثمار في الأسهم هو الحصول على عوائد او أرباح مستقبلية للمتداول، فهو ينظر عادة إلى نسبة أخرى وهي مكرر الربحية ومضاعفة الربحية والتي تعطي دلالات عن الفترات الزمنية التي يجب الاحتفاظ خلالها للاستثمار حتى تغطي الأرباح القيمة الإسمية لها. وهنا كلما قلت الفترة وقصرت كان التوزيع أقرب إلى تحقيق مكاسب طويلة الأجل.
(خبير اقتصادي كويتي)

المساهمون