المغرب: 4 سيناريوهات لتحالفات بنكيران الحكومية

المغرب: 4 سيناريوهات لتحالفات بنكيران الحكومية

الرباط

حسن الأشرف

avata
حسن الأشرف
12 أكتوبر 2016
+ الخط -
يستعد رئيس الحكومة المغربية المكلّف، عبد الإله بنكيران، للبدء في مشاورات مع عدد من الأحزاب لتشكيل الفريق الحكومي الجديد، بعدما عهد إليه العاهل المغربي محمد السادس، يوم الاثنين الماضي، بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة المنبثقة عن انتخابات مجلس النواب التي أجريت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي وأفضت إلى تصدر حزب العدالة والتنمية للانتخابات.
وتبرز سيناريوهات عديدة أمام الأمين العام لـ"العدالة والتنمية" الذي أعلن عن نيته مباشرة المشاورات في "أقرب فرصة"، على حد قوله، في أعقاب استقبال العاهل المغربي له. وتؤكد مصادر في الحزب أن جميع السيناريوهات "تسير في طرق أبواب مختلف الأحزاب السياسية التي نالت مقاعد معتبرة في البرلمان، باستثناء حزب الأصالة والمعاصرة الذي حل ثانياً".
ووفقاً للمصادر نفسها، فإن التوجه الأول والطبيعي الذي ستذهب إليه مشاورات بنكيران، سيكون صوب الأحزاب نفسها التي شاركته التجربة الحكومية في نسختها الأخيرة، وهي حزب التقدم والاشتراكية، وحزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب الحركة الشعبية.



في هذا السيناريو الأول، المحبذ نظرياً لدى قيادات "العدالة والتنمية"، يتبيّن أن التحالف سيتشكل من 201 مقعد برلماني ليتجاوز بذلك الأغلبية المطلقة المحددة في 198 مقعداً بثلاثة مقاعد فقط، باعتبار أن "العدالة والتنمية" حاز على 125 مقعداً، و"الأحرار" على 37 مقعداً، و"الحركة الشعبية" على 27 مقعداً، و"التقدم والاشتراكية" على 12 مقعداً.
لكن الاتجاه نحو هذا السيناريو، بحسب مراقبين للشأن السياسي المغربي، له وجهان متقابلان. الأول يتمثل في المساهمة بتسريع وتيرة الإصلاحات التي دشنتها حكومة بنكيران المنتهية ولايتها، واستكمال الورش والملفات التي فتحتها الحكومة من دون أن تنهيها بالرؤية السياسية نفسها. ويعني هذا الأمر عدم حدوث قطيعة مع ما تم إنجازه من حصيلة حكومية طيلة السنوات الخمس الماضية.
من جهة ثانية، تُثار تساؤلات حول وضعية حزب التجمع الوطني للأحرار ومدى إمكانية استمراره ضمن التحالف الحكومي الذي يستعد بنكيران لتشكيله. ويعيش "الأحرار" على صفيح ساخن بعدما قدم زعيمه صلاح الدين مزوار استقالته من الحزب بسبب نتائجه المخيّبة في الانتخابات قبل أن تُرفض الاستقالة من المكتب التنفيذي. تُضاف إلى ذلك العلاقة المتوترة بين مزوار وبنكيران، واتهامات متكررة كالها الأول للثاني، كان آخرها في الأيام الأخيرة التي سبقت إجراء انتخابات 7 أكتوبر عقب اتهامه للأمين العام لحزب العدالة والتنمية باستدرار عطف الناخبين بالبكاء في الحملات الانتخابية.
وفي حالة خروج "الأحرار" من حسابات بنكيران، فإن السيناريو الرئيسي الثاني الذي يطرح أمام رئيس الحكومة، وفق مصادر تحدثت إلى "العربي الجديد"، يتمثل في تشكيل حكومة تضم الأحزاب نفسها التي انطلقت في بداية 2012، وهي "الاستقلال" وباقي الأحزاب الأخرى في الائتلاف الحكومي.
وسبق للحكومة في نسختها الأولى أن تشكلت من أحزاب الاستقلال، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية، إضافة إلى العدالة والتنمية، لكن حزب الاستقلال سرعان ما انسحب من الحكومة عقب أشهر مند انطلاقتها، ليعيش بنكيران أسوأ أيامه كرئيس للحكومة. واستغرق التفاوض لتعويض الحزب المنسحب وقتاً طويلاً، قبل أن يلتحق "الأحرار" بالنسخة الثانية من الحكومة في 2013.
هذا السيناريو القريب من التحقيق نظرياً، والذي يتيح جمع 210 مقاعد برلمانية، يبقى رهناً بمدى قبول حزب الاستقلال، وزعيمه حميد شباط، بالمشاركة في الحكومة الجديدة. ويعد الحزب في موقع ليس بالقوي بالنظر إلى حصيلته الانتخابية بعدما حصد 46 مقعداً برلمانياً متراجعاً عما حققه في 2011 عندما نال 60 مقعداً. وعلى الرغم من احتلاله المرتبة الثالثة في انتخابات 2016، إلا أنه يوجد فرق شاسع بينه وبين الحزب الثاني الأصالة والمعاصرة (102 مقعد)، وبالتالي يجد حزب الاستقلال نفسه في موقع غير مناسب لفرض شروطه، لا سيما في ظل تعدد خيارات بنكيران لتشكيل الحكومة من دونه.
في موازاة ذلك، يتردد منذ أيام سيناريو ثالث في الكواليس السياسية بالمغرب، ويتمحور في طرق بنكيران لأبواب "أحزاب الكتلة التاريخية"، وهي "الاتحاد الاشتراكي" و"التقدم والاشتراكية" و"الاستقلال"، والتي كانت تشكل في ما مضى "الكتلة" قبل أن تتفرق مساراتها السياسية بين أحزاب شاركت في الحكومة وأخرى اصطفت في موقع المعارضة.
وفي حالة تشكل الحكومة من "العدالة والتنمية" إلى جانب أحزاب "الكتلة الديمقراطية"، فإن التحالف سيكون لديه في حدود 203 مقاعد، ما يتيح للحكومة أن تمرر برنامجها في مجلس النواب من دون خشية إسقاطه من طرف أحزاب المعارضة. لكن هذا السيناريو يبقى رهناً بموقف حزب الاتحاد الاشتراكي الذي يرأسه إدريس لشكر.
وتقول مصادر "العربي الجديد"، إن بنكيران كان يرغب، منذ تشكيل الحكومة السابقة، التي جاءت في سياق الربيع العربي، بأن يجمع حوله أحزاب الكتلة تحديداً، بالنظر إلى رصانتها ورمزيتها التاريخية والسياسية، وهو ما كان قد عبّر عنه قبل خمس سنوات عندما توجه إلى "الاتحاد الاشتراكي" بالقول "أردته أن يُسخن أكتافي" (يساندني ويؤازرني في الشدة)، بيْدَ أن الحزب رفض الانضمام للحكومة لحسابات سياسية حينها.
ووفقاً لأستاذ العلوم السياسية في جامعة طنجة، محمد العمراني بوخبزة، تعود صعوبة تحقق هذا السيناريو إلى ظروف البيت الداخلي لحزب الاتحاد الاشتراكي، والذي يشهد احتقاناً كبيراً على الرغم من محاولة قيادته مداراة ما يقع. ويرى أن النتائج التي حصل عليها الحزب في الانتخابات (20 مقعداً) ستعمق من حدة النزاعات الداخلية للحزب.
أما السيناريو الرابع المطروح أمام بنكيران، وإن كان مستبعداً جداً، فيتمثل في التحالف مع حزب "الأصالة والمعاصرة" الذي حل ثانياً لتشكيل الحكومة الجديدة. ونال الحزبان الغريمان وحدهما 227 مقعداً، وهي أغلبية مريحة داخل مجلس النواب. لكن هذا السيناريو محفوف بكثير من الصعوبات فضلاً عن المخاطر السياسية التي قد يقع فيها "العدالة والتنمية".
ومرد هذه المخاطر إلى كون "العدالة والتنمية" بنى حملته الانتخابية، في جزء كبير منها على الأقل، على الطعن في "الأصالة والمعاصرة" واتهام زعيمه إلياس العماري بالكذب والاحتيال، وهو ما رد عليه الأخير باتهام الحزب الإسلامي بالمتاجرة بالدين، ما يجعل التحالف معه ضربة قاصمة لشعبية بنكيران، وتظهره وكأن "أقواله تخالف أفعاله"، وفقاً لما يقوله عدد من أنصار الحزب.
ويرى مراقبون أن هذا السيناريو قد يتحقق في حالة واحدة، ما دامت المشاورات لتشكيل الحكومة في البداية لن تمر من خلاله، ويتمثل في تدخل جهاتٍ في ما يسميه البعض "الدولة العميقة"، من أجل دفع بنكيران إلى التحالف مع العماري، ليشكلا تحالفاً من حزبين لأول مرة في تاريخ الحكومات المغربية.
وتظل مشاورات بنكيران مع جميع الأحزاب مشروطة أيضاً بمطالبها في نيل بعض الحقائب الوزارية الهامة. ومن المتوقع أن يتجه كل حزب إلى المطالبة بحيازة وزارات ذات أهمية استراتيجية، وتبتعد عن الحقائب التي تتضمن تسيير قطاعات اجتماعية شائكة، من قبيل وزارات التعليم والتشغيل والصحة.
مع العلم أن "الوزارات السيادية"، التي تتمثل خصوصاً في وزارة الداخلية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والوزارة المكلفة بالدفاع الوطني، تبقى من اختصاص المؤسسة الملكية، إذ يتم في الغالب تعيين وزراء من دون انتماء حزبي في هذه المناصب، بالنظر إلى "حساسية" هذه الحقائب، وذلك في توافق بين رئاسة الحكومة والقصر الملكي.

ذات صلة

الصورة
يشارك أطفال المغرب في كل فعاليات دعم غزة (العربي الجديد)

مجتمع

يلقي ما يعيشه قطاع غزة من مآسٍ إنسانية من جراء قتل الاحتلال الإسرائيلي آلاف الأطفال الفلسطينيين، بظلاله على كافة مناحي الحياة في المغرب.
الصورة
آلاف المغاربة يطالبون بإسقاط التطبيع وإغلاق مكتب الإتصال الإسرائيلي بالرباط (العربي الجديد)

سياسة

تظاهر آلاف المغاربة، اليوم الأحد، في قلب العاصمة الرباط، تنديداً بـ"محرقة غزة"، وللمطالبة بإسقاط التطبيع وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي.
الصورة

سياسة

أطلقت شخصيات مغربية رفيعة عريضة، تطالب الدولة بإلغاء كل اتفاقيات تطبيع العلاقات مع إسرائيل التي تواصل استهداف القدس والمسجد الأقصى، وتمعن في ارتكاب جرائم حرب بالجملة ضد الإنسانية.
الصورة
رفض للمجازر الإسرائيلية بحق غزة (أبو آدم محمد/ الأناضول)

مجتمع

منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، هتف المغرب نصرة للفلسطينيين وأهل غزة، وخصوصاً المشجعين الرياضيين "الألتراس"

المساهمون