المغرب يقود أفريقيا في مناخ الاستثمار

المغرب يقود أفريقيا في مناخ الاستثمار

22 أكتوبر 2014
الاستثمارات لا تتوقف في المغرب (فاضل سنا/ فرنس برس/getty)
+ الخط -
"ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المملكة المغربية بنسبة ‏ناهزت 23% خلال الفترة الأخيرة". هذه العبارة قالها الوزير المنتدب ‏المكلف ‏بالتجارة الخارجية، لمحمد عبو في معرض حديثه أمام عدد من ‏من ‏المستثمرين الإيطاليين في مدينة "فيرونا" يوم 18 أغسطس/آب ‏المنصرم، واعتبر الوزير أن المغرب سيبقى الوجهة الاستثمارية ‏المفضلة لعدد كبير من الدول. 
سر تفاؤل الوزير مردّه الجيل الجديد من ‏الإصلاحات المنجزة على ‏المستوى الماكرو-اقتصادي والقطاعات المفتوحة أمام الاستثمار، ‏بالإضافة إلى الموقع الجغرافي ‏المتميز للمغرب في محيط يميزه عن ‏باقي الدول بكونه من أكثرها ‏استقراراً، ما جعل المملكة تتبوّأ مكانة ريادية إن ‏على المستوى العربي أو ‏الأفريقي، من ناحية جذب الاستثمارات. ‏

حزمة التحفيزات 

ويستفيد رجال الأعمال من حزمة التحفيزات ‏المقدمة للمستثمرين والتي ‏تعددها وزارة الاقتصاد على موقعها الإلكتروني، إن كان من ناحية ‏مساهمة الدولة من خلال صندوق دعم الاستثمار، بحيث تتولى ‏تكلفة الامتيازات الممنوحة للاستثمارات على مستوى البنية التحتية ‏خارج الموقع، وشراء الأراضي والإعداد المهني. ‏
يضاف إلى ذلك الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة للواردات، ‏وهو إعفاء يستفيد منه المستثمرون الموقّعون على اتفاقيات الاستثمار مع ‏الحكومة. ‏وأيضاً تدابير الحوافز الجمركية، بحيث يمكن للشركات التي ‏تلتزم القيام باستثمارات تكون كلفتها معادلة لـ 200 مليون درهم أو ‏أكثر، أن تعفى من ضرائب الاستيراد المفروضة على السلع والمعدات ‏والأدوات اللازمة لإنجاز مشاريعها والمستوردة مباشرة من طرف هذه ‏الشركات أو لحسابها، وذلك في إطار اتفاقيات يتم إبرامها مع الحكومة.‏
ويرى الخبير الاقتصادي المغربي عثمان كاير، أن المغرب ‏تمكن خلال ‏السنوات الأخيرة من تمكين توازناته الماكرو-اقتصادية ‏ورفع مستويات ‏تصنيفه من طرف المؤسسات الدولية المختصة، وهو ما يشكل بحد ‏ذاته ‏إنجازاً إيجابياً في ظل حالة اللااستقرار التي تعيشها المنطقة ‏العربية، ‏وذلك ما يجعل المغرب من وجهة نظره مؤهلا أكثر من غيره، ‏على ضوء ‏هذه الإنجازات، لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية التي تبحث ‏عن مناخ ‏محفز للاستثمار بكل ما يعنيه ذلك من جودة للمؤسسات ‏ ‏والحرية الاقتصادية والحوكمة. ‎
وسبق أن صنفت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية المغرب وجنوب ‏أفريقيا على رأس لائحة البلدان الأفريقية العشرة ‏الأكثر جاذبية ‏للاستثمارات الأجنبية المباشرة، إذ قالت الصحيفة عن المغرب، إنه بلد ‏جاذب جداً للاستثمارات ‏الأجنبية بنسبة بلغت 8.3‏‎%‎‏ من مجموع ما ‏استقبلته القارة السمراء.‏

الاكثر جاذبية 

كما حل المغرب ثانياً في فئة البنى التحتية وراء مصر، واحتل المرتبة ‏الأولى بين عشرة بلدان في فئة استراتيجية ‏تعزيز البنى التحتية، وقال ‏تقرير "فايننشال تايمز" إن "مطارات المغرب مرتبطة بأكثر من 80 ‏وجهة دولية، فيما يعتبر ميناء الدار البيضاء ‏ثاني ميناء في أفريقيا".‏‎ ‎
وفي توصيات صادرة عن صندوق النقد الدولي، شدد الأخير ‏على ‏ضرورة تسريع الإصلاحات التي من شأنها أن ترفع من نسبة ‏نمو ‏المغرب لتصل إلى 5 في المائة، مانحا المملكة نقطة إيجابية في ‏مجال ‏تشجيع الاستثمار. ولعل أبرز النقاط التي أشار إليها ‏الصندوق ‏وأصبحت محط إجماع، حسب المتتبعين، بين جل المتدخلين ‏في المجال ‏الاقتصادي المغربي، هي الوضع السياسي في المغرب والذي ‏يتميز ‏بالتوافق والاستقرار على حد وصفه، مع توقع أن ينخفض العجز ‏في ‏الميزان التجاري من 5.4 سنة 2013 إلى 4.3 سنة 2015، ‏وختم ‏الصندوق توصياته بنبرة أقل تفاؤلا، نظرا للصعوبات الاقتصادية ‏التي ‏تعيشها الدول الأكثر تعاملاً مع المغرب، والمرتبط بها بشكل ‏كبير ‏ومباشر. ‏
إلى ذلك، تلقى المغرب في الآونة الاخيرة هدية من المنتدى ‏الاقتصادي ‏العالمي، الذي أعلن ارتقاء المغرب من المرتبة 77 من حيث ‏التنافسية ‏الاقتصادية ضمن 144 دولة، إلى المرتبة 72 متقدما على ‏كافة دول ‏شمال أفريقيا، ما دفع وزير المالية محمد بوسعيد للقول في ‏تصريحات ‏صحافية سابقة إن "هذه التقارير والمعطيات تبرز تقدّم ‏المغرب وتعكس ‏ثمار إصلاحاته الشاملة، فهذه المؤشرات تبعث على ‏الثقة وتجعل المغرب ‏في موقع متميّز وترفع من جاذبيته للاستثمار".‏
لكن بالمقابل، يوضح كاير، أنه لا يمكن أن نتجاهل الهشاشة ‏البنيوية التي ‏ما زالت تلاحق الاقتصاد المغربي بالنظر لطبيعة الأنشطة ‏الأساسية ‏المشكلة للناتج الداخلي الخام والمرتبطة بالظرفية الدولية، ‏وهو ما يستلزم ‏مجهوداً حكومياً إضافياً من أجل تعزيز مناعة الاقتصاد ‏الوطني ‏والتقليص من ارتباطه المزمن بتحويلات المغاربة بالخارج ‏وعائدات ‏السياحة". حيث خلص الخبير عثمان كاير إلى أن "هذه الأخيرة ‏كلها موارد ‏لا يمكن أن تؤسس لتنمية حقيقية، والتي تمر عبر تطوير ‏الخدمات ‏والأنشطة ذات القيمة المضافة".‏‎
وعن حجم استقطاب الاستثمارات الخارجية، قال وزير الصناعة والتجارة ‏والتكنولوجيا الرقمية، مولاي حفيظ العلمي، في جلسة عامة للبرلمان ‏المغربي، إن الاستثمارات الأجنبية في النصف الأول من العام الجاري، ‏سجلت ارتفاعا بنسبة ‏152 %‎، حيث بلغت 11.6 مليار درهم (قرابة ‏‎1.323‎‏ مليار دولار أميركي)، مقارنة بـ 4.6 مليار درهم (525 مليون ‏دولار) خلال نفس الفترة من العام الماضي‎.‎
وسجل الوزير، أنه "ورغم الأزمة الاقتصادية العالمية، فإن المغرب عرف ‏نمواً في عدد المستثمرين الأجانب بلغ نسبة ‏‎23.4 % خلال سنة 2013، ‏وأقر أن هذه الأرقام سجلت بفعل الانفتاح الاقتصادي والاستقرار ‏السياسي، اللذين يلعبان دوراً مهماً في جذب الاستثمار الأجنبي إلى المغرب".

دلالات

المساهمون