المغرب يدق ناقوس الخطر: الحجر الصحي يهدّد أطفالنا

المغرب يدق ناقوس الخطر: الحجر الصحي يهدّد أطفالنا

12 يونيو 2020
تخفيف تداعيات الحجرعلى الأطفال ضروري(كريس جاكسون/Getty)
+ الخط -
تصاعدت النداءات التي تطالب الحكومة المغربية باتخاذ تدابير عاجلة، للتخفيف من تداعيات الحجر الصحي على آلاف الأطفال، وذلك بالتزامن مع قرار تمديد حالة الطوارئ الصحية، للمرة الثالثة على التوالي، إلى 10 يوليو/ تموز المقبل.

ودقّت الجمعية المغربية لطب الأطفال، ناقوس الخطر حول بقاء الصغار حبيسي جدران المنازل، بعد أن جرى تقسيم المملكة إلى منطقتين 1 و2، تستفيد الأولى من تخفيف تدابير الحجر الصحي بينما يبقى الوضع على ما هو عليه في الثانية.
وحذّرت الجمعية، في رسالة وجّهتها إلى وزير الصحة، خالد آيت الطالب، اطلع "العربي الجديد" على نسخة منها، من التبعات النفسية والصحية لبقاء الأطفال في المنازل لشهر إضافي، مطالبة بالسماح للأطفال الموجودين في المنطقة 2، بالخروج إلى الشارع. فيما كان لافتاً، اليوم الجمعة، دخول حزب التقدم والاشتراكية المعارض على الخط، داعياً الحكومة إلى اتخاذ تدابير عاجلة للتخفيف من تداعيات الحجر المنزلي على الأطفال الموجودين في المنطقة 2، خاصة من خلال السماح لهم بالخروج والتنزّه برفقة أولياء أمورهم.
واستغرب المكتب السياسي للحزب، في بيان اجتماعه، الطريقة التي اعتمدتها الحكومة في إعلان القرارات المتعلقة بالطوارئ الصحية والحجر الصحي. وشدّد على أنه كان الأجدى بالحكومة، تحضير الرأي العام، قبل أسابيع، لتقبلها.


إلى ذلك، اضطرت العشرات من الأمهات المغربيات إلى إطلاق نداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حول تداعيات الحجر الصحي، الذي وضع نفسية الآلاف من الأطفال على المحك، وذلك بعد أن تجاهلتهم الحكومة في خطتها للتخفيف من الحجر الصحي.

وتقول مريم التايدي، وهي أم مغربية، لـ"العربي الجديد": "لاحظت أنّ كل الإجراءات التي تم اتخاذها، بعد 3 أشهر من التزام الحجر، لا تتناول الأطفال نهائياً. وأنّ تلك التي اتُبعت متعلّقة بالتلاميذ، ولاسيما متابعتهم للتعليم عن بعد. فيما غاب أنّ المدرسة بالنسبة إلى الطفل، ليست فقط مجالاً للتلقين، وإنما أيضاً هي مجال اجتماعي، يحقّق فيه الطفل التواصل مع أقرانه واقتسام الفضاء معهم واللعب". ولفتت إلى أنّ 3 أشهر من حبس الأطفال في البيت، تهدّد الصحة النفسية للأطفال وما لها من أهمية في التنشئة".
وأوضحت التايدي أنه بعد استماعها للعرض الذي قدّمه رئيس الحكومة، واطلاعها على البيان المشترك لكل من وزارتي الصحة والداخلية بشأن تمديد الطوارئ، لم تجد أي إشارة لتخفيف الحجر عن الأطفال، خصوصاً أولئك في المنطقة 2، المستمرة في الحجر الصحي. وأضافت: "لهذا السبب التمست من الحكومة ورئيسها، من خلال تدوينة على فيسبوك، إيلاء الاهتمام لهذه الفئة، واعتماد شروط تخفيف جزئية، يمكن أن تكون ساعات محددة، أو يومين في الأسبوع مثلاً، يخرج فيها الأطفال مع مرافق لهم، مع الالتزام بشروط التباعد الجسدي والتزام احتياطات السلامة".
وتابعت: "كأم لطفلة لاحظت مدى تأثّرها بالحجر والعزلة، رغم كلّ الجهود التي أبذلها معها في تنويع الأنشطة. وإن كنا ككبار أُصبنا بالضجر جرّاء ضغط أشهر الحجر، فكيف سيكون حال طفلتي، وأي تأثير لذلك على مستقبلها؟".​

تأثيرات نفسية
الطبيبة النفسية للأطفال والمراهقين، إيمان أوخير، أوضحت أنّ الحجر الصحي كان له تأثيرات نفسية سلبية على المجتمع المغربي عامة، وعلى الأطفال والمراهقين خاصة، بعد أن وجدوا أنفسهم ملزمين، في وقت وجيز، بالتأقلم مع الكثير من المتغيّرات الحياتية، من قبيل التوقف عن الذهاب إلى المدارس وملازمة المنازل، والحدّ من اللقاءات الاجتماعية. هذا بالإضافة إلى صعوبة العيش مع الخوف من الإصابة بالعدوى، والموت وفقدان أشخاص مقربين إليهم، وتشارك أفراد الأسرة مكان العيش بصورة مستمرة، وما يمكن أن ينتج عنه من توتر ومشادات.
وقالت الطبيبة النفسية، في تصريح لـ "العربي الجديد": "إنّ استمرار الحجر الصحي، يمكن أن يكون مدخلاً لعدد من المشاكل والاضطرابات النفسية عند الطفل، كالقلق والاكتئاب المزمن مثلاً أو نوبات الهلع ومشاكل النوم، وكذلك اضطرابات السلوك التي سجل كلّ من الآباء والعاملين في مجال الصحة النفسية للأطفال، تزايدها بشكل كبير في الآونة الأخيرة، ما دفعهم الى إنشاء عرائض من أجل الدعم والمطالبة بالتحفيف من ظروف الحجر الصحي والإبقاء على السلامة الصحية النفسية للأطفال".
وقالت أوخير، إنّه "في انتظار الاستجابة لتلك المطالبة، ومن أجل الوقاية من التبعات النفسية للحجر على الأطفال، يتعيّن على الآباء توفير نمط عيش صحي، بما فيه الاستمرار في مزاولة الأنشطة الجسدية والرياضية وتوفير الأكل الصحي، وتوفير مكان في البيت للّعب وتخصيص وقت للتواصل واللعب معهم. إضافة إلى الابتعاد عن مشاهدة الشاشات طيلة اليوم، كما يجب تخصيص وقت للاستماع إلى الأطفال، لتفريغ الطاقة السلبية عندهم، وتشجيعهم على التعبير عن المشاعر التي يمرّون بها".

المساهمون