المغرب: كورونا يعزل السياحة الجبلية

المغرب: كورونا يعزل السياحة الجبلية

03 سبتمبر 2020
السياحة الجبلية مصدر رزق الكثير من المغاربة (Getty)
+ الخط -

الصمت يلف أمليل، لا ماء في الوادي يصلك خريره ليبهجك، ولا ضجيج سياح، بلغاتهم المختلفة تسمعه فتقول هذا يوم سعيد".. هكذا يصف حسن إد حم، حال القرية الجبلية المغربية الواقعة في منطقة الأطلس الكبير، التي حجب فيروس كورونا الجديد السياح عنها منذ مارس/آذار الماضي، بينما يعصف بها الجفاف أيضا هذا العام لتزيد الصعوبات التي يواجهها سكانها.

وكثيرا ما يلوذ المغاربة بـ"أوريكة" و"إمليل"، اللتين تبعدان عن مدينة مراكش بين 60 و70 كيلومترا، هربا من الحرارة المرتفعة التي تلامس 48 درجة، يبحثون في تلك القريتين عن نسمة منعشة، بجانب الأودية والشلالات، التي تنبثق من جبال الأطلس الكبير.

وكانت "أوريكة" المقصد الوحيد للهاربين من قيظ مراكش، قبل أن يكتشفوا قرية "إمليل"، التي يمكن الوصول إليها من المدينة الحمراء أو النفاذ إليها عبر طرق جبلية من أوريكة ومنطقة أوكايمدن.

كان إقبال السياح المغاربة والأجانب، فرصة تتيح لأسر المنطقة الجبلية الحصول على إيرادات بفضل منازلها التي تعدها للإيجار والمقاهي والمطاعم المرتجلة على ضفاف النهر، الذي تحيط به الجبال وتظلله أشجار الجوز.

لم يغادر حسن إد حم، الباحث في علم الاجتماع، منطقة إمليل في هذا الصيف. هو شاهد على الركود الذي أصابها، فكل المشتغلين في القطاع السياحي، وجدوا أنفسهم ضحايا البطالة التي فرضها الفيروس منذ نحو ستة أشهر.

وطغت السياحة الجبلية في الأعوام الأخيرة، بشكل تدريجي، على النشاط الزراعي في تلك المنطقة القابعة عند قدم جبل توبفال. فقد أضحت "إمليل" تعتمد بشكل رئيسي على السياح الأجانب، كما تترقب في فصل الصيف والعطل السياح المحليين.

وساهم هذا الازدهار في ظهور وكالات أسفار وفنادق في مركز إمليل، إضافة إلى مآوٍ على طول الطرق الدائرية الجبلية التي يقطعها السياح. فأغلب الأسر في المنطقة تعتمد، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، على الإيرادات التي تدرها السياحة الجبلية.

يقول حسن إدحم إنه "عندما حل فيروس كورونا في المغرب، أصاب اقتصاد إمليل في مقتل، مشيرا إلى أن الجميع تضرر من مطاعم ونزل وحتى مالكي البغال، الذين لا يمكن الحديث عن شيء اسمه السياحة الجبلية بدونهم، حيث يحملون السياح وامتعتهم لاقتحام الجبال الوعرة والفجاج العميقة.

يؤكد إدحم أن أغلب أصحاب البغال باعوها في الفترة الأخيرة، لأن السياحة الخارجية انقطعت عن المنطقة. كما توقف نشاط المرشدين السياحيين الجبليين، سواء كانوا من الحاصلين على ترخيص للعمل أو يعملون من دونه.

لم يرتجل سكان قريتي "أوريكة" و"إمليل" في الصيف الحالي مطاعم ومقاهي على ضفاف النهر، حيث اعتادوا إعداد أطعمة في قدور طينية محلية، إنه الطجين الأمازيغي.. ولم ينشر شباب من القريتين، كراسي وطاولات في الساحات، حيث يعرضون زجاجات المشروبات الغازية، وفق رشيد أمزيل، الذي يعمل مرشدا سياحيا، مؤكدا أن آخر سائح أجنبي شهدته المنطقة كان في منتصف مارس/آذار الماضي.

ويضيف أمزيل أن الجميع كان يراهن على فصل الصيف، خاصة بعد إجراء اختبارات الإصابة بالفيروس لأصحاب المآوي والفنادق والعاملين بها، غير أن توقعاتهم خابت، حيث جرى تشديد تدابير المراقبة وأغلقت المنطقة. كما لن تسعف الزراعة ساكنة تلك المنطقة، حيث كان يفترض أن تعوض بعضا من الخسائر التي تكبدوها جراء توقف النشاط السياحي. فقد تراجع منسوب المياه في الأودية التي تخترق المنطقة، ما سينعكس سلبا على ما تطرحه أشجار الفواكه.

المساهمون