المغرب: استئناف حرب القوانين الانتخابية

المغرب: استئناف حرب القوانين الانتخابية

04 فبراير 2020
"الاستقلال" يطالب بفتح ورش إصلاح القوانين الانتخابية (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -

عاد حزب الاستقلال، ثاني أكبر حزب معارض في المغرب، للضغط على حكومة حزب العدالة والتنمية، بعد أن وجه أمينه العام نزار البركة، أمس الاثنين، مراسلة إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، داعياً إياه إلى الإسراع بفتح ورش الإصلاحات السياسية المتعلقة بالمنظومة الانتخابية.

وطالب الأمين العام لحزب الاستقلال، في مراسلته، بـ"التعجيل بفتح الحكومة لورش الإصلاحات السياسية المتعلقة بالمنظومة الانتخابية في إطار الحوار والتشاور مع الفرقاء السياسيين، واقتراح جملة الإصلاحات القانونية والمؤسساتية والممارسات الجيدة للخروج بتعاقد سياسي بين الدولة والأحزاب السياسية والمجتمع"، وذلك بهدف "إعطاء دينامية جديدة للعمل السياسي والمؤسساتي ببلادنا، والعمل على استرجاع الثقة بالعمل السياسي، وبالمؤسسات المنتخبة، وبغية تحصين وتقوية الاختيار الديمقراطي".

واقترح بركة أن "تتم مناقشة المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات، بما فيها اللوائح الانتخابية ونمط الاقتراع، والتقطيع الانتخابي، والعتبة الانتخابية، وتمثيلية النساء والشباب، والمشاركة السياسية للجالية المغربية في الانتخابات، وتاريخ الانتخابات والحملة الانتخابية، وتحصين العملية الانتخابية من سلطة المال والنفوذ، إلى غير ذلك من المواضيع ذات الصلة".

وتشكل مراسلة قيادة الاستقلال إلى رئيس الحكومة إشارة واضحة على استئناف "حرب القوانين الانتخابية" التي كان قد شنها الصيف الماضي نحو 20 حزباً في الأغلبية الحكومية والمعارضة، في محاولة لمحاصرة حزب العدالة والتنمية في تشريعيات 2021، وإنهاء هيمنته على المشهد الحزبي لما بعد الربيع العربي.

ويراهن حزبا الاستقلال والأصالة والمعاصرة (أكبر حزبين معارضين) وأحزاب الأغلبية (التجمع الوطني للأحرار، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والاتحاد الدستوري، والحركة الشعبية)، فضلاً عن أحزاب غير ممثلة في البرلمان المغربي، على الضغط من أجل مراجعة القوانين التنظيمية الخاصة بمدونة الانتخابات، والحصول على العضوية في مجلسي النواب والمستشارين، والمجالس الترابية، والغرف المهنية. 

وبحسب قيادي في حزب العدالة والتنمية، تحدث مع "العربي الجديد" وطلب عدم ذكر اسمه، فإن مطالبة الاستقلاليين بالتعجيل بفتح الحكومة لورش الإصلاحات السياسية المتعلقة بالمنظومة الانتخابية، هو أمر اعتاد عليه الحزب منذ سنوات، كما أنه "سلوك طبيعي من قبل الفاعلين السياسيين مع اقتراب موعد أي استحقاقات انتخابية"، مشيرا إلى أن "رئيس الحكومة لا يملك وحده قرار فتح مشاورات مع الأحزاب السياسية بشأن مراجعة القوانين المؤطرة للعملية الانتخابية، وإنما الأمر يتم، كما جرت العادة في المغرب، وفق مقاربة تشاركية بين الأحزاب السياسية ووزارة الداخلية، التي يعكف خبراؤها على صياغة وإعداد تلك القوانين".

القيادي في العدالة والتنمية توقع أن يتم فتح المشاورات بشأن إصلاح القوانين الانتخابية في الدورة التشريعية الخريفية القادمة أو الدورة الربيعية على أقصى حد، على أن يتم اعتماد التعديلات قبل صيف 2021، حيث يتوقع أن تنظم الانتخابات في شهر سبتمبر/ أيلول أو أكتوبر/ تشرين الأول، وفق ما جرت به العادة في المغرب.

وفي الوقت الذي لم تكشف فيه وزارة الداخلية عن تصورها لورش مراجعة القوانين الانتخابية على بعد سنة من النزال الانتخابي، لا يخفي العديد من الأحزاب السياسية مطالبتها بمراجعة نمط الاقتراع المعمول به حاليا، في اتجاه تنظيم الانتخابات الجماعية والتشريعية المقبلة، وفق نمط الاقتراع الفردي عوض الاقتراع باللائحة.

وبحسب رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، فإن "التجربة الحكومية التي عاشها المغرب في ظل دستور 2011، والتي اتسمت بوجود حكومة بدون هوية أو أيديولوجية، وفاقدة للتضامن وقابلة للانفجار في أية لحظة، يستدعي نقاشا حقيقيا حول تقيم التجربة، وتدشين إصلاح سياسي مدخله التفكير في إصلاح النظام الانتخابي في اتجاه تكريس الوضوح السياسي".

وقال أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن فتح نقاش حول نمط الاقتراع ضروري قبل الانتخابات التشريعية المقبلة، على اعتبار أن "نمط الاقتراع الحالي القائم على النسبية مع أكبر البقايا يساهم في إحداث عدم استقرار سياسي، ويدفع نحو تحالف حكومي هش ومتقلب، فضلا عن كونه يتيح للحكومة التنصل من المسؤولية السياسية، ويجعل المواطن عاجزا عن التقييم، ومن تم الاختيار بناء على حصيلة تدبيرية". 

ويرى المتحدث ذاته أن "مدخل الإصلاح السياسي يكمن بدرجة أولى في عدم السقوط في خطأ صياغة نظام انتخابي على المقاس، من خلال تحالفات فوقية غايتها الإبقاء على نفس الفئة المتحكمة في زمام اللعبة السياسية"، لافتا إلى أن "واقع الحال يظهر أن واقع الحياة السياسية أقوى من المنظومة الانتخابية، وأن عدم الاستقرار الحزبي له تأثير أكبر على نمط الاقتراع".

المساهمون