المغرب: "العدالة والتنمية" وتصحيح المسار

المغرب: "العدالة والتنمية" وتصحيح المسار

17 اغسطس 2016
+ الخط -
منذ الوصول إلى السلطة في المغرب، وقيادة حزب العدالة والتنمية تنمّي فكرة وإيديولوجية الاضطهاد والمعاناة، ما يعني مزيداً من التسلّط والقهر، تقدّم في حلّة حزبية، وفي ظلّ خطاب يشرعن التظلّم والظلم والحيف.
وفي أوساط الحزب، تجد من يقبل الفكرة، ويؤمن بها إيمانا تيولوجياً، ولا يقنع بغيرها، وعلى مسافة من ذلك، تقف القيادة الممثلة في الأمانة العامة للحزب كأعلى هيئة سياسية، على مشارف انتخاباتٍ قد تكون مفصلية للحزب، ومستقبل التحالف والحكومة.
التخوّفات من سقوط الحزب في انتخابات 7 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بدأت تسري في ردهات الحزب، والاستعداد للتوّجه نحو معارضة جديدة، قد لا تجد صدىً لدى نشطاء الحزب، فاستعداداً لهذه الانتخابات، وضع الحزب على عاتقه التصدى للخصوم الذين تعدّدت أوصافهم ومسمياتهم.
الدائرة الإعلامية لحزب العدالة والتنمية، والمكوّنة أساساً من منابر إعلامية إلكترونية وورقية، وجيشاً من المنافحين عن سياسات الحزب، وضعوا في حالة تأهب قصوى وراء أجهزة التواصل، همّهم، بل ومن مهماتهم، فقط، الرد على الخصوم وتوجيه الضربات للمعارضين. وقد نجح جيش الحزب في خضم هذه المعارك التي تجرّ على الحزب انتقادات حول عدم قدرته على القبول بالرأي الآخر .
يواجه الحزب معركة ذات وجهين، داخلى وخارجي، إذ تبعاً لمسار الحزب في الحكومة، ظهر تيار متشبّع برغبة البقاء في السلطة، وعدم التخلّي عنها مهما كلّف ذلك من ثمن، ولو على حساب مرجعيات الحزب ومبادئه. وهذا التيار المتعطّش لنفحات الحكم، أحدث متاعب داخلية للحزب، فكان الرد، وعلى أوسع نطاق من دوائر شعبية داخل الحزب، والتي عبّرت عن رفضها القاطع للإستمرار في الحكومة بالطريقة نفسها، أي التوّقف عن مواجهة الفساد، وبعبارة أدق التصالح معه.
خارجياً، يواجه حزب العدالة والتنمية خصوماً متعدّدين، ومن أبرزهم حزب الأصالة والمعاصرة، وهو الحزب الذي ظهر في الساحة فجأة، ومن دون مقدمات، وظهوره يعيد البلاد إلى الوراء، حيث كانت الأحزاب تظهر، بل وتصنع بسرعة البرق لمواجهة أحزاب وطنية قوية أو إضعاف أحزاب ونقابات، وتشتيت أصوات الناخبين لمنع فوز حزب "غير مرحب به".
وضع الحزب الجديد، هدفه إرغام حزب العدالة والتنمية على البقاء، بعيداً عن القيام بأيّ إصلاح حقيقي، فهو سيبقى رهين معارك وهمية مع "الأصالة والمعاصرة"، وقد نجح النظام السياسي في إحداث متاعب للحزب الإسلامي، ومنذ وصوله إلى السلطة في انتخابات نزيهة، ظلّ الحزب يخوض معارك لا تنتهى، إلا وتبرز معارك أخرى.
نجاح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة سيكون بمثابة نقلة نوعية لمساره السياسي، لكن النجاح لن يتأتى إلا بتخلّي الحزب عن ممارساتٍ غير معقلنة ولا ديمقراطية، فلا بد من "كنس" داخلي، أي إبعاد عناصر غير مرغوب فيها داخلياً، والتصدي للأفكار التقديسية التي تحوّل معارك الحزب الانتخابية إلى غزوات وفتوحات، واستغلال الجمعيات الخيرية وأعمال الخير، سلّما إلى أوطارهم وأغراضهم الانتخابية، فالحزب لا بدّ له من التصالح مع ذاته، والبقاء بعيداً عن أهوال السلطة لكي يتمكن من إيصال خطابه ومشروعه الذي انتكس في لحظات من تسلّمه للسلطة.
F01BF109-CE84-49A7-B7DD-C4503D4FBCEE
F01BF109-CE84-49A7-B7DD-C4503D4FBCEE
محمد الأغظف بوية (المغرب)
محمد الأغظف بوية (المغرب)