المعارضة تهدم أسوار "داعش" والنظام في الجنوب السوري

المعارضة تهدم أسوار "داعش" والنظام في الجنوب السوري

11 يونيو 2015
خسائر النظام تتوالى في درعا (إبراهيم حريري/الأناضول)
+ الخط -
تسلّمت قوات المعارضة السورية زمام المبادرة في الجنوب السوري من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والنظام بعد أن تمكنت من توجيه ضربة قاسية للطرفين في وقت واحد. ففي منطقة القلمون الشرقي الواقعة شمال شرق العاصمة السورية دمشق، وجّهت فصائل المعارضة ضربة قوية لـ"داعش" الذي حاول مراراً التمدد في المنطقة بهدف الوصول إلى غوطة دمشق الشرقية.
كما استطاعت المعارضة، التي تسيطر على معظم محافظة درعا جنوب البلاد، أن تلحق هزيمة كبيرة بقوات النظام المتبقية في درعا، عقب سيطرتها على اللواء 52، أهم لواء عسكري للنظام في المنطقة على الإطلاق، لتقترب المعارضة من حسم معركة درعا وريفها وتبدأ بالتفكير جدياً بدخول محافظة السويداء وفك الحصار الذي تفرضه قوات النظام على مناطق سيطرتها جنوب دمشق في غوطة دمشق الغربية والشرقية.


اقرأ أيضاً:
المعارضة السورية تبدأ معركة طرد "داعش" من القلمون الشرقيّ 

ضرب "داعش"

شكلت فصائل المعارضة العاملة في منطقة القلمون الشرقي، أخيراً، غرفة عمليات مشتركة لمحاربة "داعش" الذي يسيطر على منطقة المحسا وجبل المنقورة في أقصى شمال سلسلة جبال القلمون الشرقي. حددت الغرفة المشتركة أهدافها بإخراج التنظيم من المنطقة وفتح الطريق أمام المعارضة لبدء عملية كبيرة تهدف إلى وصل مناطق سيطرتها في القلمون الشرقي بمناطق سيطرتها شمال سورية عبر ريفي حمص وحماة الشرقيين.

وتمكنت فصائل "جيش الإسلام"، حركة "أحرار الشام"، جيش "أسود الشرقية" فضلاً عن تجمع "كتائب الشهيد أحمد العبدو"، المنضوية في غرفة العمليات المشتركة، من التقدم على حساب "داعش" في منطقة جبل الأفاعي في القسم الشمالي من منطقة القلمون الشرقي لتقترب أكثر من منطقة المحسا الاستراتيجية التي تصل مناطق القلمون الشرقي بمنطقة القريتين في ريف حمص الشرقي.

وأعلن "جيش الإسلام"، عبر موقعه الرسمي على الإنترنت، مشاركة اللواء الخامس التابع له في عملية طرد "داعش" من منطقة القلمون الشرقي، بقيادة أبو محمد إسلام، أحد أبرز القادة العسكريين في جيش الإسلام، والذي قاد معركتي عدرا العمالية والدخانية ضد قوات النظام العام الماضي.

هزيمة النظام الكبرى

في موازاة ذلك، بدأت قوات المعارضة "معركة القصاص"، بالسيطرة على اللواء 52 مشاة ميكانيكي ثاني أكبر ألوية الجيش السوري على الإطلاق والذي يقع إلى الجنوب من بلدة الحراك في ريف درعا.

لا تبدو وجهة المعارضة التالية واضحة بدقة، وإن كانت المعطيات المتوفرة تشير إلى أن الوجهة المقبلة لها هي مطار الثعلة العسكري الواقع شمال غرب مدينة السويداء، ومن ثم مدينة إزرع التي باتت تعتبر أهم تجمع لقوات النظام في محافظة درعا على أوتوستراد دمشق ــ درعا الدولي.

العملية، التي تمكنت خلالها المعارضة من الاستيلاء على اللواء 52، لم تستغرق سوى ساعات قليلة تخللتها أيضاً السيطرة على قرى وبلدات عدة محيطة باللواء كبلدة المليحة الغربية وقرى رخم والدارة وسكاكا، وتقع الأخيرة على تخوم مطار الثعلة العسكري.

الرائد نبيل، وهو ضابط منشق عن اللواء 52، أوضح لـ"العربي الجديد" أن "مقاتلي المعارضة سيطروا على الكتيبة 14، الكتيبة 59 وكتيبة المدفعية والاستراحة، بعد هروب قوات النظام ومقتل أكثر من 60 مجنداً وعشرة ضباط بينهم قائد اللواء 52". وقد وصلت أعداد كبيرة من جثث وجرحى عناصر النظام إلى مستشفى السويداء الوطني.

وأضاف نبيل، الذي يعمل حالياً في صفوف المعارضة، أنّ الهجوم على اللواء نفّذ من محاور عدة، إذ هاجمه المسلحون من بلدات ناحتة والحراك والمليحة الشرقية شمالاً ومن بلدة الكرك جنوباً، وذلك بعد استهدافه براجمات الصواريخ وقذائف الهاون والدبابات. كما أشار إلى أنّ ضباط وصف ضباط قوات النظام توجهوا إلى مطار الثعلة بعد الانهيار الكبير والسريع لقواتهم في قرى رخم والمليحة الغربية والدارة واللواء 52.

وشارك في عملية السيطرة على اللواء 52 كل من الجيش الأول، الفيلق الأول، جيش اليرموك، لواء شباب السنة، لواء أسود السنة، حركة أحرار الشام، لواء بيت المقدس، الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام.

ويعتبر اللواء 52 من أقوى الألوية التابعة للنظام السوري في الجبهة الجنوبية من حيث التسليح والمساحة الجغرافية التي يمتد عليها، وإذ يعد ثاني أكبر لواء في سورية، حيث يربط ريفي درعا والسويداء، وكان يعيق تقدم فصائل المعارضة باتجاه مناطق إزرع وخربة غزالة. كما كان يمثل مع مطار الثعلة العسكري في غرب مدينة السويداء خطّ الدفاع الأول عن قواعد النظام في المدينة.

وكانت قوات النظام قد استخدمت اللواء لقصف السكان وقوات المعارضة في المحافظة، ولا سيما أنه يكشف الكثير من الطرقات. وكان اللواء يمثّل ضرراً كبيراً للمدنيين ويمنعهم من زراعة أراضيهم. وبسيطرة قوات المعارضة على اللواء باتوا يتحكمون بطريق إمداد قوات النظام القادم من دمشق باتجاه أحياء سيطرتها داخل مدينة درعا عبر الطريق الدولي دمشق–درعا.

اقرأ أيضاً: الألغام البحرية أحدث أسلحة القتل لدى النظام السوري

وحول أهمية اللواء لجهة التسليح، أوضح المستشار القانوني للجيش الحر، أسامة أبو زيد، لـ"العربي الجديد" أن "اللواء يتألف من كتائب عدة هي كتيبة الدفاع الجوي، كتيبة مدفعية ميدان 120 وكتيبة دبابات تي 72. كما يضم سبع سرايا هي: سرية استطلاع، سرية هندسة، سرية شؤون فنية، سرية إشارة، سرية مقر، شؤون إدارية، وسرية نقل". ووفقاً لأبو زيد، فإنه تم تعزيز اللواء بعد انطلاق الثورة السورية بمدفعية ميدان 130، مدفعية فوزديكا، مضادات 23، فضلاً عن راجمات بي أم 107 وراجمات بي أم 41 وصواريخ غراد".

الا أن عضو قيادة الجبهة الجنوبية في الجيش السوري الحر، أيمن العاسمي، أوضح لـ"العربي الجديد" أن النظام سحب في الآونة الأخيرة، وتحديداً حين شعر بقرب الهجوم على اللواء، الكثير من تسليحه القوي فضلاً عن ضباطه باتجاه مطار الثعلة. وأشار العاسمي إلى أن "هذا الخطأ يرتكبه النظام على نحو متكرر، حيث تدفعه الرغبة في المحافظة على بعض أسلحته الهامة وحياة بعض ضباطه إلى الانسحاب الوقائي حين يشعر أنه على وشك فقدان موقع ما بدلاً من تعزيز هذا الموقع".

ما بعد اللواء 52

ويرى عسكريون أن السيطرة على اللواء 52 تعد نصراً استراتيجياً، وتعني دحر قوات النظام من كل ريف درعا الشرقي. كما تعني أن سقوط مطار الثعلة في ريف السويداء الشمالي الغربي بات مسألة وقت.

وأوضح عضو قيادة الجبهة الجنوبية، أيمن العاسمي، أنه ليس للنظام مرتكزات قوية في محافظة السويداء، إذ لا يوجد له هناك سوى الفرقة 15 التي تآكلت فعلياً نتيجة سحب أكثر من نصفها لتعزيز الجبهات الأخرى، ولا سيما المناطق الغربية في محافظة درعا.

يضاف إلى ذلك، تدهور العلاقة أخيراً بين أهالي السويداء والنظام بسبب سلوك الأجهزة الأمنية هناك بقيادة اللواء وفيق ناصر، ومحاولات النظام سحب أبناء المحافظة إلى التجنيد الإلزامي مقابل رفض الأهالي إرسال أولادهم إلى جبهات القتال خارج المحافظة.

وأوضح العاسمي أنه "سيكون من الصعب على قوات النظام في السويداء الانسحاب من المحافظة باتجاه إزرع نظراً لانتشار قوات المعارضة في المنطقة، ونظراً لصعوبة تضاريسها، ما يجعل الانسحاب مكشوفا أو في مناطق وعرة، الأمر الذي قد يدفع النظام إلى التفكير في الإخلاء الجوي لما يستطيع من قواته هناك".

ووفقاً للعاسمي، فإنّ الهدف الأهم للمعارضة سيكون إزرع حيث الوجود العسكري القوي للنظام هناك، والمتمثل في اللواء 12 والفوج 175، معرباً عن اعتقاده أنه في حال انهيار قوات النظام في إزرع، وهذا متوقع، فذلك يعني انهياراً تلقائياً لقواته في الصنمين حيث مقر الفرقة التاسعة، والتي تضعضعت بدورها نتيجة الانشقاقات والقتلى والسحب منها إلى الجبهات الساخنة.

وختم العاسمي بالقول إن أكبر القطع العسكرية للنظام في محافظة درعا باتت بالفعل تحت سيطرة المعارضة مثل الألوية 38، 112 ،61 82 وأخيراً اللواء 52.

وفي حال طويت صفحة إزرع وبعدها الصنمين وخربة غزالة، تكون محافظة درعا قد أنهت وجود النظام العسكري فيها، باستثناء جيوب متفرقة مثل درعا المحطة وحي في درعا البلد، فضلاً عن بعض الجيوب الأخرى، التي يعتبر سقوطها مؤكداً. وأعرب العاسمي عن اعتقاده بأن المعركة الحاسمة ستكون قريباً في دمشق، متوقعاً تحريك جبهة الغوطة في وقت قريب.

 اقرأ أيضاً مقبرة اليرموك: 1100 قتيل فلسطيني منذ 2011