المعارضة تضغط على السبسي لرفض توقيع قانون المصالحة

المعارضة تضغط على السبسي لرفض توقيع قانون المصالحة

21 أكتوبر 2017
البعض يأمل بعدم توقيع السبسي على المشروع(أمين لندلسي/الأناضول)
+ الخط -
لا تزال المعارضة التونسية تعوّل على عدم توقيع رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، على مشروع قانون المصالحة في المجال الإداري ورده إلى البرلمان، بعدما أحيل إليه من طرف "الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين"، بسبب تعادل الأصوات داخلها (ثلاثة مقابل ثلاثة) خلال جلسة التصويت على هذا المشروع.

وأعلنت الهيئة أن سبب تساوي التصويت بين أعضائها، يعود إلى خلل في القانون المتعلق بتكوينها وبهيكليتها، إذ لم يتم تصحيحه من قبل البرلمان، كما لم يتم تداركه في تركيبة المحكمة الدستورية المقبلة. وقال الكاتب العام للهيئة، حيدر بن عمر، في لقاءات إعلامية، إن نواب البرلمان لم يتحركوا لتعديل قانون الهيئة مع أنهم يعلمون أن هناك خللاً فيه. وشرح أن القانون ينص على تركيبة ذات عدد زوجي، لا يكون لرئيسها رأي حاسم ومرجّح لصالح قرار ما، وهو ما يجعلها، كلما وصلت إلى التساوي، تحيل المشروع المعروض أمامها إلى رئيس الجمهورية من أجل التقرير بشأن توقيعه أو رده.

وكان ناشطون من حملة "مانيش مسامح" قد نشروا وثائق نسبت إلى المجلس الأعلى للقضاء، تتضمن رده على الاستشارة الموجهة إليه من قبل رئاسة البرلمان التونسي حول مشروع قانون المصالحة، قبيل التصويت عليه في الجلسة العامة الشهر الماضي، والتي قضت بعدم دستورية المشروع. وأوضح الناشط بالحملة، وسام الصغير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الوثيقة الداخلية للمجلس الأعلى للقضاء نصت على أن مشروع قانون المصالحة في المجال الإداري يخالف بوضوح الدستور التونسي ومسار العدالة الانتقالية المحصن بالدستور. وبيّن أن قرار المجلس الأعلى للقضاء أبرز موقفاً جلياً من المشروع في حين امتنعت "الهيئة الوقتية" عن البت بشأنه.

وفي ما يتعلق بالحديث المتداول عن إمكانية امتناع رئيس الجمهورية عن التوقيع على المشروع، اعتبر الصغير أن "الأمر سيان، فالمهزلة قد وقعت ولا تمثل هذه النية إلا خدعة لإعادة المشروع إلى البرلمان مجدداً لتتم المصادقة عليه هناك من طرف الأغلبية الحاكمة، ويبتعد رئيس الجمهورية عن الواجهة"، بحسب تعبيره.


بيد أن بعض أطياف المعارضة تعلق أملاً على عدم توقيع السبسي على المشروع وعدم إحالته بالتالي للنشر في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التنفيذ. وقال القيادي بـ"الجبهة الشعبية"، نزار عمامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الجبهة تدعو مؤسسة الرئاسة إلى عدم التوقيع على قانون يقسم التونسيين ولا يوحدهم ومشوب بعدم الدستورية بعدما عجزت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، عن البت فيه نتيجة الضغط عليها واختراقها"، بحسب تعبيره.

ولم ينف عمامي أن "الاختلال في قانون الهيئة التي نص على إنشائها المجلس التأسيسي، وفي قانون المحكمة الدستورية"، معتبراً أن هذا الخلل يؤثر على عمل الهيئة، ومشيراً إلى أنه "من المفروض أن يكون رأي رئيسها مرجحاً ما دام عدد أعضائها زوجياً". وتابع أنه "كان من الضروري أن تحسم الهيئة القرار وألا تبرر عدم الحسم بتساوي الأصوات، نظراً لأهمية المشروع وتعارضه مع الدستور، فإما أن تقوم بقبول الطعون أو رفضه فتنهي بذلك خلافاً حاداً في الساحة السياسية وبين التونسيين"، وفق تعبيره.

وأوضح رئيس "الكتلة الديمقراطية"، سالم لبيض، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه من المفارقات أن تتم دعوة الجهة المبادرة التي دافعت بشراسة عن مشروع قانون المصالحة إلى عدم التوقيع عليه ورده. ولفت إلى أنه في حال لم يوقع السبسي على المشروع، فإنه سيكسب في مجال المصداقية الشعبية، إذ إن "المشروع ترفضه الأوساط الجامعية والقانونية والسياسية فضلاً عن رفض التونسيين له".

وأضاف لبيض أن "الوثائق المسربة عن المجلس الأعلى للقضاء تبين أن المشروع توقف بسبب طعون جدية فيه". ودعا إلى "نشر استشارة المجلس الأعلى للقضاء وإحالتها لنواب البرلمان للاطلاع عليها والوقوف على التناقض الصارخ بين رأيه ورأي الهيئة، على الرغم من وجود أعضاء مشتركين في الهيكلين". ووصف "الهيئة الوقتية" باعتبارها مؤسسة "متخفية وراء التفاصيل التقنية لإخفاء تسييسها وتحزب بعض أعضائها"، مشيراً إلى أن "أحزاباً حاكمة قامت بتعيين أسماء يدينون لها بالولاء في مواقع قضائية تؤهلهم لأن يكونوا أعضاء في الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، حتى تستعين بهم عند الحاجة"، وفق تعبيره.