المعارضة السورية بين الصين وأوروبا: تقوية الموقف قبيل المفاوضات

المعارضة السورية بين الصين وأوروبا: تقوية الموقف قبيل المفاوضات

07 يناير 2016
ترفض المعارضة ربط زيارة الخوجة بزيارة المعلم(كينا بتنكور/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن المعارضة السورية تحاول تسوية أوضاعها الداخلية قبيل المفاوضات المزمع إطلاقها مع النظام في 25 من الشهر الحالي، إذ يقوم وفد من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بزيارة إلى الصين، فيما علم "العربي الجديد" من مصادر في المعارضة أن منسّق الهيئة العليا للتفاوض رياض حجاب سيقوم بزيارة إلى كل من ألمانيا وفرنسا بين التاسع والحادي عشر من الشهر الحالي بهدف تنسيق وتبادل الآراء، بالإضافة إلى شرح وجهة نظر هيئة التفاوض لكل من الألمان والفرنسيين حول المفاوضات بين المعارضة والنظام.

وقال المكتب الإعلامي للائتلاف إن رئيس الائتلاف خالد خوجة توجّه إلى الصين يرافقه وفد من الائتلاف يضم عضوي الهيئة السياسية فؤاد عليكو وعبد الأحد اصطيفو، حيث سيلتقي الوفد بوزير الخارجية الصيني وانغ يي للتباحث حول خطة الحل السياسي التي أقرت بالقرار الأخير لمجلس الأمن حول سورية رقم 2254. وأوضح المكتب أن "الائتلاف يسعى لإيجاد أرضية من إجراءات ميدانية وسياسية عاجلة للحل السياسي في سورية، مثل السماح للمساعدات بالدخول إلى المناطق المحاصرة، ووقف إطلاق البراميل من قبل نظام بشار الأسد وإطلاق المعتقلين".

ويبدو أن زيارة وفد الائتلاف إلى الصين، تهدف بالدرجة الأولى إلى ربط جسور تواصل بين الصين والمعارضة السورية بهدف تحييد الموقف الصيني على الأقل الذي لم يساهم مع النظام في سفك الدم السوري كروسيا وإيران، بالإضافة إلى وضع الصين في صورة موقف المعارضة من المفاوضات مع النظام، وحثّها على المساعدة في إيجاد إجراءات ميدانية وسياسية عاجلة للحل السياسي في سورية، كدخول المساعدات إلى المناطق المحاصرة، ووقف إطلاق البراميل والإفراج عن المعتقلين.

وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا شون ينغ، قد قالت خلال مؤتمر صحافي الإثنين: "نعتقد أنه في الوقت الحالي نحن بحاجة إلى السعي لوقف إطلاق النار في سورية، والتوصّل إلى تسوية سياسية بموازاة ذلك"، مشيرة إلى أن "الصين تفعل الآن كل ما يمكن لدفع القضية السورية في المسار الصحيح للحوار السياسي بأسرع وقت ممكن".

اقرأ أيضاً: الائتلاف السوري: سنطالب دي ميستورا بتطبيق إجراءات بناء الثقة

وقال الأمين العام للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، يحيى مكتبي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الصين دولة كبرى وهي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وكنا نتمنى أن يكون موقفها أقرب لنصرة الشعب السوري في ثورته، على الرغم من أن التصريحات الرسمية الصينية تؤكد دائماً أن الشعب السوري هو من يقرر مصيره".

وأشار مكتبي إلى أن الصين يمكن أن تؤدي دوراً إيجابياً لإيجاد حل سياسي يستند إلى مرجعية جنيف 1 التي تنص على تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، مؤكداً أن الائتلاف يمايز بين الموقفين الروسي والصيني تجاه ما يجري في سورية، لافتاً إلى أن "روسيا تمارس إرهاب الدولة ضد السوريين من خلال تدخّلها العسكري ودعمها اللامحدود للنظام، في حين أن الصين لم تشارك في قتل السوريين على الرغم من أننا كنا نتمنى لو لم تستخدم حق النقض لصالح النظام في مجلس الأمن".

وأكد مكتبي ألا ربط على الإطلاق بين زيارة خوجة وبين زيارة وزير خارجية النظام وليد المعلم إلى بكين قبل نحو أسبوع، مشيراً إلى أن الصين تستمع لجميع الأطراف في إطار السعي لإيجاد حل سياسي. وتمنّى أن تضغط الصين، كونها دولة كبرى حاضرة في المشهد الدولي، على النظام لتنفيذ القرارات الدولية الخاصة بما يجري في سورية.

من جهته، قال عضو الائتلاف الوطني المعارض، عقاب يحيى، لـ"العربي الجديد"، إن "خوجة توجّه قبل الاجتماع مع المبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، إلى الصين بناء على موعد مسبق".

وحول إمكانية قيام الصين بدفع الحل السياسي على الرغم من استخدامها حق النقض أربع مرات لمنع إدانة النظام السوري والتحقيق في جرائم الإدانة من قبل المحكمة الجنائية الدولية، قال يحيى إن "الاتفاق الروسي الأميركي هو من صاغ ذلك القرار، والأغلبية موافقة عليه، والصين تظل على مسافة من التدخّل المؤثر، ولا أعتقد أنه سيكون لها دورها الخاص المباشر"، موضحاً أن "اللقاء مع الصين هو نوع من المباحثات وليس أكثر من علاقات عامة، وتوضيح لبعض الأمور الخاصة بوضع الثورة والمعارضة".

وكانت الصين قد استضافت قبل أسبوعين مسؤولين من النظام السوري في زيارة رسمية، أعلن فيها المعلم استعداد دمشق للمشاركة في المفاوضات، بشرط من سيحضر من المعارضة.

وفي الوقت الذي تعمل فيه المعارضة على تجميع أوراقها ورصّ صفوفها قبيل التفاوض مع النظام، جاء قرار رئيس "تيار بناء الدولة" لؤي حسين، بالانسحاب من الهيئة العليا للتفاوض، الأمر الذي رأى فيه بعض المتابعين أنه سيصعّب من مهمة الهيئة في مواجهة النظام.

وعلّل حسين انسحابه بأنه "يعود لأسباب عديدة نشأت على خلفية تشكيل الهيئة على أساس المحاصصة الحزبية". وأضاف حسين في بيان، أنه أعلن عن تحفظه على هذه الطريقة منذ لحظة إعلانها كآلية لتعيين أعضاء الهيئة، وتلا ذلك تحفظه الدائم والشديد على تركيبة الهيئة القائمة على هذه المحاصصة، لكنه أوضح أنه "لم ينجح إطلاقاً بأي تعديل عليها أو على آلية عملها، بحيث تحوّلت إلى منصة خطابية جديدة لبعض أطراف المعارضة التي لا ينقصها منصات خطابية"، بحسب بيان حسين. وأضاف: "مأخذي على بنية الهيئة القائمة على المحاصصة هو الخشية من أن تتسبب هذه البنية وآليات العمل الناجمة عنها بانتصار ساحق للنظام على المعارضة".

وحول أسباب وتوقيت الانسحاب، أعلن حسين في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن توقيت انسحابه مرتبط بانتهاء الإجراءات الرئيسية للهيئة، مثل اختيار أسماء الوفد المفاوض والاجتماع بدي ميستورا. ورداً على سؤال حول إذا كان ينوي الدخول بتحالفات جديدة، قال حسين: "لن أدخل بأية تحالفات جديدة، خصوصاً إن كان القصد تجمّع سورية الديمقراطية".

أما المعارض السوري محمود حمزة، فقد قلّل من أهمية انسحاب لؤي حسين من لجنة التفاوض، وقال في تصريح لـ"العربي الجديد": "كان دخوله في الهيئة منذ البداية خطأ"، مضيفاً: "هو رجل ملتبس لأن موقفه من النظام ومن الثورة غير واضح تماماً، فموقعه يشبه موقف هيئة التنسيق التي تضم عدة أحزاب وتيارات تعمل في الداخل السوري". وأعرب حمزة عن اعتقاده بأن "هيئة التنسيق لا يؤتمن جانبها، وقد تفاجئنا بمواقف غير متوقعة في المفاوضات".

اقرأ أيضاً: رئيس تيار "بناء الدولة" ينسحب من هيئة المفاوضات السورية