شكّل اتفاق الصخيرات وتعديله بما يتوافق مع المرحلة الحالية موضوع المباحثات التي جمعت الإثنين في الرباط، رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، برئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي)، حكيم بنشماش.
وكشف المشري، في ندوة صحافية، أنه تباحث مع رئيس مجلس المستشارين المغربي في اتفاق الصخيرات وتعديله بما يتوافق مع المرحلة الحالية، معتبرا أن الاتفاق "هو المرجعية السياسية الأولى للحل في ليبيا، وأن كل المبادرات والاتفاقيات التي لا تتعارض مع هذا الاتفاق هي أمور مقبولة".
وفي رده على التوقعات التي سادت منذ أمس بخصوص إمكانية عقد لقاء مرتقب مع عقيلة صالح، نفى المشري الأمر، معتبرا أن وجوده في نفس الوقت بالمغرب مجرد صدفة.
رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي كشف أن حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا، لن تتعامل مع الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وإنما "سنتعامل مع كل الأطراف المنبثقة عن الاتفاق السياسي للصخيرات".
وكان رئيس مجلس نواب طبرق في ليبيا عقيلة صالح، صرح اليوم الإثنين، بأن المغرب عبّر عن دعمه المبادرة، التي أطلقها في نهاية إبريل/ نيسان الماضي، للتوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية، من خلال إعادة تشكيل مجلس رئاسي من 3 أعضاء بدل 9، يتم اختيارهم بالتوافق أو الانتخاب، وتحت إشراف أممي.
وأعلن صالح، خلال مؤتمر صحافي عقده مع رئيس مجلس النواب المغربي الحبيب المالكي، بعد انتهاء مباحثاتهما صباح الإثنين، أن المغرب أعلن عن استعداده لمساعدة الليبيين لإيجاد حل للأزمة الليبية.
من جهته، أوضح رئيس مجلس النواب المغربي، أن بلاده بصدد دراسة المخطط الجديد الذي تقدّم به رئيس برلمان طبرق.
وقال المالكي في هذا السياق إن "هناك مبادرة على مستوى المؤسسة المنتخبة نحن بصدد دراستها، ونأمل صادقين أن تشكل مخرجا للأزمة التي لها تداعيات على المستوى الأمني والاستقرار بكل المنطقة".
وأضاف: "نتابع كل التطورات ونحاول ما أمكن أن نقرّب بين وجهات النظر بين كل الأطراف، ونعتبر كل المبادرات الأخيرة لا تتناقض مع اتفاقية الصخيرات"، مشيرا إلى أن استقرار ليبيا جزء من استقرار كل مكونات المنطقة.
إلى ذلك، قال رئيس لجنة الخارجية بمجلس النواب المغربي، يوسف غربي، إن المصلحة الليبية "تقتضي انعتاق أطراف النزاع من الارتهان إلى الأطراف الإقليمية والدولية"، لافتا في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "مرجعية اتفاق الصخيرات تغري تلك الأطراف بالانعتاق من ذلك الارتهان، وأن تحقق ذلك يبقى رهينا بتوفر الإرادة السياسية لديها".
وبحسب رئيس لجنة الخارجية، فإن مبادرة المؤسسة التشريعية المغربية بدعوة طرفي الأزمة الليبية إلى الرباط لإجراء مباحثات تهدف إلى توفير الإسناد للطرح الرسمي المغربي القائم على التشبث باتفاق الصخيرات مع إمكانية إدخال تعديلات عليه.
وتوجهت الأنظار، اليوم الإثنين، إلى العاصمة المغربية الرباط، بالتزامن مع الحراك الدبلوماسي الذي جسدته مباحثات رسمية تجمع طرفي النزاع الليبي مع مسؤولين مغاربة في مقدمتهم رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، ورئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، ووزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.
ويهدف التحرك الدبلوماسي إلى البحث عن مخرج سياسي سلمي للأزمة الليبية التي تعيش عامها التاسع، ولا سيما في ظل التطورات الخطيرة التي آلت إليها الأوضاع جراء الصراع القائم بين حكومة الوفاق وقوات الجنرال خليفة حفتر، وذلك بالتزامن مع حديث عن مساعٍ مغربية لجمع طرفي النزاع ومحاولة تقريب وجهات النظر بينهما من خلال مبادرة يتم التحضير لها، منذ فبراير/شباط الماضي، لحل النزاع في ليبيا من خلال نسخة منقحة من اتفاق الصخيرات.
ويعتبر المغرب الاتفاق السياسي الموقع عليه في الصخيرات المغربية في 2015 بإشراف المبعوث الأممي إلى ليبيا حينها مارتن كوبلر، لإنهاء الحرب الليبية، إنجازاً تاريخياً مهماً، يُحسب للدبلوماسية المغربية ولقدرتها على المحافظة على قنوات تواصل فاعلة مع كل أطراف الصراع الليبي.
وترى الرباط أنها "لا تزال مرجعاً مرناً بما يكفي لإدراك الوقائع الجديدة"، وأن "تكاثر المبادرات حول الأزمة يؤدي إلى تنافر بينها".
كما أبدى المغرب رفضه أي اتفاق جديد بشأن الأزمة الليبية، مؤكداً أن الاتفاق السياسي الموقّع في مدينة الصخيرات المغربية هو المرجعية الأساسية لأي حل سياسي في ليبيا بالتزامن مع إطلاق مصر لمبادرتها الجديدة للوساطة في الملف الليبي.
وفي 8 يونيو/ حزيران الماضي، قال وزير الخارجية المغربي، خلال جلسة افتراضية لمجلس الأمن على مستوى وزراء الخارجية عُقدت لمناقشة تطورات الوضع في ليبيا، إنّ "اتفاق الصخيرات ليس مثالياً، لكن لا يوجد بديل ملائم على الطاولة، ويجب تعديل مقتضياته وتحيينها من قبل الأشقاء الليبيين"، معتبراً أنّ "بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) تظل أداة مهمة ينبغي تعزيزها وإعادة هيكلتها".