المسرح يبلسم جروح الحرب في أفغانستان

المسرح يبلسم جروح الحرب في أفغانستان

18 ابريل 2020
المسرح وسيلة لرفع الوعي (فرشاد أوسيان/ فرانس برس)
+ الخط -
في بلد محافظ شهد عقوداً من الحرب والنزوح والفقر، يأمل منتجو مسرحية أن يساهم عملهم في زيادة الوعي حول الإجهاد النفسي والتأثيرات الطويلة الأمد للأحداث الصادمة.

وفيما كان يشاهد المسرحية عن فتاتين تكافحان للخروج من صدمة تعرضتا لها قبل فترة طويلة، بدأ الطالب الأفغاني حسين يبكي، فقد تسبب أداؤهما بتأجيج ذكريات اعتداء كاد يودي بحياته. وقال الشاب البالغ من العمر 22 عاماً، الناجي من تفجير انتحاري في كابول أودى بحياة 57 شخصاً عام 2018، إنه "لم يستطع التوقف عن البكاء". وأضاف "لا تزال تراودني كوابيس حول ذلك المشهد والدماء والأشلاء المتناثرة والجرحى الذين يطلبون المساعدة". 

تحدث حسين الذي لم يرغب في إعطاء اسمه الكامل لوكالة "فرانس برس"، بعدما شاهد مسرحية "تنهاي" (الوحدة) التي تروي قصة فتاتين، الأولى ناجية من الانفجار الانتحاري والأخرى ضحية اعتداء جنسي.

وأوضح الناطق باسم منظمة "بيس أوف مايند أفغانستان" الراعية للمسرحية، جبرائيل أمين، أن "كل شخص في هذا البلد تأثر بطريقة أو بأخرى بصدمة نفسية بسبب الحرب أو العنف المرتبط بها". وتابع "المسرح وسيلة جيدة لرفع مستوى الوعي، إذ يشهد الأشخاص الألم الذي ربما لم يعرفوا أن كثراً حولهم يتشاركونه معهم".

وجد مسح أجراه الاتحاد الأوروبي في 2018 أن 85 في المائة من الأفغان اختبروا حدثاً صادماً واحداً على الأقل أو كانوا شهوداً عليه، في حين تظهر بيانات لوزارة الصحة أن ما يقرب من 50 في المائة من الأفغان يعانون من محنة نفسية. ولفت رئيس إدارة الصحة النفسية في الوزارة، بشير أحمد سارواري، إلى أنه "لا شك في أن الحرب والعنف المرتبط بها هما أبرز العوامل في الاضطرابات والصدمات النفسية في أفغانستان".

رغم ذلك، حصل أقل من 10 في المائة من الأفغان فقط على دعم نفسي اجتماعي كافٍ من الدولة، وفقا لتقرير حديث لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" مستند إلى بيانات حكومية. والوضع أسوأ خارج المدن الكبرى، بعدما أصبحت أجزاء كبيرة من المناطق الريفية في أفغانستان حالياً تحت سيطرة متطرفين من طالبان، فيما تفتقر إلى البنية التحتية الصحية.

وقد دربت الحكومة الأفغانية نحو 850 مستشاراً للصحة النفسية خلال العقد الماضي، لكن الخوف من وصمة العار في هذا المجتمع الذكوري المحافظ يعني أن الكثير من الناس يمتنعون عن طلب المساعدة. وقال سارواري لوكالة "فرانس برس": "هذه مشكلة كبيرة، فمن يعانون من مشكلات مرتبطة بالصحة العقلية يوصفون بأنهم ضعفاء أو أغبياء أو حتى مجانين". وقد يكون تأثير ذلك مدمراً.

بدأ نجيب الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل يعاني من الاكتئاب والقلق بعدما فقد والدته في انفجار شاحنة في كابول عام 2017. وعندما أخبر عن الصراعات التي يواجهها، قال البعض إنها علامة ضعف، فيما وصفه البعض الآخر بالمجنون. واعترف لوكالة "فرانس برس" بأنه فكر " في الانتحار حتى". شعر نجيب بالعجز والعزلة لسنوات حتى أقنعه صديق له بمقابلة طبيب نفسي.

مع استمرار معاناة العديد من الأفغان سراً، يلجأ المهنيون في مجال الصحة العقلية راهناً إلى وسائل غير تقليدية لزيادة الوعي بما في ذلك مشاريع فنية عامة وعروض مسرحية. زار أكثر من مليوني أفغاني في البلد البالغ عدد سكانه 35 مليون نسمة عيادات الصحة النفسية العام الماضي، بعدما كان هذا العدد بضعة آلاف فقط قبل عقد، وفقاً لوزارة الصحة الأفغانية. وقال وحيد مجروح، أحد المستشارين في الوزارة، لوكالة "فرانس برس": "نحن على الطريق الصحيح". وتابع "لكن سرعة الخدمات أو الوعي بالصحة العقلية لا يمكن أن يواكبا مستوى الصدمة التي تحدث نتيجة الصراع هنا".

وقالت الممثلة جميلة محمودي التي تؤدي دور ضحية هجوم إرهابي في المسرحية إن الأداء ساعدها على تقبل نجاتها من تفجير انتحاري. فقد حاربت الشابة البالغة من العمر 21 عاماً اضطراب الإجهاد الناتج عن الصدمة لأشهر. وأوضحت لوكالة "فرانس برس": "أشعر كأن الأداء على المسرح يساعدني". وأضافت "أشعر بسلام في الوقت الذي أؤدي فيه الدور الذي مررت به وعاشه آلاف الآخرين في الحياة الواقعية".

(فرانس برس)

المساهمون