المراوغة في تفاوض الصهيونية

26 اغسطس 2014
+ الخط -


أي عمل عسكري لا بد له من استثمار سياسي، سواء كانت محصلته النهائية نصراً مؤزراً أم هزيمة محققة، وتحترف دول المركز وكيانهم الوظيفي، إسرائيل، لعبة الاستثمار السياسي عن طريق جر العرب للمفاوضات وإدارتها، وهو ما حدث في "أوسلو" و"مدريد" و"وادي عربة" وكامب ديفيد، وغيرها من معاهدات واتفاقيات العار العربي، بكيفية سيكولوجية لمعرفة العقل العربي المفاوض، والتي وصفها يهوشفاط هركابي، أحد رجال الموساد الإسرائيلى في كتابه العقل العربي، بأنها عقلية ملولة، سرعان ما تنهزم في المفاوضات وتقدم التنازلات عندما يطيل الطرف المفاوض معها الحديث، وما ردود الأفعال المستولدة لديها، أي لدى المفاوضين العرب، عند كل نازلة وجلل، سوى هبة.

ولذلك، تطلق إسرائيل على موضوع السلام صفة عملية، فى إشارة إلى استمرارية استهلاك العقل العربي، الذي سرعان ما تنفذ حيله، كما يتوقف الأكسجين في أثناء العملية الجراحية. ولقد حصلت إسرائيل، وعبر التفاوض، على مكتسباتٍ لم تستطع الحصول عليها بالحروب، منذ عام 48. بل يمكن الجزم أنها حصلت على كل المنطقة العربية بالتبعية والمؤازرة، وعلاقات البزنس مع رجالات المخابرات والاتفاقيات، ومن دون حلول عسكرية.

وفي الظرف الراهن، المتمثل في العدوان على غزة، أدركت الصهيونية أن الحرب الغاشمة الدائرة على أهلنا في غزة ليست نزهة، ولا تجارب للسلاح خشية أن يأكله الصدأ، وفاجأها الصمود الأسطوري للكتائب المحاربة المجاهدة، فراحت تعرض التهدئة مرة ومرات لتتخللها بمبادرات لجر المفاوض الفلسطيني إلى شبكة العنكبوت التفاوضية، التي تحترف نسجها بمهارة فائقة، لكن، ثمة مفاجئة لم تتوقعها، هي أن المقاومة أدركت ووعت الدرس، وأدخلت الكنيست الإسرائيلي في فزع سياسي، لم تحسب له حساب، وأضحت المقاومة الاستثناء من قاعدة غالباً ما استغلها المفاوض الإسرائيلي، في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وكسرت ملل العقل العربي فى التفاوض.

ستعود إسرائيل إلى المراوغة والجلوس على مائدة المفاوضات، بغية إجبار المقاومة على التنازل، بعد أن يصيبها الملل، وهذا مستبعد، ويكفي قول أحد قادة المقاومة "من يريد أن ينزع سلاح المقاومة سننزع روحه".

avata
avata
على بركات (فلسطين)
على بركات (فلسطين)