المراهقة مع نجوم التسعينيّات: أنا رايح مع وائل كفوري

المراهقة مع نجوم التسعينيّات: أنا رايح مع وائل كفوري

23 اغسطس 2014
نحن ووائل حلمنا سويّاً وكبرنا سويّاً (جوزف عيد/Getty)
+ الخط -

حُظِيّ برنامج "استديو الفنّ" في لبنان بشعبية جارفة منذ انطلاقته في السبعينيّات.
مرّت سنوات الحرب الأهلية اللبنانية، وانتقل البرنامج إلى المؤسسة اللبنانية للإرسال. وكانت تلك المؤسّسة تمثّل جهة سياسية أساسية في تلك الحرب، لكنّ ذلك لم يؤثّر على شعبية البرنامج. فشهد تخريج أبرز نجوم الغناء في العالم العربي.

برز اسم المخرج سيمون أسمر مع نجاح البرنامج. كان المخرج اللبناني يجيد تقديم مواهب تشبه التغييرات السريعة في الذوق اللبناني. ألقت الحرب أوزارها في عام 1990، فبدا "استديو الفنّ" مع سيمون أسمر حلّة ملوّنة ومتنوّعة تناسب تحوّلات المجتمع اللبناني. عمّت المهرجانات واستعدّ لبنان لاستقبال السيّاح، وأحياها جيل جديد من نجوم "استديو الفنّ" 1992. أبرز تلك الوجوه كان النجم وائل كفوري.

استقبلنا إطلالة كفوري حينها كمراهقين. كأنّه صورتنا التي نحبّ. فقد جمع كفوري الأناقة مع الوسامة مع البساطة في التعبير، فبدت أغنيته التي أراد أن يطلّ فيها عكس التيار السائد. كانت بيروت تتبدّل، وتستقبل الحديث عن السيارات والملابس، وكان الشباب الذي خرج من حرب أسلافه عاجزاً عن المضي بسرعة إلى جانب تلك التحولات. فأنهكتنا العاصمة حينها بسرعة دوران حياتها الجديدة، وبات الجينز "الليفايز" شيئاً أساسيّاً وضروريّاً. بيروت كانت تعيد ترتيب أرصفتها التي دمّرتها الحرب، فجذبتنا وشدّت أنظار الريف اللبناني إلى حركتها الجديدة، بمتطلّباتها المادية.

ظهر كفوري ليقدّم نفسه شاباً لا يعد حبيبته بنجوم الليل ولا بخيوط الشمس. أوقفنا وائل بصوته على عرزال برأس الجرد و"مُنجَيْرة" عن جدّه "وبسّ": صوت قويّ، ولباس أنيق، وابتسامة مكّنته من احتلال المساحة الأكبر في قلوب المراهقات حينها. وإذا كانت بيروت تعيش التألّق فهو "زحلاوي وأصلو من زحلة". كان هذا الفخر مرضيّاً للريفيين وتحديّاً موسيقيّاً جميلاً لأبناء المدن.

كان باص المدرسة يسلك الطريق إلى خارج العاصمة في رحلات ترفيهية نهاية الأسبوع، فنعود نحن ببناطيل الجينز الأميركية إلى "الضيعة المنسيّة" و"شبّاك الحبّ".
كان وائل "البرنيطة" في الصيف و"ليل ورعد وبرد وريح" الشتاء، فرقصنا شباباً وصبايا على "مين حبيبي أنا؟". ودخلنا الخدمة العسكرية الاجبارية، فدخل معنا مغنيّاً "أنا رايح بكرا عالجيش". خدعتنا الجميلات في بداياتنا فغنّى لهنّ "كذّابة"، وعشنا بكلّ عبث المراهقة و"شو بدنا بكلام الناس".

تغيرت نبرات أصواتنا بعد سنّ المراهقة. نضجنا ودخلنا معترك الحياة، فدخل كفوري في تجربة جديدة أيضاً. هو كذلك تبدّلت نبرته فاستعرض أداء صوته في "تبكي الطيور" بقوّة المطربين الكبار. لم يشأ كفوري أن يبقى ذاك الشاب الجميل على المسرح بأغاني الرقم واحد فقط. بل أراد أن يبسط نفوذ قوّة صوته على جميع الأعمار. ذاك التحوّل كان مناسباً لنا تماماً، فهو أراد أن يقول لعالم الفنّ: أنا لستُ عابراً بصوت عادي. كما أردنا أن نقول للحياة: نحن لسنا عابرين كجيل عاديّ.
نحن ووائل حلمنا سويّاً وكبرنا سويّاً.

دلالات

المساهمون