المراهقة الثانية للرجل!

المراهقة الثانية للرجل!

14 مايو 2020
+ الخط -
لم أراهق، تزوجت صغيراً، لم أتمتع بشبابي، شغلني العلم ثم العمل وهموم الحياة، كلمات اعتدنا سماعها من زوج يريد الزواج بأخرى خصوصاً عندما يتجاوز سن الخمسين الذي من المفترض أنه سن النضج والرزانة فتعكس مرآته الشباب في عينيه.

يبحث عن التجديد في حياته التي يقول إنها أصيبت بالملل، يتغاضى عن الشيب بأنه دليل على الشيخوخة ويصر بأنه وقار. ويرى في التجاعيد دليلا على سني الخبرة، فيمضي باحثاً عن شابة في سن أولاده يجدد معها شبابه ليثبت للجميع أنه مازال شاباً يتمتع بالقوة.

كما أن هناك عوامل عدة تساهم في مرور الرجل بمرحلة المراهقة الثانية منها ما يتعلق بالرجل ونفسيته، ومنها ما يتعلق بالمرأة، أي زوجته وشخصيتها، وتعاملها مع زوجها، واهتمامها بعش الزوجية واعتنائها بنفسها.

فعندما يشعر الرجل بأنه اقترب من سن الخمسين يريد أن يثبت لنفسه ولكل من حوله أنه ما زال جذاباً ومرغوباً، وربما هذا ما يفسر بحثه عن الفتاة صغيرة السن، لا من تساويه عمراً.. ليقول علناً انظروا مازلت شاباً ومطلوباً.


وأحياناً أخرى تحدث مراهقة الأب كردة فعل على مراهقة الابن، حين يراه مفعماً بالشباب، فيوقظ فيه شباباً وذكريات، فيتمرد بطريقته الخاصة على شعره الأبيض وشكله الجديد، بكل الطرق من صبغ الشعر إلى ارتداء الملابس الشبابية. وإن أكثر الأمور التي تصيب الرجل باليأس والإحباط أن يشعر بأن لا جديد يعمله أو يتعلمه، أو ليس من أحد بحاجة إلى رأيه أو رعايته وأن الباقي من العمر أقل من الذي ذهب، وعموماً يرغب رجل الخمسين أن ينفي تهمة الكبر عنه ويثبت لنفسه أولاً ولكل المحيطين به أنه لا يزال ينبض بالحيوية والشباب.

فيهرب الرجل ليتزوج الثانية حتى يجد سعادته ويستعيد إحساسه بالرجولة والاهتمام والحب الذي كان يحيطه من كل جانب، فالمنزل الثاني هو المكان الذى يشعر فيه بالراحة بعيداً عن المشاكل والمطالب التي لا تنتهي، وبعيداً عن مظهر أم العيال الذي أصبح يفتقر إلى الأناقة.

مشاكل في الحياة الزوجية: أحياناً تتسبب المشاكل الزوجية ووجود فجوة بين الزوج وزوجته في رغبة الرجل بالارتباط بزوجة أخرى، إذ إنه يرى أنه اضطر ولسنوات طويلة أن يتحمل زوجته من أجل تربية الأولاد، وبطبيعة الحال فإن هذه الفجوة تتسع أكثر فأكثر عقب خروج الأولاد من البيت، ولذلك يبدأ الزوج في البحث عن أسلوب جديد للحياة.

وأحياناً يكون اقتحام الروتين والملل للحياة الزوجية خاصة بعد الانتهاء من مشاكل تربية الأولاد وخروجهم من منزل الأسرة سواء بالزواج أو للعمل في الخارج سبباً في تفكير الزوج بنفسه، بحثاً عن التجديد وأملاً في أن يجد ما يشغله.

ماذا تفعل المرأة لكي لا يحدث ذلك؟ لا شك أن الوقاية هي أفضل وأسلم الطرق، إذ على الزوجة الاستعداد لتفادي وقوع زوجها في فخ المراهقة الثانية، قبل سنوات طويلة من وقوعها.

وقد يكون هذا الاستعداد منذ السنوات الأولى من الزواج، وأهم نقاط هذه الخطة المستقبلية الارتباط بصداقة قوية مع الزوج، وعدم نسيانه أثناء رحلة تربية الأولاد، وأيضاً مشاركة الزوج في بعض هواياته حتى لو كانت لا تتوافق مع اهتمامات الزوجة. ويجب أن تتحاور الزوجة مع زوجها في العديد من القضايا الاجتماعية والثقافية بل وحتى السياسية، وأن تخصص له ولو ساعة يومياً للاقتراب منه والتقرب إليه حتى لا تحدث الفجوة بينهما وتتسع دون أن تدري.

يقال إن الاعتناء بالزوج مثل الاعتناء بالزرع تماماً، إذا أهمل جف ومات وإذا اعتنيت به نما وترعرع.. إنها معادلة بسيطة يمكن لكل زوجة اتباعها. فالغموض في شخصية المرأة، والعطاء المدروس والامتناع المحسوب يجعل المرأة في عيني الرجل لغزاً، إذ إن معظم الرجال تجذبهم الشخصية الغامضة والمجهولة فيسعى دوماً في صحوه ومنامه إلى حل طلاسمها ليرضي غروره التاريخي والفطري، ونزعته إلى الإحساس بالامتلاك الكامل.

وإن حدث ذلك كيف تتصرف المرأة؟ إذا ما شعرت بأن زوجك يقوم بتصرفات مراهقة، عليك بإتباع الخطوات التالية: لا تضطربي، وحافظي على هدوئك إذ يجب أن تكون ردة فعلك رزينة وحكيمة، لتعرفي كيف تتعاملين مع الموقف. لا تشعريه بأنك تراقبين تصرفاته أو أنك انتبهت إلى التغيير الذي طرأ عليه، ولا تنتقدي تصرفاته لئلا تثيري معه المشاكل قبل أن يتاح لك التصرف لتجاوز الأزمة. أبدي إعجابك بمظهره وأناقته وسرورك لاهتمامه بأناقته، واطلبي منه أن يشتري لك ثياباً جديدة وبذات الألوان التي يرتديها لتشكلا معاً ثنائياً منسجماً، مما يشعره بأنك أيضاً مهتمة بنفسك وأنك لست في واد وهو في واد آخر، وأنك مهتمة مثله بتزيين نفسك، فينتبه ألى أنه ليس الجذاب الوحيد في البيت.
لا تعترضي على أي نشاط يريد القيام به معللة بأنه أصبح كبيراً ويجب أن يرتاح، فإن ذلك سيجعله أكثر إصرارا على البحث عن امرأة أخرى ترى فيه القوة والشباب وتشعره بذلك، واشعريه أنك دائماً معجبة به وبكل ما يقوم به. حاولي التقرب منه أكثر من السابق، واجعليه يجد في البيت الراحة والسعادة. أشعريه واشعري معه أن هناك الكثير من الأحلام التي لم تتحقق، وأنك معه تأملين بتحقيقها، وأن غداً جميلاً ومشرقاً ينتظركما معاً. كوني له الصديقة التي تتفهم مشاعره من دون الدخول في التفاصيل المحرجة، والزوجة التي تشعره بقوته وجاذبيته وبأنه مازال مرغوباً كالسابق وأكثر. اهتمي بنفسك وبمظهرك وعززي ثقتك بنفسك وتمسكي بكبريائك، ومارسي الرياضة، اهتمي بغذائك، تجملي دعيه يرى الشباب معك لا بعيداً عنك، ولا تقولي إني كبرت وراحت علي، فإن شعرت بذلك فسيشعر هو به ويبحث عن أخرى.

دلالات