المؤامرة الأميركية على مصر

المؤامرة الأميركية على مصر

20 أكتوبر 2016
وسائل الاعلام المصرية تتحدث عن مؤامرة أميركية ضد مصر
+ الخط -




هذه الأيام، وعلى غير العادة، قررتُ مشاهدة برامج التوك شو في الفضائيات المصرية لأعرف أين وصل تفكير نخبة الإعلاميين في مصر، وما الرسائل المطلوب منهم توصيلها للجمهور بشكل مستمر، خاصة في هذه المرحلة.

وكانت الملاحظة أن معظم البرامج ما زالت تتكلم بنغمة واحدة، وتبعث أيضاً برسالة واحدة، ربما لأن التعليمات الصادرة لهم واحدة.

العنوان العريض لبرامج التوك شو هذه الأيام هو توجيه نصيحة خبيثة للمصريين تخيّرهم ما بين، إما العيش في مخيمات للاجئين يأكلون ويشربون مجاناً ويأتيهم السكر والأرز من كل صوب وحدب، أو الموت خلال رحلة هجرة غير مشروعة لأوروبا، أو نتحمل معا هذه الأيام الصعبة والأوضاع الاقتصادية والمعيشية الاستثنائية ونتوقف عن الحديث عن ثورة جديدة وانتقاد النظام الحاكم؟

ومن النصيحة المبطنة بالتهديد، انطلق الإعلاميون يتحدثون عن أن النظام الحالي استلم مصر "خرابة"، مأزومة اقتصادياً ومالياً، مدينة بمليارات الدولارات للخارج، تلجأ للغير للحصول على مساعدات ومنح وقروض نفطية ونقدية، وأن هذا النظام يحاول إنقاذ هذا الوضع الصعب والمعقد، وأن تكون مصر مستقلة في اتخاذ قرارها ولا تعتمد على الغير ولا تتسول من أحد.

ومن الحديث عن استقلالية القرار السياسي والاقتصادي إلى الحديث عن المؤامرات التي تقودها كل دول العالم ضد مصر، تحدثت البرامج عن ملامح المؤامرة الأميركية الجديدة التي تستهدف تركيع البلاد وتجويع أهلها وزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وتقسيم المنطقة ما بين سنة وشيعة، وأن هذه المؤامرة يريد باراك أوباما تنفيذها قبل انتهاء مدته ليحقق نجاحاً تاريخياً يكتب له في سجلاته عقب مغادرته البيت الأبيض.

قصة المؤامرة الكونية الأميركية الصهيونية العالمية ضد مصر ذكّرتني بقصة مزاعم الاعلام المصري القبض على قائد الأسطول السادس الأميركي قبالة السواحل المصرية، وابتزاز أميركا المستمر للنظام المصري، وتهديد أميركا في عقر دارها.

رحت أسأل نفسي: أين خيوط المؤامرة الأميركية ضد مصر وملامحها، خاصة أن النظامين المصري والأميركي سمن على عسل.

لم أجد إجابة لدى هؤلاء الإعلاميين إجابة عن سؤالي سوى الحديث عن كلام من عينة الكشف عن أسرار أخطر مؤامرة أميركية تحاك ضد مصر.

لكن أمس وجدت بنفسي خيوط المؤامرة الأميركية حينما اطلعت على تصريح لمسؤول كبير في وزارة الخزانة الأميركية، هو وكيل الوزارة للشؤون الدولية، يقول فيه إن بلاده تدعم وبقوة برنامج صندوق النقد لمصر الدولي، وأن أميركا تساعد القاهرة في اقتراض 12 مليار دولار من الصندوق، وأنها تعمل كذلك مع مجموعة الدول السبع الكبرى للتحقق من تمويل البرنامج بالكامل، أي اقتراض 21 مليار دولار، لأن الإدارة الأميركية تري أن هذا القرض ضروري لمصر.

ملمح آخر من ملامح مؤامرة حكومة أوباما على مصر يتمثل في اتصالات سياسية رفيعة المستوى تتم حالياً بين مصر وإسرائيل وجهات أميركية، لإقامة مشروعات في مجال الغاز والزراعة وتطوير الطاقة الشمسية، وإنتاج الكهرباء، وتشجيع حركة السياحة العالمية لمصر.

ملامح أخرى للمؤامرة الأميركية ضد مصر تمثلت في استمرار تقديم مساعدات سنوية تتجاوز 1.2 مليار دولار منها 800 مليون دولار مساعدات اقتصادية، وتدخّل أميركا المستمر لدى المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية للضغط عليها لمنح مصر قروضا ضخمة لعلاج أزمتها المالية والاقتصادية وعجز الموازنة العامة.

أرأيتم تآمراً أخطر من ذلك؟

المساهمون