اللاجئ لا يحتاج يوماً.. بل وطناً

اللاجئ لا يحتاج يوماً.. بل وطناً

27 يونيو 2020
+ الخط -
قسم عالم النفس الأميركي أبراهام ماسلو احتياجات الإنسان في هرم يبدأ بقاعدة الحاجات الفسيولوجية والأمان ومن ثم بالحاجات الاجتماعية، لينتهي في قمة تحقيق الذات. 

وللأسف، يفتقد اللاجئ غالبية أجزاء هذا الهرم. باختصار هو إنسان ناقص في جوهره أي إنسانيته. وهنا لا بد من التفريق بين المهاجر المغترب بإرادته، واللاجئ غصباً عنه وهرباً من الموت. المهاجر انتقل من وطنه إلى موطن آخر لأهداف شخصية غالبيتها تقع في خانة تقدير الذات وتحقيق الطموحات، أما اللاجئ فيبحث عن الأمان والمسكن والمأكل في المقام الأول. المهاجر يريد حياة فيها رفاهية أكثر، بينما اللاجئ يريد حياة لا أكثر.

توضح اتفاقية العام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، والتي أدت إلى إنشاء المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن اللاجئ هو كل من وجد "بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية، خارج البلاد التي يحمل جنسيتها، ولا يستطيع أو لا يرغب في حماية ذلك البلد بسبب هذا الخوف".

أسست الجمعية العامة للأمم المتحدة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في 14 كانون الأول/ديسمبر عام 1950. وفي العام التالي، في يوم 28 تموز/يوليو، اعتمدت اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين، التي تُعد الأساس القانوني لمساعدة اللاجئين، فضلاً عن وثيقة يسترشد بها النظام الأساسي لعمل المفوضية. وبدلاً من إنهاء المفوضية بعد انتهاء ولاية السنوات الثلاث، كما كان مقرراً، واصلت المفوضية عملها منذ ذلك الحين لمساعدة اللاجئين. ولكن هناك قضايا لاجئين لم تحل منذ تأسيس الأمم المتحدة ومفوضيتها والمؤسسات المتفرعة منها، مثل قضية اللاجئين الفلسطينيين. ويصبح عمل المفوضية أكثر أهمية من أي وقت مضى في ظل عالم يتعرض فيه شخص إلى التشريد القسري كل ثانيتين.

وفقاً للأمم المتحدة، اضطر ما يقرب من 80 مليون امرأة وطفل ورجل في العالم إلى ترك ديارهم ليصبحوا لاجئين أو مشردين داخلياً، عشرة ملايين من هؤلاء فروا في العام الماضي وحده. رقم مرعب فعلاً. وهنا يطرح السؤال: لماذا يلجأ هذا العدد إلى خارج بلاده؟ وكيف يمكن أن يصبح مواطناً أو يعود مواطناً؟

لا يملك أحد حلاً سحرياً لقضية اللجوء، فهي مسألة غريزية فطرية. فالإنسان تحركه غريزة البقاء، وطالما هناك تهديد لحياته سيهرب لتأمين استمراره على قيد الحياة قبل التفكير بأي شيء. لذلك إذا أردنا حل قضية اللجوء لا بد من حل الأسباب والدوافع، أي إنهاء الحروب والتهديدات. وهذه ليست بيد الأمم المتحدة إنما بيد الأمم الكبرى التي يهمها التلاعب بمصائر الشعوب لأهداف اقتصادية وسياسية.

أصبح للاجئ يوماً لإحياء معاناته وتسليط الضوء عليها، وذلك في العام 2000 بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 4 ديسمبر/ كانون أول من العام نفسه، لكن اللاجئ، بقدر ما يحتاج يوماً أو شهراً أو عاماً للتعريف بحقوقه وقضاياه، هو يحتاج إلى وطن قبل أي شيء.

صمود غزال
صمود غزال
صحافية فلسطينية لاجئة في لبنان. من فريق موقع العربي الجديد قسم السياسة.