الكويت تبدأ "التقشف الإجباري" بجميع مؤسسات الدولة

الكويت تبدأ "التقشف الإجباري" بجميع مؤسسات الدولة

16 يونيو 2020
تداعيات سلبية كبيرة لكورونا على الاقتصاد الكويتي (فرانس برس)
+ الخط -

بدأت الحكومة الكويتية تطبيق خطة شاملة تحت مسمى "التقشف الإجباري"، تستهدف جميع الوزارات والهيئات التابعة للحكومة في ظل تصاعد الأزمة الاقتصادية وتفاقم عجز الموازنة العامة بسبب الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19".

وفي السياق، أكد مصدر حكومي لـ"العربي الجديد"، أن وزير المالية، محمد الشيتان، يتابع مع الوزارات والهيئات التابعة للحكومة الكويتية خطة تقليص النفقات لمواجهة أزمة تفاقم عجز الموازنة وتراجع الإيرادات المالية للدولة بسبب انهيار أسعار النفط وتزايد الإنفاق الحكومي نتيجة الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي كورونا.

وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن غالبية الجهات الحكومية استجابت للخطط الحكومية التي تهدف إلى خفض الميزانية بنسبة 20%، من خلال تقليص عدد المشروعات المدرجة على ميزانية 2020/ 2021، والاستمرار في المشروعات الجاري تنفيذها، لافتا إلى أن المشاريع التي سيتم تقليصها من الميزانية الحالية سيتم إدراجها على ميزانية العام المقبل.

وكان مجلس الوزراء الكويتي قد كلف وزارة المالية، الأسبوع الماضي، بالتنسيق مع كافة الجهات الحكومية لتخفيض ميزانية كل منها للسنة المالية 2020/ 2021، وذلك بحد أدنى 20%، وإعادة دراسة السلع والخدمات العامة وقيمة الدعم، وموافاة مجلس الوزراء بتقرير شامل يتضمن جدولا زمنيا لتطبيقه، والأدوات القانونية اللازمة، والجهات المسؤولة عن إصدارها، والمردود المالي المتوقع من ذلك على الميزانية العامة للدولة، وذلك خلال شهر من تاريخه.

ودعا رئيس مجلس الوزراء الكويتي، صباح الخالد، كافة الجهات المعنية إلى تفهم الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد في هذه المرحلة، وما تتطلبه من عمل لتقليص الإنفاق، والالتزام بالتنفيذ الدقيق للتدابير المقترحة والتعاون الجاد من أجل تجاوز هذه المرحلة بأقل الأضرار.

وكشفت البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية عن القيمة الإجمالية للمشروعات التنموية المدرجة على ميزانية 2020/ 2021، حيث بلغت 26 مليار دولار، وفي حال تم تخفيض ميزانية المشروعات بنسبة 20%، ستنخفض قيمة المشروعات إلى 19.5 مليار دولار.

وتشكل المشروعات النفطية النسبة الأكبر من الميزانية الحالية، حيث تبلغ قيمتها 9 مليارات دولار، فيما بلغت قيمة المشروعات التي تنفذها وزارة الأشغال الكويتية نحو 5.5 مليارات دولار، كما تبلغ قيمة المشاريع الإسكانية 4.6 مليارات دولار، ومشروعات وزارة التربية 2.4 مليار دولار، ومليار دولار لمشروعات قطاع الكهرباء.

وقال مصدر في مؤسسة البترول الكويتية لـ"العربي الجديد"، إنه تم تقليص قيمة المشروعات المدرجة على ميزانية العام الجاري بنحو 20%، من دون المساس بالمشروعات الاستراتيجية الكبرى، مثل مشروعي الغاز المسال والوقود البيئي، ومصفاة الزور.

وأوضح المصدر أن هناك بنودا أخرى سيتم تأجيلها أو إلغاؤها في ظل الظروف الراهنة وتداعيات أزمة تفشي فيروس كورونا، حيث من المتوقع أن تزيد نسبة خفض تكاليف مشروعات القطاع النفطي إلى 30% خلال الأشهر المقبلة.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الكويتي حجاج بوخضور، لـ"العربي الجديد"، إنه يؤيد قرار الحكومة بتخفيض قيمة المشروعات في الميزانية، غير أنه دعا الوزراء إلى اتخاذ إجراءات أخرى بإلغاء كافة الامتيازات والمخصصات خلال السنة المالية الجارية، مشيرا إلى أن هناك بعض الوزارات والهيئات الحكومية توقف العمل فيها بشكل كامل، مثل وزارة التربية التي تدفع رواتب العاملين فقط من دون أعمال أو أنشطة، فضلا عن العديد من الهيئات الأخرى التابعة لوزارة الإعلام والمجلس الوطني للثقافة وغيرها من الجهات الحكومية التي توقفت أنشطتها.


وأكد بوخضور أن هناك مشروعات كثيرة توقفت إجباريا بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا في الكويت، ما يعني أن الإنفاق الحكومي قد انخفض في بعض الوزارات فيما زاد في بعض الوزارات الأخرى، مثل وزارة الصحة، التي تتقدم الصفوف في مواجهة أزمة تفشي كورونا، ووزارتي الداخلية والدفاع والحرس الوطني الكويتي، اللتين شاركتا في فرض حظر التجول وعزل المناطق.

من جهة أخرى، قالت غرفة تجارة وصناعة الكويت إن الحكومة لم توفق في تحقيق التوازن بين المعايير الصحية الواجبة والتدابير الاقتصادية اللازمة في مواجهة كورونا، حيث أكدت أن تنفيذ الحزمة التحفيزية التي أقرها مجلس الوزراء في 31 مارس الماضي، وتطبيق الركائز والآليات والخطوات التي تقدمت بها اللجنة التوجيهية العليا للتحفيز الاقتصادي (منذ 20 أبريل/ نيسان الماضي) اتسمتا ببطء شديد وغير مبرر.

إلى ذلك، أكد الباحث الاقتصادي الكويتي سليمان المضاحكة، لـ"العربي الجديد"، أن قرار خفض ميزانية المشروعات التنموية في ميزانية 2020/ 2021 ليس كافيا، لافتا إلى أن هناك خطوات أخرى يجب اتخاذها لتقليل الخسائر والتداعيات الاقتصادية جراء أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد.

ودعا المضاحكة الحكومة إلى "استغلال أزمة تفشي فيروس كورونا وحالة الدعم الشعبي لإقرار الإصلاحات الاقتصادية التي لطالما نادينا بها منذ أعوام، مثل تنويع مصادر الدخل وفرض ضرائب تصاعدية على الشركات وإعادة النظر في الدعم وزيادة رسوم الخدمات الحكومية ورفع الرسوم على العمالة الوافدة".

وتواجه الحكومة الكويتية خطر التعثر عن تسديد رواتب الموظفين العاملين في الدولة خلال الأشهر المقبلة بسبب عدم وجود سيولة كافية وتفاقم عجز الميزانية الذي يتوقع بلوغه الـ 62 مليار دولار في حال استمرار تراجع الإيرادات النفطية التي تساهم في أكثر من 90% من إجمالي الناتج المحلي الكويتي، وتدهور الاقتصاد جراء أزمة تفشي فيروس كورونا وذلك بحسب ما أكده تقرير مركز الشال للاستشارات الاقتصادية في الكويت (غير حكومي).

المساهمون