الكويت أمام أزمة سيولة... تحذير من التعثر ودعوات للإصلاح

الكويت أمام أزمة سيولة... تحذير من التعثر ودعوات للإصلاح

22 اغسطس 2020
انعكاسات واسعة لكورونا على مؤشرات الاقتصاد (فرانس برس)
+ الخط -

في ظل غياب التوافق بين مجلس الوزراء الكويتي ومجلس الأمة بشأن إقرار قانون الدين العام، ومع استمرار التداعيات الخطيرة الناجمة عن جائحة كورونا، تتزايد أزمات الحكومة يوماً بعد يوم.

آخر الأزمات ما حذّر منه وزير المالية الكويتي براك الشيتان مساء الخميس من أن الكويت تمتلك ملياري دينار (أي ما يعادل 6.6 مليارات دولار) من السيولة في خزينتها، وهذه الأموال لا تكفي لتغطية رواتب الدولة بعد شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

فيما أدت الخلافات السياسية مرة أخرى إلى تأخير جهود العودة إلى سوق السندات الدولية. وأضاف الوزير أن الحكومة تسحب من صندوق الاحتياطي العام بمعدل 1.7 مليار دينار شهرياً، ما يعني أن السيولة ستنضب قريباً إذا لم تتحسن أسعار النفط وإذا لم تستطع الكويت الاقتراض من الأسواق المحلية والدولية.

قانون الدين العام

وأحيل مشروع قانون الدين العام إلى البرلمان رسمياً الشهر الماضي وسيسمح للحكومة باقتراض نحو 65 مليار دولار على مدى 30 عاماً، غير أن اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة الكويتي رفضت مشروع القانون.

وبحسب بيانات وزارة المالية الكويتية فإن بند رواتب العاملين في الجهات الحكومية، في ميزانية العام المالي 2020/ 2021، يبلغ نحو 39 مليار دولار سنوياً.

واعتبر الشيتان أن قانون الدين العام ضروري لتوفير السيولة في ظل مواجهة الدولة عجزاً في الميزانية من المتوقع أن يصل إلى 47 مليار دولار. وأكد الشيتان، خلال جلسة مجلس الأمة، الأربعاء، أن السيولة المتوفرة تكفي لتغطية الرواتب حتى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل بسبب استمرار انخفاض الإيرادات المالية نتيجة انخفاض أسعار النفط.

وقال الخبير الاقتصادي الكويتي حجاج بوخضور إن التوافق بين الحكومة وأعضاء مجلس الأمة أصبح ضرورياً جداً في ظل الظروف الراهنة التي تحتاج إلى التكاتف من أجل مواجهة التداعيات الاقتصادية الخطيرة لجائحة كورونا، وإقرار حلول واقعية تضمن عبور البلاد إلى بر الآمان، غير أن تلك الحلول يجب أن تتضمن إصلاحات اقتصادية.

ضرورة الإصلاحات

وأضاف بوخضور، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن إقرار قانون الدين العام من دون تحديد أوجه الصرف سيؤدي إلى تدهور الأوضاع وتفاقم عجز الميزانية إلى مستويات قياسية. وتساءل عن فائدة منح الحكومة الأموال وإقراضها من أجل دفع الرواتب والالتزامات الشهرية فقط من دون وجود أهداف واضحة، أهمها إصلاح الاختلالات الهيكلية للاقتصاد الكويتي.

من ناحيته، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت عبدا لله الكندري لـ"العربي الجديد" إن عدم إقرار قانون الدين العام سيدخل الكويت النفق المظلم بسبب شح السيولة وعدم تمكن الحكومة من الوفاء بالتزاماتها، داعياً السلطتين التشريعية والتنفيذية للتوصل إلى اتفاق يضمن استقرار الوضع المالي للدولة خلال الفترة المقبلة، غير أنه شدد على ضرورة أن يتضمن القانون بنوداً واضحة لمعرفة أوجه الصرف وآليات السداد وربطها بالإصلاحات الاقتصادية المستحقة.

وأوضح الكندري أن تداعيات أزمة جائحة كورونا أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الإصلاحات الاقتصادية أصبحت ضرورة ملحة لمعالجة تفاقم عجز الميزانية الذي وصل إلى مستويات قياسية، فضلاً عن أزمة شح السيولة ونفاد الاحتياطي العام، لافتاً إلى أن تلك الأزمات قد تؤثر على المركز المالي للكويت.

وطالب الكندري الحكومة بالإسراع في إقرار الإصلاحات المستحقة، مثل تحريك أسعار الوقود، وفرض ضريبة القيمة المضافة وإقرار الضرائب التصاعدية على الشركات وإلغاء الامتيازات الممنوحة للقياديين وترشيد الإنفاق ومراجعة آلية العلاج في الخارج، فضلاً عن ضرورة تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للإيرادات المالية. وتعتمد الحكومة الكويتية على النفط كمصدر أساسي للدخل.

إلى ذلك، دعا النائب في البرلمان الكويتي رياض العدساني الحكومة إلى سحب مشروع قانون الدين العام، مؤكداً في الوقت نفسه رفضه الوثيقة الاقتصادية التي تهدّد جيوب المواطنين. وطالب العدساني وزير المالية الكويتي براك الشيتان بمغادرة منصبه، بدلاً من تهديد المواطنين، مشيراً إلى أن الوثيقة التي قدمها الوزير لم تتضمن حلولاً واقعية إنما ستتسبب في تراكم الديون وتأخر في معالجة حساب العهد.

وفي هذا الإطار أظهرت وثيقة حكومية رسمية اطلعت عليها "العربي الجديد" تفاقم عجز الموازنة المتوقع إلى 47 مليار دولار خلال السنة المالية الحالية 2020 /2021، ونفاد الاحتياطي العام وشح السيولة، وسط تحذيرات من عدم تمكن الحكومة من سداد رواتب العاملين في الدولة.

وبحسب الوثيقة الحكومية فإن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى شح السيولة وعدم القدرة على دفع الرواتب، تراجع الإيرادات النفطية التي تمثل أكثر من 90 في المائة من ايرادات الموازنة، والركود الاقتصادي نتيجة لتوقف الأعمال منذ بداية العام بسبب ظهور فيروس كورونا، وزيادة الإنفاق في شتى القطاعات لمواجهة أزمة تفشي الفيروس. وأكدت الوثيقة أن التقديرات السابقة للحكومة الكويتية قبل أزمة كورونا وهبوط أسعار النفط، كانت تتوقع أن يصل العجز إلى 23 مليار دولار، كما كشفت عن أن صندوق الاحتياطي العام كان يبلغ 16.5 مليار دولار في بداية السنة المالية الحالية وانخفض بنحو 13 مليار دولار في غضون 100 يوم فقط.

تكلفة الاقتراض

وأوضحت الوثيقة أن الهيئة العامة للاستثمار الكويتية ترى أن تكلفة الاقتراض حالياً من البنوك المحلية أو العالمية بفائدة 3 في المائة ستكون أقل بكثير من تكلفة السحب أو الاقتراض من صندوق الأجيال القادمة أو تسييل الأصول في الخارج. كما أكدت الوثيقة أن بنك الكويت المركزي حذر الحكومة من أن عدم الوفاء بتعهدات الإصلاح الاقتصادي التي قطعتها الكويت على نفسها أمام المقرضين الدوليين سيجعل أي جولة تمويلية في الخارج "صعبة".

وكانت وكالة ستاندرد اند بورز العالمية، قد خفضت، في مايو/ أيار الماضي، التصنيف الائتماني السيادي للكويت بمقدار درجة واحدة، على خلفية انهيار أسعار النفط، ما أدى إلى الضغط على المركز المالي للدولة.

المساهمون