الكونغرس الفلسطيني

الكونغرس الفلسطيني

02 أكتوبر 2018
+ الخط -
ما ان أغلقت واشنطن مكتب منظمة التحرير في واشنطن الأسبوع الماضي، حتى اندلعت معركة إشاعات شنتها أطراف من السلطة الفلسطينية على رجل الأعمال الفلسطيني، عدنان مجلي، بدعوى أنه يسعى إلى استئجار مقر مكتب منظمة التحرير المغلق لتحويله إلى مقر للكونغرس الفلسطيني الذي طرح مجلي فكرة إنشائه قبل أسابيع.
وتزعم هذه الأطراف أنه يحاول أن يشكل بديلا لمنظمة التحرير تساوقا مع "صفعة" القرن، فضلا عن طرحه خليفة للرئيس محمود عباس في رئاسة السلطة بدعم سعودي أوروبي، الأمر الذي نفاه مجلي بشدة، معلناً دعمه منظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، على الرغم من ضعف المنظمة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ نخبة من الفلسطينيين في الخارج نجحوا في تشكيل مؤتمرات للفلسطينيين في الخارج، والتي تعقد سنويا في أكثر من دولة، وكان أبرز بلورة لهذا التمثيل لفلسطينيي الخارج، والذين يشكلون أغلبية الشعب الفلسطيني، ظهر في شكل المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، في إسطنبول نهاية فبراير/ شباط 2017، والذي واجه هجوماً عنيفاً من فريق محمود عباس.
غير أنّ فكرة الكونغرس الفلسطيني الذي طرحه مجلي تعد قفزة كبيرة من الناحيتين التنظيمية والوظيفية، بهدف تجميع الجهد الفلسطيني في العالم وتوحيده.
وإذا نجحت هذه الفكرة، فسيكون لهذا الكونغرس الصفة التمثيلية العلوية على كل الأجسام التنظيمية والسياسية للشعب الفلسطيني، ليملأ الفراغ الذي بات يتركه غياب المجلس الوطني الذي أعاد عباس تشكيله من الموالين له فقط. فإذا كان الكونغرس الفلسطيني سيمثل تجسيرا تنظيميا وبرنامجيا ووظيفيا ليجمع شتات الشعب الفلسطيني في قالب ديمقراطي يتفوّق على الكيانية السياسية لمنظمة التحرير التي صنعها، وعيّن أعضاءها النظام العربي الرسمي، وليس الشعب الفلسطيني، فإنّ من الأهمية بمكان لجميع النخب السياسية والفكرية الوطنية الفلسطينية دفع هذه الفكرة وإسنادها لتكون فكرة قومية جامعة ليتجاوز الأحزاب السياسية التي قسّم صراعها الشعب، وتسبّب في تراجع القيم والثوابت الوطنية.
إذا كانت منظمة التحرير الفلسطينية في شكلها الحالي عاجزة عن توحيد الكل الفلسطيني تحت لوائها، ووراء ميثاقها الذي ألغته بالتصفيق في غزة 1997، وإذا كانت هياكلها التنظيمية الهرمة عاجزة عن استيعاب التطور القطاعي والجغرافي للكل الفلسطيني، فإن أمام الكونغرس الفلسطيني فرصة لتصحيح هذا التقصير.
فبالنظر إلى تجربة الكونغرس الصهيوني "فهو الجهة التشريعية العليا للمنظمة الصهيونية العالمية؛ يراقب عملها وينتخب مؤسساتها من خلال أكثر من 600 بعثة عضو فيه، وهو الذي ينتخب لجنة تنفيذية تدير شأن المنظمة في إسرائيل والشتات على السواء". فما المانع من التعلم من تجارب أعدائنا الناجحة، وإنشاء كونغرس فلسطيني ليكون هو الجسم التشريعي الناظم للحركة والسياسة والمنظمات والأجسام الفلسطينية حول العالم؟
في ظل عجز منظمة التحرير عن تبرير عجزها عن تحقيق أي من الأهداف الفلسطينية على مدار أكثر من خمسين سنة، وكيف أوصلتنا إلى هذا الواقع التاريخي المأزوم، ربما يمكن لفكرة الكونغرس الفلسطيني العمل على مراجعة الاستراتيجية الوطنية الفلسطينية مراجعة شاملة وفورية، لإعادة تعريف القضية الوطنية لجهة إعادة صياغة الكيانية السياسية والتنظيمية وأدواتها، بما يتجاوز الحدود عبر ربط الفلسطينيين خارج الأرض المحتلة 1967 و1948 وداخلها، على حد سواء، بهذا الكونغرس لإعادة الاعتبار للقضية الوطنية الفلسطينية، باعتبارها قضية تحرّر وطني وتقرير مصير، وبما يحقّق الشرط البنيوي لمواجهة العدو المنظّم بشكل منظّم أيضا.
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
عماد عفانة (فلسطين)
عماد عفانة (فلسطين)