الكرة الذهبية..هل قتل تنافس رونالدو وميسي جائزة "فرانس فوتبول"؟

الكرة الذهبية ..هل قتل التنافس بين رونالدو وميسي جائزة "فرانس فوتبول"؟

07 ديسمبر 2017
ميسي ورونالدو تنافس ثنائي على الكرة الذهبية(Getty)
+ الخط -
مع اقتراب موعد إعلان الفائز بجائزة الكرة الذهبية التي تقدمها مجلة "فرانس فوتبول"، كثرت علامات الاستفهام بخصوص استمرار هيمنة البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي على التتويج في السنوات الأخيرة، ما جعل بعض المنتقدين يؤكدون بأن عدم دخول لاعبين آخرين على الخط أفرغ الجائزة من التشويق الذي ظل يميزها لسنوات مضت، بالمقابل يرى آخرون أن السباق بين راقص التانغو وصاروخ ماديرا سيستمر لغاية أن يثبت العكس.

تنافس قتل الجائزة؟
مع نهاية كل عام وطيلة سنوات كانت جماهير الكرة عبر العالم تنتظر بفارغ الصبر موعد الإعلان عن الفائز بسباق جائزة الكرة الذهبية، سواء تعلق الأمر في نسختها السابقة التي كانت تسلم بالاشتراك بين الاتحاد الدولي لكرة القدم وفرانس فوتبول، أو في النسخة الحالية التي انفصلت فيها المجلة الفرنسية عن جائزة الفيفا.

في السنوات الأخيرة فقدت الجائزة بريقها اللامع مع تكرار صعود الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو لمنصة التتويج، وخلق التنافس بين "صاروخ ماديرا" و"راقص التانغو" إشباعا للجماهير التي أصبحت تتنبأ قبل أيام من موعد إعلان الفائز، كما وسائل الإعلام، باسم اللاعب الذي سيحظى بشرف التتويج.

الكرة الذهبية، باعتراف العديد من النقاد الرياضيين، وبعدما أصبحت حكرا على رونالدو وميسي لم تعد تثير اهتمام العديد من الجماهير، عكس ما كان عليه الحال حين كانت اللجان التي يعهد لها اختيار الفائز تعاني كثيرا في ظل تواجد العديد من الأسماء اللامعة من بطولات أوروبية مختلفة، حتى إن أساطير كروية مرت لم تفز بالجائزة لأنها جاءت في ظرفية تعج بالمواهب، أما في السنين الأخيرة فالصراع بين لاعبين موهوبين خلق الاستثناء وأصبح يعطي لجائزة الكرة الذهبية صورة قاتمة رغم السعادة التي ترسمها على وجه البطل المتوج.

ما بين الموهبة والعمل
بحسب العديد من المراقبين يتمتع نجم برشلونة ليونيل ميسي، بقدم يُسرى ساحرة تتيح له إمكانية التلاعب بدفاعات الخصوم، وتسجيل الأهداف من أنصاف الفرص ومن وضعيات مختلفة بالقدم والرأس والركلات الحرة وكذلك ضربات الجزاء. وهو ما يراه البعض نتاجا لموهبة ميسي الفطرية.

بيد أن هذه "الفرضية" قد تكون صحيحة نسبياً، فبعد رحيل مدرب برشلونة السابق بيب غوارديولا أثبت ميسي قدرته على التطور مع مدراء فنيين أقل كفاءة من بيب، من خلال التمركز الجيد على المستطيل الأخضر، وضبط الإيقاع والتمرير والتكيف مع أدوار تكتيكية مختلفة، بالإضافة إلى الثبات في المستوى.

أما رونالدو الهداف التاريخي لريال مدريد، فهو الآخر يتمتع بالعديد من مزايا ميسي. غير أن ما قد يُميزه نوعاً ما عن هذا الأخير هو العمل الشاق الذي يقوم به باستمرار. فقد  خصصت قناة "سكاي سبورت" البريطانية فيلما وثائقياً هو الأول من نوعه في العالم عن الهداف البرتغالي، بهدف تحديد مكامن قوته. وتوصل الخبراء إلى أن كريستيانو لاعب يتمتع بسرعة عداء، إذ يركض في كل مباراة بمعدل 10 كيلومترات. ويمتلك قدرة خارقة على القفز وتسديد الكرة من مسافات بعيدة بدقة عالية وسرعة المراوغة، بالإضافة إلى قدرته على توقع المكان الصحيح للكرة وإحراز الأهداف.

عقلية انتصارية
يرفض كلا اللاعبين الخسارة، حيث يتمتعان بعقلية الفوز، هذا على الأقل ما أوضحته صور الكاميرا لهما في العديد من المناسبات الكروية. ففي 2004 شاهد العالم كيف ذرف الشاب البرتغالي رونالدو الدموع بعد خسارة منتخب بلاده نهائي كأس أوروبا أمام الحصان الأسود للبطولة اليونان بهدف دون رد. أما ميسي فقد بكى كثيراً بعدما أهدر ضربة جزاء في نهائي كوبا أميركا 2016 أمام التشيلي التي تُوجت باللقب آنذاك.

عقلية الفوز هذه والتنافس المحموم بينهما هو ما يدفع ميسي ورونالدو لتقديم الأفضل ومواصلة التربع على القمة حيث يكمل كل منهما الآخر. بل حتى رونالدو نفسه اعترف بذلك على هامش مشاركته في حفل جوائز الفيفا السنة الماضية، حين قال إن ميسي ساعده كثيراً للوصول إلى ما هو عليه الآن.

في مقابل كل هذا يتساءل العديد من متابعي مسيرة "الدون" وليونيل عن الموعد الذي سينتهي فيه الصراع بين الرجلين اللذين ما إن يكثر اللغط حول واحد منهما والتنبؤ بنهايته حتى ينبعث من رماده ويعلن جاهزيته بأفضل أداء وبأمهر الأهداف، ما يجعل اللاعبين دوما يصلان لسباق الكرة الذهبية التي لم تعد تعرف غير اسمين فقط، واحد قادم من بلاد راقصي التانغو والآخر قاده الفقر لمغادرة جزيرة ماديرا البرتغالية، ليعانق حياة الترف خارج بلده. 

شهية مفتوحة
يتمتع ميسي ورونالدو بسجل تهديفي "خرافي" فهما اللاعبان الوحيدان في العالم اللذان يسجلان كل سنة أكثر من 50 هدفاً في المسابقات المحلية والقارية، حيث احتكرا على مدى السنوات الماضية جائزة الحذاء الذهبي، ولا يبدو أنهما سيتوقفان عن هوايتهما المفضلة في هز الشباك.

رغم حصد ميسي ورونالدو كل الألقاب الممكنة مع برشلونة وريال مدريد، لا يزالان يطمحان إلى تحقيق المزيد، وهذا ما تعكسه تصريحاتهما المستمرة بأهمية التتويج بكل الألقاب الممكنة ومواصلة كتابة التاريخ. كما أن بلوغهما سن الثلاثين لم يؤثر كثيراً على الأداء الذي يقدمانه على مدى الموسم، بل على العكس يثبت اللاعبان مراراً وتكراراً أن العمر يبقى مجرد رقم.

ومن المعروف كروياً أن هذه المرحلة هي الأفضل بالنسبة لأي لاعب كرة قدم، إذ يصل إلى مرحلة النضج الفني والتكتيكي ويكتسب خبرة كبيرة. فرونالدو مثلاً كما أشارت له جريدة "إندبندنت" البريطانية، لا ينام كالكثير من اللاعبين 8 ساعات متصلة، بل خمس مرات في اليوم وعلى فترات متقطعة تبلغ مدة كل واحدة منها تسعين دقيقة، وذلك بهدف الحفاظ على مستواه المعهود في آخر مراحله العمرية كلاعب كرة قدم.

من ينافس؟
مما لا شك فيه أن رونالدو وميسي سيستمران في التربع على القمة ، لغياب لاعب يتمتع بنفس جودتهما، فحتى البرازيلي نيمار فهم أنه من الصعب الحصول على الكرة الذهبية، في ظل تواجد ميسي ورونالدو. وهذا ما صرح به أيضاً أبوه ووكيل أعماله نيمار سانتوس في نفس الوقت، بعدما وقع لفريق العاصمة الباريسي بمبلغ خرافي.

كما أن اللاعب الويلزي غاريث بيل تعرض لحد الآن لإصابات متكررة منذ التحاقه بمدريد، ويبدو صعباً إزاحته لرونالدو كما سبق وكتبت جريدة "الماركا" الإسبانية. أما نجم باريس سان جيرمان الصاعد مبابي فلا زال يحتاج للوقت من أجل التطور واكتساب الخبرة اللازمة. في حين لازال مستوى بعض اللاعبين متذبذبا ويفتقر إلى الثبات على غرار هازارد وكوتينيو وهاري كين.

والأكيد أن الإجابة عن سؤال متى سيقود لاعب آخر قاطرة أفضل لاعب في العالم عوض ميسي ورونالدو ستجيب عنه السنوات القادمة، لكن، مما لا شك فيه هو أن ثنائية ميسي ورونالدو من الصعب أن تتكرر مرة ثانية، ورغم أن العديد من المتابعين لسباق الكرة الذهبية يؤكدون بأن اللاعبين معا قتلا هذه الجائزة بسيطرتهما عليها، إلا أن عشاقهما عبر ربوع العالم يواصلون الاستمتاع بكل مايقدمانه في ملاعب إسبانيا ومعها الملاعب الأوروبية والعالمية.