ليس صحيحاً أن سكان قطاع غزة لا يدركون أنهم سيكونون أبرز ضحايا كافة أنواع أمراض السرطان والأوبئة الصدرية والتنفسية نتيجة حرقهم لآلاف الإطارات المطاطية في ثاني أيام الغضب في إطار مسيرات العودة، بدليل أن انقساماً في الآراء ظهر حيال الموضوع بين رافض ومؤيد لأن يكون الجمعة 6 إبريل/ نيسان، يوماً لحرق "الكاوتشوك". وليس صحيحاً كذلك أنهم لا يعرفون استحالة التحكم بحركة الرياح لإجبارها على توجيه سحب الدخان السوداء إلى مستوطنات غلاف غزة لتدمير بيئتها. يدركون ذلك وأكثر، ولكنهم، بإصرارهم على أن يكون حرق الإطارات، عنوان فعالياتهم في أسبوعها الثاني، إنما يترجمون فقدانهم الأمل من كل شيء، وكفراً من قبلهم بكلّ شيء، حتى في صحتهم وصحة أبنائهم، لدرجة أنهم يقبلون بأن يتسمموا نتيجة حرق هذه الإطارات، لأنه لم يبقَ أمامهم أي خيارات أخرى لكسر الحصار والخروج من سجنهم الكبير، أو هكذا يظنون. وعندما تسأل غزيّين عن سبب تمسّكهم بهذا السلوك الضار (حرق الإطارات بكثافة)، قد يأتيك جواب من نوع أن قنابل الغاز التي يتلقونها بكل الأحوال لا تقل ضرراً عن سموم الإطارات المطاطية.
وعندما تستفسر عن سبب عدم اعتماد وسائل نضالية أخرى غير الحرق، ستسمع ردوداً من نوع أنهم جرّبوا كل شيء، وسيواصلون ابتداع الأساليب كافة التي من شأنها تقليل عدد شهدائهم من جهة، وإزعاج الاحتلال من جهة ثانية، ولفت نظر العالم إلى مأساتهم المعلومة من ناحية ثالثة. أكثر من ذلك، فإنه ليس سراً أن قطاع غزة، الذي يعرف أحد أكثر معدلات الإصابة بأمراض السرطان، لا يزال يعاني من أمراض ممتدة نتيجة القذائف والصواريخ المستخدمة في القصف الإسرائيلي الذي لم يتوقف فعلياً منذ عدوان 2014.
غاية الكلام أن أهل غزة يعتبرون أن شيئاً لم يعد يهم فعلاً مقارنة بهمّ كسر الحصار، وأنه لا بأس لو أُصيب منهم الآلاف بأمراض قديمة وجديدة إذا كان ذلك شرطاً ضرورياً لإتاحة فسحة ولو ضئيلة من الأمل في أن تتحسن أحوال معيشتهم البائسة. حالة مرعبة يتحمل مسؤوليتها العالم بأسره، لا الاحتلال لوحده، لأن البشرية كلها تعرف حقيقة ظروف حياة الغزيين المحاصرين، ولا تبذل أي جهد حقيقي لتغيير الظروف، لأن التطبيع مع المأساة من شيم البشر، ولأن قيم التضامن العالمي مع قضايا المحتلين والمظلومين والمحاصرين صارت في زمننا، مجرد جزءٍ من الأرشيف.
وعندما تستفسر عن سبب عدم اعتماد وسائل نضالية أخرى غير الحرق، ستسمع ردوداً من نوع أنهم جرّبوا كل شيء، وسيواصلون ابتداع الأساليب كافة التي من شأنها تقليل عدد شهدائهم من جهة، وإزعاج الاحتلال من جهة ثانية، ولفت نظر العالم إلى مأساتهم المعلومة من ناحية ثالثة. أكثر من ذلك، فإنه ليس سراً أن قطاع غزة، الذي يعرف أحد أكثر معدلات الإصابة بأمراض السرطان، لا يزال يعاني من أمراض ممتدة نتيجة القذائف والصواريخ المستخدمة في القصف الإسرائيلي الذي لم يتوقف فعلياً منذ عدوان 2014.
غاية الكلام أن أهل غزة يعتبرون أن شيئاً لم يعد يهم فعلاً مقارنة بهمّ كسر الحصار، وأنه لا بأس لو أُصيب منهم الآلاف بأمراض قديمة وجديدة إذا كان ذلك شرطاً ضرورياً لإتاحة فسحة ولو ضئيلة من الأمل في أن تتحسن أحوال معيشتهم البائسة. حالة مرعبة يتحمل مسؤوليتها العالم بأسره، لا الاحتلال لوحده، لأن البشرية كلها تعرف حقيقة ظروف حياة الغزيين المحاصرين، ولا تبذل أي جهد حقيقي لتغيير الظروف، لأن التطبيع مع المأساة من شيم البشر، ولأن قيم التضامن العالمي مع قضايا المحتلين والمظلومين والمحاصرين صارت في زمننا، مجرد جزءٍ من الأرشيف.