Skip to main content
القهوة العربية في العراق... تغيب عن المضايف وتحلّ بمجالس العزاء
براء الشمري ــ بغداد
لم يكن أي تجمع عشائري في العراق سواء كان في منازل وجهاء العشائر، أم في مضايف زعماء القبائل، يخلو من نكهة القهوة العربية التي أصبحت تقليدا لازما بهذه الأماكن لعشرات السنين، إلا أن هذا التقليد بدأ بالتراجع تدريجياً خلال السنوات الأخيرة، وأصبح وجود "دلال" القهوة العربية يكاد يكون منحصراً في مجالس العزاء.

عمر عناد العلواني، وهو أحد وجهاء عشائر محافظة الأنبار (غرب العراق) قال لـ"العربي الجديد": "إن كل شيء في البلاد تغير بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 حتى العادات والتقاليد المتعلقة بالموروث التاريخي كتقديم القهوة العربية للضيوف"، موضحاً أن "مشروبات أخرى احتلت مكان القهوة، كالشاي، والعصائر، فضلا عن أطعمة أخرى تقدم للضيوف كالحلويات والفواكه".


وأضاف: "في السابق لم يكن منزل أو مضيف يخلو من القهوة العربية التي تقدم بالدلة"، مبينا أن الوضع تغير الآن كثيرا، وتكاد تكون اختفت من هذه الأماكن، ليقتصر وجودها على مجالس العزاء التي تقام في قاعات عامة.

ويتحدث سمير الجبوري وهو "قهوجي" يسكن بلدة الضلوعية بمحافظة صلاح الدين (شمالا) عن أنواع مختلفة للقهوة العربية، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن أبرز الأنواع التي كانت متداولة في العراق هي "الشقرة" و"السمرة".

وبين أنه كان يعمل في مضيف لأحد شيوخ العشائر الكبار في صلاح الدين، إلا أنه ترك عمله هناك، وتوجه للقاعات التي تقام فيها مجالس العزاء التي تدر عليه أموالا أكثر، موضحا أن جودة القهوة التي تقدم حاليا تراجعت إلى حد كبير، بسبب الاعتماد على أنواع القهوة المستوردة التي لا تحضر بالدلة.

وتابع أن "الطقس الأهم للقهوة هو أن يتم تحضيرها بعناية من قبل عارفين بخفاياها، عن طريق الدلة لتقدم للضيوف باليمين، وعلى الضيف أن يستلمها باليد اليمنى أيضا، ويهز فنجان القهوة الفارغ عند انتهائه".

أما محمد الموسوي الذي يبيع القهوة بالجملة في سوق الشورجة الشهير ببغداد، فيقول إن الطلب عليها انخفض بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مبينا في حديث لـ"العربي الجديد" أن كثيرا من المضايف والدواوين بدأت تستغني عنها، بسبب استخدام الشاي الذي يعد أرخص ثمنا، وأسهل من حيث التحضير.


وأضاف "كما أن كثير من الأسر العراقية التي كانت تستخدمها غادرتها نحو المشروبات الحارة الأخرى كالنسكافيه، والكابتشينو، والكاكاو، والحليب، فضلا عن الشاي"، موضحا أن أغلب مبيعاته هي لمالكي ومسؤولي القاعات التي تقام فيها مجالس العزاء، والأشخاص الذين يقومون بتنظيم مواكب ومسيرات خلال المناسبات الدينية.

وتابع "كما أن أنواعا من القهوة المستوردة كالتركية والفرنسية والقبرصية انتشرت بشكل كبير في الأسواق، وتسبب ذلك بتراجع الطلب على القهوة العربية التي تحضر من قبل محترفين بالدلة على نار هادئة".