القطن المصري وصناعة التبعية

القطن المصري وصناعة التبعية

06 يناير 2015
مصر أعلنت رفع الدعم عن القطن العام القادم (أرشيف/getty)
+ الخط -

في إطار مسلسل القضاء على الزراعة المصرية، أعلن وزير الزراعة، أمس الأول، عن إلغاء الدعم الحكومي المقدم لمحصول القطن رغم ضآلة المبالغ المخصصة لهذا الأمر، فالمبلغ المخصص لدعم الزراعة 3.3 مليارات جنيه (464 مليون دولار)، حسب بيانات موازنة العام المالي الحالي 2014 /2015.

ومن بين هذه المخصصات 2.6 مليار جنيه، لدعم شراء القمح من الفلاحين و700 مليون جنيه لباقي المحاصيل الزراعية، منها 100 مليون جنيه على الأكثر نصيب القطن.

وبسبب ضآلة المخصصات، فإن القضية تكمن في صناعة استراتيجية يتم القضاء عليها في مصر، وإلغاء دعم القطن يسهم في هذه الاستراتيجية، فزراعة القطن لا تعني فقط القطن الخام وتسويقه داخلياً وخارجياً، لكن يعني انتهاء صناعات مترتبة على زراعته، منها الحلج والغزل والنسيج والملابس الجاهزة، أي أن البلاد سيكون أمامها طريق واحد وهو الاعتماد على الإستيراد.

ومن قبل ظلت صناعة النسيج تعاني الإهمال منذ منتصف التسعينيات، خاصة المتعلقة بشركات قطاع الأعمال العام، حتى أصبحت مرتبات موظفي هذه الشركات عبئا على الموازنة، حيث كان يتم تدبير 190 مليون جنيه سنويًا لرواتب هؤلاء، لعجز الشركات عن تدبيرها.

ولا تمتلك الحكومات المتعاقبة سوى عقاب الفلاحين، منذ عهد يوسف والي، وزير الزراعة خلال حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي سبق أميركا والاتحاد الأوروبي بإلغاء الدعم عن الزراعة.

وثاني الخطوات العقابية للمزارعين، أن الحكومة تركتهم يواجهون تحديات الخصخصة في خدمات الزراعة من شراء البذور والسماد، وفوضى السوق السوداء، ما جعل زراعة المحاصيل غير مجدية اقتصاديًا للفلاح.

ويكتمل المخطط من خلال إهمال الفترات الانتقالية التي أعطيت لمصر في إطار الاتفاقيات الدولية لتحرير صناعة النسيج والملابس الجاهزة، ما جعل القطاع الخاص غير قادر على المنافسة، وكذا مع الهرولة لتشجيع اتفاق الكويز مع إسرائيل وأميركا عام 2005 للاحتفاظ بحصة من الصادرات لأميركا معفاة من الضرائب والجمارك.

إن ما تم من خطوات في مجال الزراعة، والصناعات المترتبة عليها، وبخاصة في مجال القطن، ليس إلا ترتيبا لتكريس تبعية الاقتصاد المصري للخارج، حيث سيتم استيراد الملابس فيما بعد بالكامل من الخارج، ليكون الاعتماد على الخارج ليس قاصراً فقط على استيراد الغذاء، ولكن يضاف إليه الكساء أيضاً.

وزير الزراعة في عصر الانقلاب الذي يطالب الفلاح بتدبير تسويق منتجه من القطن قبل زراعته، نسي أن الهند تسوّق منتجات الصناعات الصغيرة للبرمجيات دعماً لها.

المساهمون