القضية في "بصقة" القدس؟

القضية في "بصقة" القدس؟

25 يوليو 2019
يتمسك الفلسطينيون بأرضهم رغم كل القمع بحقهم(عباس موماني/فرانس برس)
+ الخط -
تحوّلت عند البعض أخيراً "بصقة" غضب فتية القدس المحتلة، والذين تُنسف بيوتهم على مرمى حجر، وتحت مرأى ومسمع "ولاة الأمر"، إلى "القضية". وخابت مساعي جيش المبررين لإنكار سُعودية المنبطح، إذ انكشف وهو يُعبّر من الرياض مرات عدة عن أسرلته الدونية، عبر تأييد إرهاب دولة الاحتلال، كغيره من الذين يُسكت قصداً عنهم، وهم يطلقون من الرياض على فلسطين "أرض إسرائيل".

لم تُثر مشاعر "المثقف"، كغيره من مثقفي "التمويه" العرب، بإساءة مواطنه، المتمرغ بوحل العار بالزي السعودي، إلا حين أصابته بصقة فتية القدس. وعنده ولدى غيره تصير "التنشئة الخاطئة" هي القصة، لا التصهين. ففي زمن فجور النفاق، بالأخص لدى مثقفي بلع الألسن والسباحة عند الشواطئ، بعيداً عن عمق القضايا، لن يجيبنا عن عواقب تعريف ذبح وتقطيع مواطنه وزميله جمال خاشقجي باعتباره من "أعمال مافيا وليس دولة". فمن المستحيل أن يغادر أزلام السلطات العربية مساحة الترويض الدونية كـ"قطيع مثقفين تحت الطلب"، بعد رمي زملائهم في السجون، وتهديد البقية بمصير خاشقجي، لتنشئة جيل عربي خانع ومستسلم.

هؤلاء الفتية، يا حضرة "المثقف الليبرالي"، يتمسّكون بأرضهم وبالنصوص عن الإسراء والمعراج وأولى القبلتين، وليس على طريقة "مسجد في أوغندا أهم من القدس"، مع دفق هائل من التشكيك المقصود، خدمة للرواية الصهيونية. فالمؤسف والمحزن ليس البصقة، بل انحدار مكانة المملكة، بجيش مستشاري القذف والشتم، والسماح بمسلسل الطعن بفلسطين والقدس من على شاشات الصهاينة، ومن قلب جدة والرياض، وبمعرفة "ولاة الأمر"، الذين لا يسمحون بتصريح واحد ينتقد تغلغل حاخامات التطرف اليهودي في المملكة مثل بنخاس غولد شميت ومايك إيفينز.

تفسير ظواهر الانهيارات القيمية والسلطوية من هؤلاء بـ"حقد" و"كره" منتقديهم للمملكة، هو تفسير سطحي وساذج، بل فيه انتحال مسيء لشعب السعودية، كإصرار متأسرلين تصريحاً وكتابة، وبوضع العلم السعودي وعلم الاحتلال يتوسطهما قلب حب، على: "نحن جميعنا في السعودية نحب السلام معكم". مثل تلك الأفعال المنتحلة والمتكررة والمحتفى بها صهيونياً، والتي يقرأها ويعيها فتية القدس، هي من تسيء للسعودية، وليس ردة فعل على شخص اعتبره البعض ممثلاً للمملكة.

ببساطة، الانزعاج من البصقة، غير أن فيه افتراء على شعب المملكة، ويقطر منه كمّ من التزلف والنفاق والتحريض، هو قبل كل شيء انزعاج لفشل جعل هدف التطبيع "أمراً عادياً". ويبدو بالون اختبار فجرته بصقة في القدس العتيقة، فانزعج مَن انزعج.

المساهمون