القرار لنا

القرار لنا

22 مارس 2019
يناقض الموقف الأميركي الجديد القرارات الدولية (فرانس برس)
+ الخط -
لا يمكن الاستخفاف بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، ولا التهاون معه، حتى لو ظلّ الإعلان مجرّد تصريح أو تغريدة على "تويتر"، لم يتبعها تشريع في الكونغرس الأميركي. القرار بشأن هوية الجولان السوري المحتل، تماماً مثل القرار بشأن القدس المحتلة، يبقى قراراً عربياً. فيكفي أن يخرج من أصحاب الشأن رفض قاطع ومثابر له، كي يفشل الاحتلال الإسرائيلي في توظيفه لتحقيق مآربه، ولا سيما تحويل الجولان السوري إلى منطقة متنازع عليها حدودياً، وبؤرة لصراع طويل الأمد لا يستلزم بالضرورة حلاً فورياً، بل يمكن تركه "لحين تنضج الظروف".

إعلان ترامب جاء كهدية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكنه لا يقف عند ذلك، فهو يعكس رأياً سائداً لدى قطاع في واشنطن بات يرى أنّ من واجبه في المرحلة الحالية، الاستجابة لكل نزوات ومطالب ومطامع الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً إذ ما تمّ تغليفها بمصطلحات هي في صميم الالتزام الأميركي والغربي لدولة الاحتلال، مثل "الأمن الإسرائيلي" والاستقرار الإقليمي كشرط لتثبيت الأمن وضمانه. وهو اعتقاد بدأ يتغلغل أيضاً لدى أنظمة عربية أخرى تدور في فلك ترامب، على استعداد لأن تشرعن وتقبل بكل ما يعرضه الأخير، وما يروج له نتنياهو من "محور إسرائيلي عربي معتدل".

لن يحظى الموقف الأميركي الجديد، بفعل التجاذبات والمصالح الدولية المختلفة، بدعم ومساندة، ولا سيما أنه يناقض القانون الدولي والقرارات الدولية المختلفة بهذا الخصوص، وأهمها القرار 242 بشأن الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، والقرار 479 الذي اعتبر إقرار حكومة الاحتلال عام 1981 تطبيق القانون الإسرائيلي على هضبة الجولان قراراً لاغياً وغير شرعي.

صحيح أنّ الاحتلال والإدارة الأميركية الحالية يراهنان على الضعف العربي العام، واستمرار الأزمة السورية، إلا أنّ ذلك لا يعني أنّ العرب والشعب السوري تحديداً، لا يملكون كلمة أو حيلة تجاه هذا الإعلان، خصوصاً في ظلّ تداعيات استراتيجية بعيدة المدى قد تترتب عليه إذا جوبه بالصمت، أو ببيانات البلاغة الاستنكارية التقليدية.

من الواضح أنّ الإعلان سيستنهض رداً دولياً يتخطى البلاغات المعهودة، لأنه يعرّض كل المنظومة الدولية لخطر الفوضى، واختفاء الضوابط والمكابح القانونية والقيمية. لكن الكلمة الأولى والأخيرة في إفشاله، ستبقى للأمة العربية كلها عبر رفض التعاطي معه، والإصرار على أنّ الجولان أرض محتلة، ولن تكون عليها سيادة غير السيادة العربية السورية مهما تأخرت استعادتها.