القدرة الشرائية في ليبيا تشهد نزيفاً حاداً

القدرة الشرائية في ليبيا تشهد نزيفاً حاداً

15 سبتمبر 2015
الليبيون يقتصدون في نفقاتهم اليومية (فرانس برس)
+ الخط -
يعاني الاقتصاد الليبي من أزمات كثيرة، إذ إن عدم الاستقرار في البلاد وسط الانقسام السياسي الحاصل، وتراجع إنتاج النفط بنسب كبيرة، واتساع حجم السوق السوداء، وانخفاض العمليات التجارية وتوقف فتح الاعتمادات التجارية من قبل مصرف ليبيا المركزي للتجار، إضافة إلى الوصول لمرحلة شبه انعدام الرقابة على الأسواق، انعكس مشكلات متراكمة على الأسر الليبية. إذ تشهد ليبيا انخفاضاً في قيمة الدينار الليبي في مقابل الدولار؛ ما جعل عديد التجار يلجؤون إلى السوق السوداء لشراء العملة ومن بعدها يقومون بشراء السلع من خارج البلاد، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

اقرأ أيضاً:ليبيا: كرة الأزمات تكبُر

ويقول مصدر تجاري لـ "العربي الجديد" إن الموضوع لا يرتبط فقط بمعادلات تجارية، ولا بسعر الدينار وحده، إذ أدت الصراعات القائمة إلى نشوء نوع من الاحتكارات السلعية، التي تطاول كل شيء وخصوصاً المواد الغذائية. بذا، أصبحت الأسعار خاضعة لمزاجية الاحتكار، إضافة إلى العوامل الاقتصادية المرتبطة بسعر الدينار وكلفة عمليات الاستيراد. ويضطر المواطنون الذين يعانون من ارتفاع نسب الفقر واتساع قاعدة البطالة وقلة الرواتب المدفوعة، للخضوع للسوق، وخفض حجم المواد المستهلكة بغية تقليص حجم الإنفاق الأسري على الحاجيات الأساسية للعائلات.

الحاجات الأساسية

وتقول أسماء إبراهيم، وهي موظفة من مدينة طرابلس، لـ "العربي الجديد" في هذا الشأن: "غلاء الأسعار أثر بنا كثيراً، فنحن شعب مستهلك ومتطلباتنا كثيرة، فأي سلعة سواء أكانت غذائية أو منزلية تضاعف سعرها في بعض الأحيان إلى أربع مرات عن سعرها الحقيقي". وتلفت إلى انه "بعد رفع الأسعار أصبحنا نقتصد في كل شيء لكي نخفف المصاريف، حتى إن ما أشتريه لعائلتي لا يكفي حاجاتها الغذائية اليومية، ولكن لا يوجد أي بديل عن ذلك". وتضيف إبراهيم أن "هذا الوضع يزيد خنقاً للأسر، خصوصاً مع التأخر في صرف الرواتب الشهرية ما يزيد الطين بلة، ويرفع حجم الديون التي تتراكم على العائلات الليبية شهرياً".
"جهاز الحرس البلدي، وهو الجهاز المعني بمراقبة الأسعار، شبه معطل في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، فأصبح التاجر يضع بنفسه الأسعار التي تناسب ربحه"، هذا ما يقوله أيمن ميلاد من طرابلس، وهو موظف ومعيل أسرة.

ويضيف في حديث مع "العربي الجديد": "أصبحت أقتصد كثيراً في شراء بعض السلع. لا بل إن بعض المواد المنزلية والغذائية استغنيت عنها ولا أشتريها، في حين كنت أعتبرها في وقت سابق من ضمن السلع الأساسية للعائلة، ومنها الفاكهة والحلويات وغيره". ويشرح ميلاد أنه "في ظل هذه الظروف أصبحنا نخفض كثيراً حجم السلع التي نريدها، وبدلاً من شراء كيلو غرام من الأرز نشتري نصف كيلو غرام، وهذا ينسحب على كل المواد، لأن الراتب لم يعد يكفي سوى أيام قليلة من الشهر". ويتابع: "عيد الأضحى قريب جداً، إلا أننا نشهد غلاءً كبيراً في أسعار الأضاحي، وعدد كبير من الأسر وأنا منهم سنستغني عن شراء أضحية العيد إن استمر الوضع على ما هو عليه".

اقرأ أيضاً:الرغيف الليبي يغيب عن المواطنين

أما محمد منصور، وهو صاحب محل مواد غذائية للبيع بالجملة، فيقول لـ "العربي الجديد": "المواطن يتهمنا برفع أسعار المواد الغذائية؛ وهو لا يعلم أن سعر الدولار مرتفع ونحن نشتريه من السوق السوداء، فالمصارف في طرابلس لم تفتح الاعتمادات للتجار، وعندما نذهب إلى المصرف يقولون لنا لا توجد عملة صعبة لدينا فنضطر لشرائه من السوق السوداء. وهذا الشي يجعلنا نخسر كثيراً، ما يضطرنا إلى رفع الأسعار".
ويتابع منصور: "نعم نعرف أن المواطن يعاني من أزمة في قدرته شرائية خصوصاً مع استمرار غلاء الأسعار، وهذا واضح، وهذا الواقع أثر كثيراً على كامل الدورة الاقتصادية والتجارية في البلاد، لكن التاجر أيضاً جزء من المجتمع، وهو يعاني كأي مواطن آخر من المشكلات ذاتها في ما يتعلق بتضخم الأسعار".

المساهمون