الفوضى في طريقها إلى صنعاء!
ماذا دهاكم؟ وما حلّ بكم؟
ما نوع قلوبكم المتحجّرة؟ وما هو مصطلح ضمائركم المُميتة؟
وما معنى وجودكم في السلطة ومراكز القرار؟
ما هذا الضعف والتخاذل الذي يحوم حولكم؟
لماذا طاوعتكم قلوبكم لأن تلعبوا وتعبثوا بقَدَر هذا البلد؟
كان أملنا بكم كبيراً، وثقتنا بكم تتزايد مع كثرة خطابتكم الإيجابية التي تبشّر بالتفاؤل والأمل لصنع مجد هذا البلد. لكن مزاعم تلك الخطابات اتّضحت، وما كانت سوى تضليل إعلامي، وستارٌ لما يجري ويحدث من نعرات وصراع تُحدث شروخاً على جدران الوطن.
نعم أنتم، وليس سواكم، أنتم مَن طلعتم بموافقتنا، وانتصرتم بمعاركنا، وفزتم بأصواتنا، واعتليتم المكانة بخيارنا. نحن الشعب، نحن الوطن، نحن السلطة، نحن كل شيء. نحن مَن نصّبناكم على تلك الكراسي، وأهديناكم تلك القصور والمقرات.
أنتم غلافٌ لنا، وصورة لدولتنا، جعلناكم كستار، واتخذناكم مظلّة لسير سفينة الوطن إلى برّ الأمان، ولكنكم خذلتمونا. نُخاطبكم! نُعاتبكم! نُصارحكم! نُناشدكم!
واليمن على وشك السقوط، وعلى شفى حفرة من النار، والشعب بين وهج الصراعات والفوضى وبؤرة الاقتتال، نتيجة خطواتكم، وقراراتكم، وأعمالكم التي لم تَلد "بُداً"، فما كان عليها إلا ان تختار طريق الدمار، وزرع قنابل وألغام تفتّت نسيج هذا البلد، وتُحرق أجساد أهل الوطن.
خفافيش الظلام تزحف نحو العاصمة، دخلت صنعاء، وتستقل قطار الموت على طريقة الإرهاب تحت مسميات وهمية، وتتحكّم بعصى الخوف، وتستخدم أفعال فرعون، وحتماً ستلهث نحو كراسيكم، وستروي روحها من بحر دمائكم.
يتزعّم الحوثي جماعة متعجرفة، وسفينة قرصنة ستُغرق الجميع، وستشعل نار الظلم بثقاب الأنين. جماعة متوحّشة، تتعطّش لإراقة الدماء، وتتباهى بأعمالها. لكن الطريق إلى صنعاء ليس سهلاً، والقضاء على مَن فيها صعب، والسيطرة عليها مستحيلة. تدرك جماعة الحوثي ذلك، ولا يعنيها أحد، تستخدم القوة بمختلف الوسائل لكي تحقّق مرادها. وقطعت كل تلك المسافات من أجل تحقيق مشروعها، وعبرت الحدود لتحقيق كل أهدافها.
هي لا تبحث عن مال، إنما عمّن يُريد المال، ولا تبحث عن تصفية حسابات، على الرغم من وجود تلك الثغرة بينها وبين مختلف القوى، ولا تبحث عن تجارة أو صفقات، إنما عمّن يريد ذلك وبطريقة سهلة. تفعل ذلك كله، لأجل تحقيق هدف معيّن، تجازف بخطواتها الخاطئة، وتضحي بأفعالها غير الشرعية والخبيثة. وهدفها الدولة، والتمركز على الحكم، والوقوف على عرش المُلْك، والتسلّط على كرسي السلطة. وهذه الجماعة قضت على كل الطبقات الضعيفة، وأحرقت شباك التعليم، وأزاحت روح الأخوّة والمحبّة، وأزالت التطوير والتنوير، واخترقت عقولاً كثيرة بفكرها المُخيف، وطريقتها المزيفة، لتقضي على المستقبل جيلاً بعد جيل. استطاعت، بكل الأدوات والإمكانات المتوفرة لها، أن تستولي على صعده وتُهجَّر سكانها. ولم يكن نصرها نصراً حراً، و"صلباً" وكفاحاً، إنما نصر خادع، وغادر، ومزيّف.
مَن منحهم هذا النصر، هو النظام السابق، بطريقة التفاوض والتعاطي بمختلف المسائل التي تقضيها المصلحة الشخصية المشتركة بين الطرفين. وأعطاهم من التحفّز والنشاط الكثير.
الحوثي في صنعاء، بعدما أسقط صعدة وعمران، وخاض حرباً شرسة في الجوف، وما زال حتى الآن. واتضحت فكرة الحوثي، وظهرت أهدافه الحقيقية، ولم يثبت وجوده إلا بقوة السلاح والعنف، وأبرز عضلاته وسط العاصمة، من دون أي تأثير على مراكز الدولة وقيادتنا الرشيدة.
وأهان كرامة القيادة، وأصرّ على وجود تظاهراتٍ تحت شعاراتٍ مزيفة ووهمية، وفرض نفسه حاكماً لليمن، ودولة داخل دولة. حتى وصل الأمر نتيجة غباء الحوثي، وصمت الدولة عليه، الى إمهال الرئيس عبد ربه منصور هادي، بضعة أيام لإقالة الحكومة، وغيرها من المطالب والشروط التعجيزية، وإلا سيلجأ الحوثي إلى المرحلة الثانية، مرحلة العنف، وطريق الظلام.
الأمر فاق احتمال السكوت والصمت، ووصل إلى حد الجد أو الانكسار، والمواطن في نفق عميق، فإما التصدي الجاد والحقيقي لدُعاة الفوضى الحوثيين، أو الترحّم على الوطن وأهله.

