الفلسطينية ميرفت غزال قلبها موزع بين غزة والقاهرة

الفلسطينية ميرفت غزال قلبها موزع بين غزة والقاهرة

13 يوليو 2014
ميرفت غزال خلال مناقشة رسالة الدكتوراه (العربي الجديد)
+ الخط -

القصف والاعتداءات الصهيونية أمر طبيعي، تعوّدَ عليه أهالي قطاع غزة المحاصر، أما الهدوء والسكون فهما الاستثناء.

ميرفت عاطف غزال أكاديمية فلسطينية تعيش في مصر منذ سنوات عدة، وعائلتها مشتتة بين البلدين، فوالداها المسنّان يقيمان معها في قاهرة المعز، بينما إخوتها في غزة، وسط القصف وتحت نيران الاحتلال.لا تكتمل فرحتها أبدا، حيث لا يغادرها القلق على ذويها هناك، ولا تجد ما تصف به حالها سوى أنها "بين نارين". ميرفت، الحاصلة على الدكتوراه من معهد البحوث العربية بعنوان "الأبعاد المالية والتنموية للمشاركة الأوروبية المتوسطية"، تنسى كونها أكاديمية، وتتذكر فقط أنها مواطنة فلسطينية.​

المعادلة صعبة بالنسبة إليها، وهي التي كثيرا ما يجول في خاطرها موعد العودة إلى بلدها فلسطين، والاستقرار في مسقط رأسها غزة، ولكنها لا تلبث أن تتذكر حياتها في مصر ووالديها.

"الله اختارني لرعاية والديّ"، تقول ميرفت، لـ"العربي الجديد"، فوالدها ناهز عمره الـ78 عاما، ووالدتها تبلغ من العمر 72 عاما، مضيفة: "والدي أجرى عملية جراحية كبيرة منذ فترة، والتواجد في مصر أنسب له من غزة، من حيث الرعاية، وهو ما يُصعّب علينا المعادلة وفكرة العودة"، حسب قولها.

وتوضح "الرعاية الصحية غير متوافرة طوال الوقت في غزة، وأبي لا يستطيع المكوث في مكان يصل قطع الكهرباء فيه إلى أكثر من 8 ساعات متواصلة. وبحكم سنه والعملية الجراحية، التي أجراها، فإن غياب الكهرباء وأصوات الانفجارات خطر على حياته".

لا تدري ميرفت لماذا يخاف والدها من أصوات الانفجارات، رغم تعوّدهم عليها، ولكنها تعود بذاكرتها إلى عام 2002، وتروي مشهدا لا يغادرها: "ابن عمي كان شابا يبلغ من العمر 23 عاما، استشهد بين أيدينا في قصف منزلهم، وعلمنا بعدها أن الصهاينة استهدفوه بتهمة انتمائه إلى كتائب عز الدين القسام".

كل المشاهد الحزينة تعود إلى مخيلتها مع بدء الحرب على غزة. قلقها على شقيقتيها وأشقائها هناك يدفعها إلى الاتصال بهم كل حين. "أجهزة الكمبيوتر مفتوحة دائما، وكذلك قنوات الأخبار طوال 24 ساعة، وهاتفي الجوال لا يفارقني، لأطمئن عليهم في كل دقيقة".

من بين المكالمات التي تأثرت بها، مكالمة لابن شقيقها الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره، كلماته ترن في أذنيها في كل لحظة: "بدّي أموت على طول، ما بدّي أتصاب وأتعـّـب أهلي معي".

شقيقتاها واثنان من أشقائها، جميعهم، الآن يجلسون سويا في منزل واحد، بعد أن اقترب القصف من منزل أحدهم بالقرب من منطقة جبل الريّ، وعلى الرغم من صعوبة الأوضاع هناك، إلا أن مكالمة واحدة منهم كفيلة بصناعة المعجزات، تقول ميرفت "هم يثبتوننا ويصبروننا".

تجد نفسها مضطرة، بين لحظة وأخرى، إلى تهيئة والديها المسنين لسماع أي خبر مزعج، تحاول إقناعهما بأن منزلهم قد يقصف في أية لحظة "لازم نستعد لهذا الخبر. ألسنا مثل بقية الناس؟".

وبين والديها في مصر وأشقائها في غزة، تتذكر شقيقا آخر، مقيماً في السودان يبحث عن عمل، وأطفاله وزوجته في غزة، وغير مسموح له بالقدوم إلى مصر، وكذلك غير مسموح له بالمكوث في السودان دون عمل. تفكر فيه، فماذا عساه يفعل؟

"نفسي أبكي، لكني غير قادرة"، هكذا تقف ميرفت عاجزة، وهي التي تتمنى البكاء، علّه يخفف عنها بعضاً من هموم كثيرة ارتوى بها قلبها، لكنها في النهاية إن فعلت، وأطلقت العنان لعينها بالبكاء، فإنها تتذكر سريعا والديها، وتكرر "إنهما يستمدان القوة والصبر مني".

المساهمون