الفلسطينية الأميركية نورا عريقات...نشاط متعدد الأوجه في المجتمع الأميركي

الفلسطينية الأميركية نورا عريقات...نشاط متعدد الأوجه في المجتمع الأميركي

16 سبتمبر 2017
نورا عريقات... شابة فلسطينة ناشطة في المجتمع الأميركي(العربي الجديد)
+ الخط -
تنوعت موجات الهجرة العربية إلى الولايات المتحدة ومعها كذلك ظروف عيش الأمريكان العرب وعلاقتهم بالبلاد التي ينحدر منها الآباء أو الأجداد من جهة، وبالولايات المتحدة التي نشأ فيها أولادهم، من جهة أخرى. واحدة من هؤلاء هي الفلسطينية نورا عريقات...

تعمل اليوم أستاذة في جامعة جورج ميسون، في ضواحي واشنطن العاصمة وهي متخصصة بالقانون الدولي، وتركز في بحثها وعملها على الأمور المتعلقة بحقوق الإنسان والأمن القومي و"قوانين الحرب" واللاجئين

تُعرف نورا عريقات عن نفسها في واشنطن بطريقتها الخاصة في حديث مع "العربي الجديد" بالقول: "لا أحبذ التعريف بنفسي كأستاذة جامعية أو بالطريقة التقليدية، بل أنا امرأة ككل النساء اللاتي قاومن على أكثر من جبهة، فوعي السياسي بدايته اجتماعية، من أجل خلق مجتمع أفضل يرتكز على المساواة والعدالة الاجتماعية ويحارب القمع".

محلياً، في الولايات المتحدة الأميركية، فإن اسم نورا عريقات من الأسماء المعروفة في أوساط النشطاء المهتمين بقضايا الشرق الأوسط عموماً وفلسطين خاصة. فإلى جانب بحثها الأكاديمي فهي حاضرة في وسائل الإعلام الأميركية، وعلى الأرض، شاركت في كثير من البرامج والمناسبات وتنشر المقالات المتعلقة بالغالب بالقانون الدولي وقضية فلسطين.

ولدت عريقات في كاليفورنيا لوالدين فلسطينيين من أبو ديس، بالقرب من القدس. تقول إن والديها، كالكثير من العائلات الفلسطينية والعربية، كانا يخافان ويثنيان أبناءهم عن الانخراط في أي نشاط سياسي.  ولكن كفتاة كانت معاناتها مضاعفة، خاصة أنها ولدت لعائلة محافظة. وتقول إن وعيها السياسي الأول كان نسوياً، ومتعلقاً بحقوقها كإمرأة . من تلك المرحلة انتقلت عريقات لتطرح أسئلة حول محيطها الأميركي وتعامله مع الأقليات، كالأمريكان من أصول أفريقية والسكان الإصليين كما لاحظت  الفروقات الطبقية القوية في المجتمع الأميركي. 

اتجهت في البداية لدراسة التنمية الاقتصادية في جامعة بيركلي في ولاية كاليفورنيا. وتصف نقطة التحول في حياتها، والأثر الكبير عليها كشابة نشطت في الحركات الطلابية اليسارية في جامعتها، والمعروفة بحركاتها الثورية بين الطلاب، حين وعت على حصار العراق الذي جوع وأنهك شعب البلد بأيد أميركية في تسعينيات القرن الماضي. إذا، في البداية لم يكن الأمر متعلقاً بفلسطين فقط.

الشعور بالذنب
عاشت نورا عريقات في فلسطين عام 2000، ضمن برنامجها التعليمي في بيركلي، فهي منها ومولودة خارجها، فتصف مشاعرها بالقول "ثمة شعور بالذنب، يولد عند الكثير من الذين يولدون خارج السجن الكبير، أي الوطن المحتل. شعور بأن هناك رسالة كذلك علي أن أحملها وأن استغل جنسيتي الأميركية وتمكني من الحركة بحرية من أجل دعم قضية شعبي وقضايا حقوق إنسان أخرى داخل الولايات المتحدة".

تذكر عريقات جيداً عودتها من فلسطين إلى جامعة بركلي بعيد اندلاع الانتفاضة الثانية. كانت النشاطات الطلابية السياسية للحركات اليسارية قد تكثفت وأخذت مسارات أكثر حدة. كما أسس بعض الطلاب أول فرع لحركة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، والتي أسسها طلاب عرب وأميركان وغيرهم.
وتتذكر عريقات جيدا الاجتماعات الطلابية للحركات المختلفة والنقاشات حول سبل التحرك داخل الحرم الجامعي. ومن ضمن تلك الفعاليات نصب الخيم للحديث عن قضايا اللاجئيين والمظاهرات دون ترخيص واحتلال أحد مباني الجامعة. 


وعن احتلال مبنى قسم الأدب الإنجليزي تقول عريقات "كنا قرابة ثلاثين شخص داخل البناية وأربعين خارجها كانوا يتظاهرون. دخلنا إلى كل غرفة وصف. وكنا نقول للطلاب والأساتذة هذه البناية محتلة ونطلب من الجميع الخروج فورا. وإذا كنت تعتقد إن هذا التصرف غير عادل من قبلنا فنريد أن نذكرك أن احتلال فلسطين جار منذ عقود وهذا ما يحدث لهم. اجبرنا الطلاب على الخروج ثم أقفلنا الأبواب من الداخل بالأقفال. استمر احتلال البناية لحوالي أربع ساعات وفي الخارج كانت احتجاجات ثم اقتحمت الشرطة المبنى وقبضت على الجميع وأخلوا سبيلنا لكثرة عددنا. وأخذت القضية صدى واسع في الجامعات. من هنا انتقلت حركة ”طلاب من أجل العدالة في فلسطين“ إلى جامعات أخرى“. 

المستشارة عريقات

انتقلت بعدها نورا لدراسة الحقوق، وعملت ضمن مؤسسات مختلفة وكانت ضمن مجموعة من المحامين الأميركان الذين ذهبوا إلى غزة عام 2009 للتحقيق وتدوين الجرائم التي ارتكبت هناك.

عملت عريقات لسنتين كمستشارة قانونية للجنة المتابعة والاصلاح الحكومي في مجلس النواب الأميركي. وتقول إن تجربة العمل في الكونغرس ساعدتها على أن تستوعب بشكل أفضل طريقة عمل القوى السياسية في الولايات المتحدة وكيف يمكن التأثير وبهدوء على مراكز القوى. كما درّست في جامعة جورج تاون في واشنطن دورات عن قانون حقوق الإنسان عام 2009 قبل أن تذهب عام 2010 كباحثة زائرة إلى الجامعة الأميركية في بيروت، حيث عملت مع المحامي اللبناني نزار صاغية على قضايا مختلفة من بينها الحبس الإداري للاجئيين العراقيين. وساعدت صاغية على تأسيس مؤسسة  “المفكرة القانونية” في لبنان. تقول نورا عريقات إن  تلك التجارب المختلفة كان لها أثر كبير حيث جعلتها تعود إلى البحث والحقل الأكاديمي فدرست القانون وحصلت علـى ماجستير من جامعة جورج تاون بتخصص في القانون والأمن القومي.  


تنشط عريقات في أكثر من مجال وتحاول الربط بين النظري الأكاديمي والعمل السياسي/ الاجتماعي/ الثقافي. فهي من مؤسسي مهرجان واشنطن للفن والأفلام الفلسطينية، والذي يقام سنويا في العاصمة الأميركية بمجهودات شخصية وتطوعية. ودعى مركز لينكون الشهير نورا عريقات والقائمين على المهرجان لتقديم برنامج ثقافي خاص بفلسطين لمدة ساعة على مسرحه تحت عنوان ”أنا من هنا، أنا من هناك“. ناهيك عن نشاطها ضمن حركة المقاطعة الأكاديمية والفنية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والعمل من أجل إقناع مشاهير أمريكان في عدة مجالات بعدم تلبية دعوات رسمية من قبل الاحتلال لزيارة البلاد. وآخر تلك الزيارات التي ألغى بعض المشاهير مشاركتهم بها، كانت للاعبي الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية. ويعد اقناعهم انجازا كبيرا وذلك للشهرة والشعبية الكبيرة التي يتمتع بها هؤلاء اللاعبين، كمايكل بينيت، في الولايات المتحدة. 

حصلت عريقات على جوائز واختيرت لمناصب شرفية عديدة من بينها جائزة ”ناشطة العام“ عن “مركز واشنطن للسلام“ عام 2104. كما اختارتها، عام 2015، ”جمعية التنمية الدولية وجمعية النساء القانونيات“ في قسم القانون لجماعة هارفرد لتكون من بين النساء اللواتي يلهمن التغيير. وحصلت كذلك عام 2016 على جائزة ناشطة العام من ”جمعية النساء الفلسطينيات الأمريكيات“. وحصلت على ”جائزة القدس“ للنشاط (السياسي) لعام 2017 عن ”جمعية النساء المسلمات الأميركيات من أجل فلسطين“.  

حالياً تستعد عريقات لإصدار كتابها الأكاديمي الأول والذي يبحث العلاقة بين القانون الدولي والسياسة، وكيف يتم تطبيق هذه القوانين في السياسات الدولية المتعلقة بفلسطين في القرن الأخير.

المساهمون