العودة إلى الكهف

العودة إلى الكهف

24 فبراير 2016
تتكل على المحسنين (توماس كوهلر/ Getty)
+ الخط -

ربّما يؤدي الفقر ببعض العائلات إلى أن تنام في مراحيض عامة، أو بين صناديق بلاستيكية، أو في إسطبلات وغيرها. هذه المشاهد تمكن رؤيتها في عدد من مناطق المغرب. وبطبيعة الحال، يعاني هؤلاء من أوضاع اجتماعية ونفسية قاسية، ويتكلون بمعظمهم على المحسنين، علماً أن بعضهم عاجزون عن العمل.

قبلَ أسابيع، رأى مغاربة على موقع "يوتيوب" فيديو لأسرة فقيرة تعيش في كهف في إحدى المناطق الريفية في شمال البلاد، يعاني أفرادها من إعاقات جسدية. في الفيديو، يظهر أن الأم عاجزة عن المشي، ولا تستطيع الحراك إلا زحفاً. أيضاً، يمشي ولداها بصعوبة ويرتديان ملابس رثة. أما الوالد فقد أقعده مرضه. هذه الأسرة الفقيرة كانت تضطر أحياناً إلى الاعتماد على روث الحيوانات والحشائش، قبل أن يعرض ناشطون حقوقيون وإعلاميون قصة هذه العائلة عبر الإنترنت "لمن يهمهم الأمر".

في السياق، يقول أحد الناشطين الذين تابعوا قصة هذه الأسرة لـ "العربي الجديد" إن "التعاطف الذي أبداه آلاف المغاربة إزاء هذه الأسرة كان كبيراً"، لافتاً إلى أن "من رأى هذه المعاناة بأم العين سيُصدم. تعيش العائلة في كهف لا يصلح إلا للحيوانات". ويوضح أن الأم كانت تزحف على ركبتيها، وتقول كلمات غير واضحة، فيما لا يقوى ولداها على فعل أي شيء، وقد اضطروا إلى العيش في كهف أشبه بإسطبل.

في مدينة مغربية أخرى، عاشت أسرة تعاني من الفقر أيضاً داخل صناديق بلاستيكية تقيها من البرد والأمطار. كانت الأم تمد يدها للمارة من أجل سد رمق أبنائها بعدما توفي ابنها الذي كان يعيل الأسرة، ما قلب حياتها رأساً على عقب.

تقول الباحثة الاجتماعية ابتسام العوفير لـ "العربي الجديد" إنه "لحسن حظ المجتمع المغربي، ما زالت أيادي الخير موجودة لمساعدة هذه الحالات. وكثيراً ما اشترى محسنون شققاً لأسر فقيرة كانت تبيت في الشارع"، مشيرة إلى أن التكافل الاجتماعي ما زال موجوداً في المجتمع المغربي.

ورداً على سؤال حول مشاهد أطفال أو مشردين يأكلون من فضلات الطعام، تقول إن الأمر ليس مرتبطاً بالفقر فحسب، بل أيضاً بالتشرّد والتسكّع في الشارع. تضيف: "في المغرب، لا يموت الفقراء من الجوع، بسبب التضامن الاجتماعي الذي ما زال موجوداً، على الرغم من التحولات العميقة في المجتمع".

اقرأ أيضاً: وزارة الأوقاف غنيّة والأئمة فقراء في المغرب

في تونس، لا يبدو أن حياة الفقراء تختلف كثيراً. في ساعات الفجر الأولى، تخرج سعيدة س. إلى الشارع لجمع القوارير البلاستيكية وبعض بقايا الخردة التي تجدها في الفضلات، ومن ثم تضعها في كيس كبير. تعيش سعيدة على هذه الحال منذ ثماني سنوات. هي أم لثلاثة أطفال لا معيل لهم غيرها بسبب وفاة زوجها. تقول إنّها تجد في الفضلات ما يمكن أن تبيعه، أو يكون صالحاً للاستهلاك. وليس هناك حل غير جمع القمامة والمواد التي يمكن بيعها، لتوفير مبلغ بسيط يصل إلى نحو 15 دولاراً يومياً. هذه المرأة هي من بين 70 ألف تونسي يقتاتون من النفايات، كما أعلن مدير الوكالة الوطنية للتصرّف في النفايات عمر الزواغي.

من جهته، يقول علي ب. الذي يعيش وحيداً في إحدى ضواحي العاصمة، إنه يضطر للنوم في أحد محال تصليح السيارات أو محطات الوقود. يجمع القمامة والمواد التي يمكن إعادة تدويرها، حتى يستطيع توفير مبلغ بسيط. يعاني من مرض السكري، ويجد نفسه غير قادر على العمل في كثير من الأحيان. يضيف أنه يتكل على مساعدات بعض الناس الذين يقدمون له الطعام والثياب.

إلى ذلك، تشير الأرقام الرسمية الصادرة عن معهد الإحصاء ووزارة الشؤون الاجتماعية إلى ارتفاع نسبة الفقر في البلاد، والتي بلغت 25 في المائة من السكان، بالإضافة إلى وجود أكثر من 800 ألف عائلة معوزة. في حين تشير تقارير أخرى إلى أن مئات العائلات التونسية الفقيرة تضطر إلى البحث عن قوتها اليومي في حاويات القمامة. يقول صالح ع.، والذي خسر بيته عام 2012 بسبب انهيار ثلجي، إنه يعيش وعائلته في غرفة واحدة. ليس لديه مورد رزق باستثناء بعض المساعدات.

اقرأ أيضاً: مستشفى وحيد في تونس لعلاج الآلاف