العرب ومواجهة إيران

العرب ومواجهة إيران

26 فبراير 2019
+ الخط -
عندما يتحدث العرب الذين يشكلون محور مواجهة إيران عن مواجهتها، فإن أكثر عبارة مستفزة دائما يتفوهون بها، هي "غياب المشروع العربي". طبعا لم تعد تُذكر هنا عبارة "مواجهة العدو الصهيوني" بالمرة، ونحن نعلم أنه لا يمكن لعرب بهذه الحال من الهوان والذل أن يكون لهم مشروع، أو حتى التفكير بأي مشروع مهما كان هذا المشروع، هم فقط برعوا في تدشين مشروع التطبيع مع دولة الإحتلال اليهودي، ويتفاخرون بذلك مستفزين شعوبهم المقهورة.
لكن لماذا فعل العرب ذلك؟ لأن شوكتهم كُسِرت وذهبت في داهية، وهذا كان نتيجة طبيعية للفساد والاضطهاد والديكتاتورية والفردية وإهدار الموارد والمليارات في سبيل صون أنظمة عميلة فاسدة، وشراء أسلحة ما زلنا نراها تستخدم فقط ضد الشعوب العربية.
المفارقة العجيبة أن هذا المحور العربي الذي صدّع رؤوسنا اليوم، وهو يتحدث عن مواجهة المشروع الإيراني في الوطن العربي، وهو يبرّر أنه طال عدة عواصم عربية. والحقيقة أنّ هذا المحور هو من ساعد إيران على اختراق هذه العواصم كالعراق وسورية واليمن وغيرها من الدول العربية، عندما ساند المشروع الصهيوأمريكي في هذه الدول ودفع مئات المليارات من الدولارات وجنّد إعلامه بشكل مخزي في سبيل ذلك.
ما الذي فعله العرب في مواجهة إيران ومشروعها؟ لم يفعلوا شيئا صراحة، سوى أنهم يتقربون بشكل علني من دولة الاحتلال اليهودي ويطبعون معها، ويزرعون الفتن بين الشعوب العربية، فهم دمروا المقاومة الفلسطينية وتآمروا عليها، وهاهم يدمرون ما تبقى من تلك الإتحادات الهشة أصلا، كمجلس التعاون الخليجي، ويتنازلون عن مقدرات شعوبهم ويحملونها الديون لعشرات السنين القادمة، وآخر ما فعلوه للتو في مواجهة المشروع الإيراني هو تسليمهم مفاتيح القدس لبنيامين نتنياهو في وارسو، بينما غاب عن هذا المشهد الدنيء هناك في وارسو، روسيا والهند والصين وأوروبا والدول الإسلامية الرافضة لدولة الإحتلال، بينما لم يجد العرب التي جمعتهم أميركا هناك، بأوامر يهودية إسرائيلية، سوى الخجل من تسريب تلك الفيديوهات التي تناقلها العالم العربي كمادة للفضائح.
بينما إيران تواجه العرب بأن أنشأت دولة مؤسساتية بامتياز مقارنة بجيرانها العرب، وعملت على امتلاك أسرار الصناعات الحربية والنووية الرادعة، وكان آخرها تدشين الغواصة "فاتح" محلية الصنع بالكامل والمزودة بصواريخ كروز، هذا عدا عن الصواريخ الباليستية، فهل يستوجب مواجهة الخطر الإيراني من قبل العرب إعلان نتنياهو زعيما على الأمة العربية كاملة، والتنازل عن الأقصى لقطعان المستوطنين وتسليمه مفاتيح القدس يا أمة العرب؟!
BB0E1626-EC3F-46CE-91BA-116FA9609C27
BB0E1626-EC3F-46CE-91BA-116FA9609C27
بشار طافش (الأردن)
بشار طافش (الأردن)