العرب أمام سؤال الهوية

08 يوليو 2014
+ الخط -


يتعرّض الإنسان العربيّ، في وطنه، إلى عوائق كثيرة في مختلف مناحي حياته، وبمجرد أن يحاول المساهمة، أو المبادرة، لإفادة وطنه ومجتمعه، أو إذا حاول الاعتراض على مظلمة عامة، أو ظلم يمسّه بصفة خاصة، فسرعان ما يتم سؤاله عن هويته وطائفته وانتمائه ودينه وعشيرته، إلى حدٍّ صارت فيه الهوية الوطنية الجامعة الموحدة سلعة نادرة في الأقطار العربية، وأصبحت مفهوماً استثنائياً، بعدما حلت مكانها هوية التعصب الحزبي، والفرز الطائفي، والانقسام الديني، المحملة بكل ما في العنصرية من صفات، مدعيةً الديموقراطية في الوقت ذاته.

يُصنع مقام للاشتراكية، ومزار للبعثية، وآخر للقومية أو للناصرية، وأبواب كثيرة أخرى للتحزبات الدينية، حتى تشتت الناس بينها، وصار المواطنون لا يجدون ممرات آمنة للبقاء في أوطانهم، والمشاركة في مسيرة التقدم والبناء، والحفاظ على استقرار بلدانهم، بغير محاباة هذه الهويات الصنميّة.

يمكن حصر الخلل الفعلي في عدة تمثيلات، جاءت من صنيعة الديكتاتوريات والاستعمار، من تفريخ وعي مشوَّه، وهويات زائفة، وديموقراطية هجينة، وإسقاط للمطالب والمقولات الوطنية، ولكل الحقوق الشرعية، وللمشاركة الشبابية، كما استطاعت الديكتاتورية التوغل في المجتمعات العربية حتى النخاع، وأذلَّ الحكامُ الشعوبَ، وحكموهم بالعصا البوليسية.

القفز عن كل هذه التشوهات، لا يتم بعيداً عن صياغة مواطِن صافي الانتماء لوطنه، قادر على التفكير فيما يمكنه الخروج بما ينفع الجميع ويفيد الوطن ومستقبله، ليكون خالياً من التلوث الديكتاتوري المستفحل في المنطقة العربية منذ زمن بعيد. كذلك من المهم إعادة الثورات السلمية إلى الشوارع، بدون تحزبات ضيقة، وانقسامات تسطيحية للقضايا الأساسية، قبل فوات الأوان، والأهمّ أن لا يستسلم الشباب العربي للواقع العسكري المفروض على الرقاب.

ظلت الدكتاتورية العربية، طوال عمرها، تقتات على الكراهية، وخلق المخاوف، والخطط التآمرية التي لا تخدم غير أهدافها الاستبدادية، وكلما استيقظت الشعوب للمطالبة بحقوقها المشروعة، نجد الديكتاتورية سرعان ما تعمل على بث الفرقة والنزعات الضيقة المقيتة بين أبناء الشعب الواحد، لذلك، لا يكون الردّ على ما يحاك ضد شعوبنا إلا بتقوية هويتنا الأم وتمتينها، بعروبتها وإسلامها، ولغتها وثقافتها. 

avata
avata
سعيد النظامي (اليمن)
سعيد النظامي (اليمن)